أسباب حسم معركة فتنة ديسمبر في أقل من 72 ساعة
تعود أسباب اجهاض مشروع فتنة ديسمبر 2017م بحسب متابعين الى:
أولاً: تعامل قيادة الدولة وقتها مع توجهات صالح نحو دول العدوان وكان أنصار الله أكثر حرصاً على استمرار الشراكة وحاولوا إثناء صالح عن المضي في مخططه وهذا ما أكسبهم حضوراً لدى الوسطاء والمشايخ وغيرهم.
ثانياً: مناشدات السيد عبدالملك الحوثي عبر خطابه في 2ديسمبر 2017م للرئيس الأسبق بأن عليه أن يوقف تحركاته العسكرية وان يوقف مليشياته المتهورة وكذلك ابدى السيد عبدالملك الحوثي استعداده للاحتكام حتى لقيادات المؤتمر الشعبي العام.
ثالثاً: خطاب الرئيس الأسبق علي صالح ظهر 2ديسمبر 2017م ساهم في ترك العشرات من المسلحين التابعين له القتال فمنهم من انضم الى القوات الأمنية ومنهم من عاد الى منزله وترك القتال بعد أن عرف حقيقة هدف صالح.
رابعاً : الاستعداد الأمني والعسكري فالقيادة الأمنية والعسكرية كانت قد استعدت لأسوأ الاحتمالات ووضعت الخطط المناسبة لحسم المعركة خلال فترة وجيزة.
خامساً: مواقف القوى السياسية والمواطنين منهم من قيادات وانصار المؤتمر الذين رفضوا الانحياز للعدوان وكذلك رفضوا الفتنة وأكدوا وقوفهم ضد العدوان وكذلك مواقف لجان الحكماء والعقلاء من المشايخ والاعيان فقد اطلعوا على حقيقة موقف كل طرف وحاولوا نصح صالح الا انه لم يستجب.
سادساً: توجه مليشيا صالح الى ارتكاب جرائم ضد كل من تشتبه بانتمائه الى انصار الله وكان هناك اعتداءات حتى ضد أسر قيادات في انصار الله في بعض المحافظات وكذلك اطلاق النار على السيارات التي تحمل شعارات انصار الله او المولد النبوي واعتقال العشرات ومنهم من تعرض للتعذيب حتى الموت إضافة الى استهداف امدادات الجبهات خاصة صرواح ونهم.
اعترافات: دور نجل صالح والبركاني وآخر طلب لصالح من الإمارات
تنشر صحيفة "26سبتمبر" (النسخة الاليكترونية) نماذج من اعترافات المشاركين في خيانة الرئيس الأسبق علي صالح وفتنة 2 ديسمبر 2017م والتي تؤكد ارتباط صالح بدول العدوان والتنسيق معها.
يؤكد (ع .م . ن) في اعترافاته أن زعيم المليشيا كان على تواصل بالسعودية وكذلك الامارات وان السفير السعودي في اليمن تواصل بصالح عن طريق قيادي في المؤتمر الشعبي العام بالخارج (سلطان البركاني) عبر خدمة الواتس آب وعبر تلفون آخر وقال ان صالح تعهد للسفير بالعمل مع السعودية ضد انصار الله.
وكان التواصل مع الامارات مستمرا منذ وقت مبكر فمعها كان التنسيق لتفجير الوضع في الداخل وأثناء الفتنة كان همزة الوصل بين صالح والاماراتيين نجله (أحمد) وان التواصل معه كان عن طريق شبكة الاتصالات الخاصة واثناء تقدم قوات الأمن نحو قصر صالح جنوب العاصمة ناشد صالح الاماراتيين عن طريق نجله أحمد للتدخل من خلال القصف الجوي لمنع تقدم قوات الامن والجيش واللجان الشعبية.
وبحسب اعترافات نفس الشخص فإن صالح كان ينسق مع الامارات منذ قبل الفتنة بحوالي عام وأكثر وأن أول تواصل طلب فيه صالح مبالغ مالية كبيرة لتبني خطة متكاملة تتضمن مسارات امنية وسياسية وإعلامية وعسكرية.
