عين الوطن الساهرة (6)..كيف تحوّل محاولات تجنيدك إلى صفعة للعدو

العميد القاضي دكتور حسن حسين الرصابي/

في زمن الحروب الهادئة، حيث لا يُسمع دويّ الانفجار، تتجه أعين الأجهزة الاستخباراتية المعادية إلى ساحة المعركة الأكثر حساسية: العقل المواطن. لم يعد الجاسوس هو الشخص الذي يقترب منك بوضوح ليطلب منك "الخيانة"، بل هو شبح يتسلل إليك عبر شبكة من الإغراءات، أو خيط رفيع من الابتزاز، أو حتى استغلال الحاجة والضعف.

عين الوطن الساهرة (6)..كيف تحوّل محاولات تجنيدك إلى صفعة للعدو

إن الخطر يكمن في البراءة، وفي اللحظة التي يُصبِح فيها أي منا، دون أن يدري، مجرد مشروع جاسوس.

  1. فك شفرة الاستدراج: كيف تبدأ المؤامرة؟

تعتمد الجهات المعادية على مبدأ "الصيد الناعم". لا يهم موقعك الوظيفي، بل يهم مدى ملاءمتك النفسية والذهنية لتكون أداة طيعة. قد تبدأ العملية بما يلي:

* الإغراء: عروض وظيفية مغرية خارج البلاد، منح دراسية مشبوهة، أو دعم مالي سخي لـ "مشروع إنساني" غامض.

* الإيقاع: التوريط في علاقات أو مواقف شخصية يتم توثيقها سراً، لتصبح لاحقاً مادة للضغط والابتزاز.

* التغلغل: التوظيف الممنهج للأيديولوجيات المشوهة أو المظالم الفردية لخلق حاجز نفسي بين الفرد ووطنه.

هذا التكتيك يعني أن كل مواطن يمتلك وعياً ويقظة هو درع دفاع متحرك؛ فالفخ لا يوضع إلا للغافل.

  1. شجاعة البطل العائد: الإبلاغ هو البطولة

اللحظة الأشد خطورة هي اللحظة التي يكتشف فيها الشخص أنه تم استدراجه بالفعل، أو أنه سار خطوات في طريق الندم. هنا يتدخل الوازع الوطني ليقول: لم يفت الأوان بعد.

إن القدوة الوطنية تعلمنا أن الاستدراك هو أوج الشجاعة. عندما وجد البطل أحمد الهوان (جمعة الشوان) نفسه في مستنقع الاستدراج الإسرائيلي، لم يستسلم ليأس "انتهى الأمر"، بل تحلى بالجرأة وتحرك مسرعاً للإبلاغ عن كل شيء. النتيجة لم تكن عقاباً أو عاراً، بل كانت تحوله إلى عميل مزدوج وبطل قومي يحمي بلده من الداخل.

الإبلاغ هو الباب المفتوح للعودة والتقدير:

* الأمن هو الضامن: الدولة تمد يد العون لمن يختار العودة والشجاعة، وتقدّر هذا العمل الوطني حق قدره.

* لا تتردد: حتى لو كان مجرد شعور أو حدس، فإن الإبلاغ عن أي محاولة استقطاب مشبوهة هو واجب وطني ومسؤولية أمنية.

* أرقام الإبلاغ هي درعك الأخير: (100، 199، 139) هذه الأرقام ليست للعقاب، بل للتحصين والحماية، ولتحويل خطط العدو إلى معلومات تستفيد منها أجهزة الوطن.

الخلاصة: لا تسمح لجهد العدو في استهدافك أن يذهب سدى. حوّل عملية استدراجك إلى معلومة استخباراتية، وحوّل خوفك إلى شجاعة العودة. إن مصير كل من يختار التمادي في مستنقع الخيانة هو العزل والفضح. أما من يختار اليقظة والإبلاغ، فمصيره هو احتضان الوطن ودرع التقدير والأوسمة والنياشين والتميز.

تقييمات
(0)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا