الشهداء لا يموتون
الشهادة درجة عظيمة لا يمنحها الله تعالى سوى للإنسان المختار، فهو مدافع عن دينه وأهله وماله وعرضه، لذا فإن الله سبحانه وتعالى قد منحه مكانةً عظيمةً،
وأجر الشهيد عند الله أجر عظيم قال تعالى :(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيقْتُلُونَ وَيقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيعِكُمُ الَّذِي بَايعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). صدق الله العظيم.
ويقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل عن الشهيد: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، وفي هذا تعظيمٌ وإعلاءٌ لمنزلة الشهيد الذي يضحي بروحه ودمه لأجل الحق، وإعلاء كلمة الله تعالى، ونصرة الدين والوطن، فالشهيد هو الذي يستحق أن نتذكّره بجدارة، بكلّ ما في الذكرى من معانٍ ساميةٍ، فمَن أعظم منزلةً ممّن يقدّم روحه دون أن يسأل، وهو يعلم جيداً أنها روح واحدة، لكنه يؤمن بعظمة ما ينتظره بعد الشهادة، فالشهيد لا يموت، وإنّما يرحل إلى الجنة.
تأتي الذكرى السنوية للشهيد لاستذكار مواقف الشهداء وتضحياتهم وما سطروه من ملاحم بطولية وانتصارات نوعية في مواجهة جبروت العدوان في مختلف الجبهات, وذكرى الشهيد محطة سنوية يستلهم منها الشعب صموده وإصراره على المضي في النهج القويم الذي سلكه الشهداء الأبرار, وبذلوا في سبيله أرواحهم ودماءهم الطاهرة.
ولا بد من أهمية التذكير بعظمة ومكانة الشهداء عند الله تعالى وتضحياتهم التي قدموها في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي والدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره حيث إن تضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن ستظل راسخةً في قلوب وعقول أبناء الشعب اليمني وأن تلك التضحيات والبطولات ستصنع الحرية والعزة والكرامة للشعب اليمني, وأن إحياء ذكرى يوم الشهيد محطة يستلهم الجميع من خلالها روح العطاء والإيثار والتضحية والشجاعة والثبات التي اختزلها الشهداء وعبروا عنها من خلال مواقفهم وثباتهم في مواجهة العدوان.
ومن هؤلاء الشهداء نستذكر الشهيد المجاهد زياد ابراهيم أحمد الجبل من أبناء مديرية وصاب العالي- عزلة نعمان- قرية الجبل الذي شارك في عدة جبهات ووهب روحه الطاهرة رخيصةً في سبيل الدفاع عن الوطن والذود عنه في جبهات العزة والكرامة, وكانت آخر محطات جهاده جبهة البقع فسلام عليه وعلى كل شهيد وهبنا الفخر والعزة.
هذه المناسبة وهذه الذكرى هي أيضًا لإحياء روح الجهاد والاستشهاد في مشاعرنا وقلوبنا جميعًا كمؤمنين، والشهداء الأعزاء الذين ببركة تضحياتهم، وتفانيهم في سبيل الله، وصدقهم مع الله، وعطائهم العظيم بكل شيء حتى النفس، تحقق النصر والعزة، ودفع الله عن عباده المستضعفين خطر الإبادة والاستعباد؛ لهؤلاء الشهداء عظيم الفضل ورفيع المكانة والحق الكبير علينا تجاههم وتجاه أسرهم، وهم مدرسة متكاملة نعرف من خلالهم الإيمان وقيم الإسلام، من عزّة وإباء وصمود وثبات وتضحية وصبر وبذل وعطاء وسخاء وشجاعة، ونعرف من خلالهم أثر الثقة بالله سبحانه وتعالى.
وفي ذكرى الشهيد يجب أن نستذكر جميعاً مناقبه، وأن نربّي الأجيال على أن يكونوا مثله، وأن نتذكّر تضحياته وشجاعته، ومكانته عند رب العالمين، فهو يشفع لسبعين من أقاربه، ويدخلهم الجنة، فالله تعالى يغفر له جميع ذنوبه في أول دفقةٍ من دمه، ويرى مقعده من جنة الفردوس، فالشهيد في أعلى مراتب الجنة، مع الأنبياء والأولياء والصالحين.
رحمة الله على جميع الشهداء الأبرار, ونسأل المولى عز وجل أن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل, وأن يفك أسر المأسورين إنه سميع مجيب.