ويكشف المذكور للأجهزة الأمنية أن صالح كان يتلقى أموالاً من الامارات وأن تلك الأموال كانت تحول باسم شخص آخر وأن مسؤولين يمنيين سابقين عملاء للعدوان متواجدين في الخارج كانوا يعملون مع صالح ويتولون مهمة التواصل بالدول الخارجية.
كيف تآمر صالح على الجبهات؟
منذ فجر الثاني من ديسمبر 2017م لوحظ انتشار مجاميع مسلحة تابعة للرئيس الأسبق علي صالح في الطرق المؤدية الى جبهات صرواح ونهم لتبدأ تلك المجاميع عند السابعة صباحاً في نصب نقاط أمنية واستهداف سيارات الجيش واللجان الشعبية المتجهة الى الجبهة منها سيارات الامداد.
وقد تبادل أفراد من الجيش واللجان الشعبية مع تلك المليشيا المسلحة اطلاق النار بعد أن قامت تلك المليشيا باستهداف عدد من أفراد الجيش واللجان الشعبية كانوا متجهين الى جبهة صرواح وذلك بإطلاق النار عليهم ما أدى الى وقوع شهداء وجرحى قبل أن تتمكن قوات تابعة للجيش واللجان الشعبية من التصدي لتلك المليشيات وابعادها عن الطريق الرئيسي.
وفي الطريق المؤدي الى جبهة نهم تم استهداف عدد من الاطقم التابعة للجيش واللجان الشعبية واغلاق الطريق لعدة ساعات الامر الذي استدعى من قيادة الجيش التحرك العاجل من خلال ارسال قوات عسكرية لفتح الطريق والتعامل مع المسلحين التابعين لصالح وبالفعل نجحت القوات المسلحة وخلال ساعات من فتح الطرقات الى جبهتي صرواح (جنوب شرق صنعاء) ونهم (شمال شرق صنعاء) والقت القبض على العشرات من افراد المليشيا التابعة لصالح.
وكان قطع طرق الامداد الى جبهتي صرواح ونهم ضمن المخطط المتفق عليه بين صالح والامارات وذلك للقضاء على قوات الجيش واللجان الشعبية المرابطة في تلك الجبهات وبالتالي التقدم العسكري لقوات العدوان الى صنعاء بالتزامن مع اسقاطها من قبل صالح ومليشياته.
رد الشهيد حسن الملصي على صالح عندما طلب منه العودة من الجبهة
كانت تحركات صالح واتصالاته مثيرة للريبة منذ بعد اعلان الاتفاق السياسي بين الجانبين في 2016م , ولعل الموقف الذي لفت قيادة أنصار الله وكشف حقيقة صالح هو محاولاته اجبار الشهيد حسن الملصي العودة من جبهة نجران الى صنعاء وترك القتال ضد العدوان.
وفي البداية وجه صالح نجل شقيقه (طارق) بالاتصال بالملصي وحثه على العودة وترك القتال إلا أن طارق فشل في اقناع الملصي بالعودة وخلال زيارة قام بها الملصي الى صنعاء قبل أن يعود مجدداً الى جبهة نجران ارسل اليه صالح من يطلب منه البقاء في صنعاء وعدم العودة إلا انه عاد مجدداً فكان الاتصال الأخير بين الجانبين عندما ارسل صالح الى الملصي وهو في نجران يطلب منه وللمرة الرابعة العودة إلا أن الشهيد حسن الملصي قال (أنا مع الله مش معك).
ووكر: شبكة الاتصالات الخاصة التي استخدمها صالح وأتباعه اثناء الفتنة
كان الاستعداد العسكري للرئيس الأسبق علي صالح ومليشياته المسلحة قد بلغ في شهر أغسطس 2017م درجة عالية من التخطيط والتنفيذ لاسيما بعد الحصول على أسلحة وأجهزة أرسلت من الامارات ووصلت شاحنتان الى صنعاء مع أموال.
