زوجة الشهيد أبو عمار القدمي لـ« 26 سبتمبر »:الشهيد جعل حياته حافلة بثقافة الجهاد والبذل بالروح والنفس
تعامل مع اهله وزملائه بالأخلاق والمبادئ والقيم النبيلة وكان متواضعاً ومتفاهماً
الشهيد شجعنا على الصبر وحدثني كثيراً عن الجهاد
ردد مراراً "الشهادة عز ووسام يصطفي الله بها اولياءه المخلصين
في الحديث عن الشهادة لنا وإياكم وقفة تأمل في محطة جهادية واستشهادية تجسدت فيها مواقف سامية مقترنة بالقرآن وثقافته ومفاهيمه العظيمة..
ترجمها قيادي عظيم عرفه الجميع متواضعاً وقلبه مشحون بالإيمان بذل وأعطى عطاء لا حدود له وارتقى حيث اراد الله جل علاه له ان يكون.. معكم نستمد النور من تلك النفس الزكية التي بذلت روحها بسخاء في سبيل الله.. فإلى حصيلة الحوار:
حوار: عفاف محمد الشريف
> أبو عمار القدمي شهيد عظيم سطر مواقفاً عظيمة تجسدت في أخلاقه القرآنية وأدواره الجهادية.. انتِ كشريكة حياته هل بإمكانك ان تعرفينا من يكون الشهيد ابو عمار القدمي؟
>> هو ياسر يحيى القدمي ..من مواليد ١٩٨٦م ولد وتربى في قرية بيت قدم مديرية شرس محافظة حجة .. بدأ مشواره الدراسي في حجة وأكمل دراسته الثانوية في صنعاء، شارك في الحرب السادسة على صعدة.. تزوجت الشهيد ابو عمار سلام الله على روحه الطاهرة قبل تسع سنوات من استشهاده.. وأنجبت منه البتول ..وهي الابنة الوحيدة للشهيد ابو عمار.. كانت حياته حافلة بالجهاد والمشاركة في الكثير من جبهات العزة والكرامة وجرح مرتين والثالثة التي أدت الى استشهاده.. فقد كان ولازال صاحب الروح الطاهرة، كان صبورا محباً حكيماُ وموجهاُ، كان القدوة لأهل بيته ولأقرانه في الجبهات، كان بشوشا ضاحكاً.. كما ان لديه الكثير من الاشعار التي كتبها بنفسه والزوامل التي انشدها هو ورفاقه ولديه الكثير من المحاضرات والكلمات التي لازالت في قلوب محبيه وكل من سمع بها.. وهناك الكثير عن الشهيد ابو عمار القدمي فقد بذل الكثير من العطاء والنضال حتى لقي ربه وهو في جبهة من جبهات العزة والكرامة.
> عرف الجميع الشهيد القدمي بأخلاقه الرفيعة وتواضعه الجم حدثينا عن تعامله الأسري ومدى ارتباطه بأهله وما كان من غيابه الطويل في جبهات العزة الذي كان يصل لعدة أشهر متواصلة؟
>> كان تعامله حنوناً جداً ومتواضعاً ومتفاهماً مع أسرته، استمر زواجنا تسع سنوات لم اعرف منه خلالها كلمة جارحة أو كلمة تزعجني رغم همومه الكبيرة ومشاغله إلا انه في ايام زيارته كان لا يشكو هما ولا حزناً ولم أسمعه يتأفف قط.. بل كان صبوراً محباً لي ولابنته وسائر أسرته الكريمة.. في غيابه عندما كنت اشعر باشتياقي وفقدي له كان يزيدني ثباتاً بكلماته الرائعة والمحفزة التي كانت تصبرني على بعده وفي كل مره كان يغيب فيها مطولاً كان يأتي معتذرا محثاً لي على الصبر ويذكرني بزينب سلام الله عليها وصبرها وثباتها ومن اشعاره لي في ذلك ..(قولنا بهذا الصبر نبغى الوسيلة..إلى الله يا أخت الكرام ولأسوى.. فأطيبي الحياة وافخري أن بعلكي مع الله قد شد الرحال مجاهدا).
> أنتِ كزوجة قيادي محب للبذل والعطاء ماذا كان دورك في هذا المضمار الجهادي هل كنتِ تشجعين تحركه الجهادي؟
>> نعم وذلك من خلال الدعاء له واستيداعه الله ان يحفظه بحفظه.. أما تشجيعه في تحركه الجهادي فهو من كان يشجعني على الصبر ويحدثني عن أهمية الجهاد وأهميته في هذا الوقت بالذات ولم يكن يحتاج لأي تشجيع فهو لم يتقاعس يوماً عن الجهاد.. بل كان يحثني على الدعاء له الذي لم أنساه يوماً وإلى اليوم وأنا أدعو له..
> هل من اقوال وعبارات كان يرددها الشهيد سلام الله عليه ولازالت تحدث أثراً في واقعكم؟
>> نعم.. هناك أقوال كثيرة أثرت فيني وفي كل من حوله فمن كلماته (كن مع الله يكون الله معك ) كان يرددها دائما ..وكذلك عندما كان يشكو إليه أحدهم من الدنيا وأحوالها كان يقول (ياصديقي قم تحرك ما على الدنيا العوج.. واعلم أن الله ألزمنا بمنهج ماجعل له من عوج.. في سبيل الله خط الاستقامة) كما كانت لديه أقوال عن الصبر وحثنا عليه ومنها ماكتب في رسائله لي (وماكان صبري غير في الله ابتغي ..إليه به القرب لننجو به سوا) وكان يردد التسبيح والحمد دائما ويحثنا على المداومة عليها ..كما كان يقول إن الشهادة عز ووسام يصطفي الله بها أولياءه المخلصين وانه يجاهد إما للنصر أو للشهادة ولديه الكثير من الكلمات والاشعار في ذلك ومنها..(قد عزمنا وعلى الله اتكلنا وانطلقنا صادقين.. في سبيل الله أرخصنا دمانا والجماجم طالبين.. نصر وإلا يختم الله بالشهادة) وكذلك الكثير من الأشعار والكلمات التي يرددها كل من حوله والتي أثرت فيهم وفينا بشكل كبير ..وإذا حاولنا سردها فلن يتسع المجال لذلك فله في كل جبهة شارك فيها أثر وله في كل مكان عاش فيه أثر لن ينسى..
> في درب الشهيد النضالي فقد إحدى عينيه هل بالإمكان أن توضحي لنا أين وكيف حدث له ذلك وهل جرح غيرها في مشواره الجهادي؟
>> فقد الشهيد عينه في الحرب على عمران من خلال المواجهة وذلك بعد أن تم قنصه في عينه اليمنى وعلى اثر ذلك فقدها ولكنه بعد علمه أنه قد فقد عينه فرح فرحا شديداً، قال لم استشهد ولكن عيني سبقتني بالشهادة ..كما أنه جرح مرة ثانية في الوازعية خلال قصف الطيران, أصيب على إثره بجراح شديدة في ظهره وفي كامل جسده لزم على أثرها العلاج لمدة شهرين ولم يتعاف كلياً. حتى التحق بالجبهة رغم جراحه لأنها لم تزده إلا حباً وثباتاً .. وجرح المرة الثالثة واستشهد على إثرها ..
> هناك صورة تناقلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لسماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وابقاه وهو يقبل رأس احد الجرحى وعينه مربوطة بعصابة وقيل إنها للشهيد أبو عمار القدمي ماصحة ذلك؟
>> نعم وكانت في أحد الزيارات للشهيد من قبل السيد حفظه الله.
> مامدى انعكاس توجهه الجهادي على أهله وأبناؤه بشكل خاص؟
>> ليس لديه أبناء سوى ابنه واحدة فقط وهي البتول.. ولكن رغم صغر سنها إلا أنها متأثرة بأبيها تأثراً شديداً وبجهاده.. وكما أن جهاده أنعكس على أهله وبقية أهل بلاده انعكاساً ايجابياً قبل استشهاده بفترة ليست بقليله التحق به الكثير من أهالي حجة ومن مناطق أخرى ممن كانوا يعرفونه ويعرفون نضاله وجهاده وتعامله مع أفراده ومع من كانوا يجاهدون معه في نفس الجبهة وكانوا يأخذون منه الصبر والحكمة والمشورة ..
> كيف استقبلت خبر استشهاده سلام الله عليه ؟!
>> كان خبر استشهاده فاجعة كبرى لي ولكل من عرفوه فلم نتوقع ان نفقده يوما ما رغم كلماته التي كان يذكرني فيها دائما أنه قد يأتي إلي يوما شهيدا أو يأتي خبر استشهاده.. ولكني حمدت الله كثيرا رغم وجعي ولكن كلما كنت أتذكر كلماته بأنه لم يذهب للجبهة هباء بل للنصر أو للشهادة بل كان هناك مقطع من أشعاره يقول..( باننتصر في الحرب أو نستشهد وياسعد من يحظى بإحدى الحسنيين.. والنصر من ربي قريب مؤكدا.. ما غير نتسبب وربي بايعين) فأصبر وأحتسب وأقول في قرارة نفسي تمناها وفاز بها فلماذا الوجع ..وعاهدت نفسي أن أظل صابرة كما أرد أن أكون ..
> ماذا تعلمت من زوجك الشهيد ؟!
>> الصبر والشجاعة والعزة والإباء ومحاربة أعداء الله بقدر الاستطاعة والانفاق في سبيل الله ورعاية المستضعفين ..وتعلمت البذل والعطاء.. والعفو والمغفرة عندما نتلقى الإساءة وعدم التساهل في أداء الواجبات والطاعات لله.. كما أني تعلمت منه التواضع مهما كانت الأوضاع وعدم السخرية والشماتة.. وصلة الرحم, تعلمت منه الكثير من الأشياء التي غرسها في من خلال تعامله وتصرفاته معي ومع الغير.
> يتساءل الكثيرون الشهيد أبو عمار ماذا ترك لأسرته من بيت أو إرث مالي؟
>> دخل الشهيد في المسيرة القرآنية وهو لا يملك شيئا وخرج منها كما دخل من الناحية المادية وهذا دأب الصادقين والمخلصين والمجاهدين لكنه ترك لنا إرثاً كبيراً من العزة والكرامة ودروساً كثيرة لا يمكن حصرها في كل مناحي الحياة كما أوردنا في إجاباتنا المختصرة والموجزة في الإجابة على الأسئلة السابقة وهذه نعمة من الله سبحانه وهي أغلى من كنوز الدنيا ومجوهراتها ولله الأمر من قبل ومن بعد..
> في أسبوع الشهيد ماذا تحبون ان تهدوا روح الشهيد من كلمات؟
>> شهيدي وسندي ومصدر قوتي افتقدناك كثيراً أيها الشهيد الحر افتقدت كلماتك التي كانت تحثني على الصبر والجهاد وزيادة التسبيح والحمد وتكراره دائما.. صحيح أنك لم تعد على الدنيا حيا ولكنك عند ربك حيا وهذا ما وعد الله به الصادقين وأنت من قلت الشهادة عز ووسام للعظماء وانت اصبحت عظيما كما كنت دائما وخلدت عظيما.. فأنت عزي وفخري ومصدر شجاعتي وسأظل أنا وأبنتك وأسرتك وكل من عرفوك مفتخرين بك طيلة حياتنا إلى أن يجمعنا الله بك في مستقر رحمته.. شهيدي البطل عشت عزيزا ومت شهيدا..
> في الذكرى السنوية للشهيد ماذا تحبون أن تقولوا لأسر الشهداء؟
>> اصبروا وصابروا واتقوا الله في شهدائكم وفي أبنائهم.. علموهم الجهاد وحب الجهاد وكونوا كما أرادوكم أن تكونوا مخلصين مرابطين داعين الله مقدرين لهم تضحياتهم وتذكروا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون وقد قال الشهيد أبو عمار في أحد أشعاره يبين فيه عظمة مكانة شهدائنا عند الله.. قال فيه (الله اكبر في سبيل الله قد نلت الشهادة وصرت ضمن الخالدين.. في جنة الفردوس عندالله عايش في سعادة.. فسلام الله على روحه وأرواح الشهداء أجمعين.
> كلمة أخيرة تحبون إيصالها لمن عبر "26سبتمبر"؟
> شهداؤنا هم فخرنا ومصدر عزتنا.. فلا تجعلوا تضحياتهم تذهب هباءً منثورا امضوا وناضلوا واحيوا راية الجهاد وكونوا كما كانوا عاشوا احراراً وماتوا أخياراً.