وحتى يتم تنفيذ مخطط اسقاط العاصمة وفق ما جاء في المخطط بدأ صالح واتباعه في استخدام شبكة اتصالات خاصة اطلق عليها اسم "ووكر" وتم تركيب أجهزة تشغيل تلك الشبكة المزودة بشفرات خاصة وبأجهزة متعددة من اللاسلكي إضافة الى وحدة اتصالات نقالة في سيارات مدرعة وشبكات تنصت على المكالمات والاتصالات العسكرية.
وقد تعرضت أجهزة تلك الشبكة للقصف فور فشل الفتنة ومقتل صالح وذلك يوم الاثنين الموافق 4 ديسمبر 2017م.
يذكر أن أجهزة تنصت حديثة وصلت الى صالح من الامارات قام بتركيبها في عدة مواقع وكانت مخصصة للتنصت على وزارة الدفاع وقيادات الجيش واللجان الشعبية.
لماذا نتجاهل مواقف قيادات المؤتمر في رفض فتنة ديسمبر 2017م؟
من المواقف الملفتة أثناء أحداث فتنة ديسمبر 2017م ما اتخذته قيادات في المؤتمر الشعبي العام من رفض لأية محاولات لشق الصف الداخلي واثارة الفتنة وبما يؤدي الى انهيار الجبهات وبالتالي تسليم البلد للعدوان.
مثل هذا السيناريو الخطير لم يجد قبولاً من معظم قيادات المؤتمر الشعبي العام التي اختارت بصدق طريق التصدي للعدوان وانخرطت بفاعلية في محاولة الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية فرفضت توجه الرئيس الأسبق نحو الانحياز لدول العدوان بعد أن كان يجاهر بأن البلد تتعرض لعدوان وكان يقف بشكل معلن ضد هذا العدوان.
وقد حاولت قيادات في المؤتمر توجيه النصيحة لصالح الا انه اعتبر تلك القيادات بأنها موالية لأنصار الله دون أن يضع أية اعتبار للوطن وللشهداء والجرحى ولمئات الآلاف من اليمنيين الذين تضرروا من هذا العدوان بشكل مباشر او غير مباشر.
وقد سجلت قيادات في المؤتمر الشعبي العام موقفاً وطنياً مشرفاً في تلك الأحداث وهو ما يجب أن يذكر ونحن بصدد الحديث عن الذكرى الثالثة لتلك الفتنة المشؤومة والتي لم يكن أحد من اليمنيين يرغب في حدوثها لولا إصرار الرئيس الأسبق علي صالح وعدد من أقاربه على إشعالها استجابة لتوجيهات إماراتية.
لقد اختار صالح طريقه واختار مصيره فلم يستمع لنصائح السيد عبدالملك الحوثي لاسيما بعد أغسطس 2017م ولم يلتفت ايضاً لنصائح الرئيس الشهيد صالح الصماد أو حتى لمقترحات وتحذيرات قيادات سياسية من مختلف القوى بما في ذلك من المؤتمر الشعبي العام منها قيادات كانت تقول له إن أنصار الله صادقون معك فكن معهم كذلك.
غادر صالح بعد أن رسم لنفسه مصير النهاية لكن ظل المؤتمر كحزب وظلت قياداته الوطنية المخلصة مع الشعب والوطن في خندق واحد ضد العدوان.
أبرز تفاصيل مخطط اسقاط صنعاء
منذ وقت مبكر كان صالح يجتمع مع عدد من أتباعه لرسم مخطط لإسقاط صنعاء لاسيما بعد أن تم الاتفاق والتنسيق مع دولة الامارات ونكشف هنا أبرز عناوين وتفاصيل تلك الخطة: تقسيم صنعاء إلى مربعات - توزيع ضباط وأفراد مسلحين على تلك المربعات - تجهيز الأسلحة المناسبة للمسلحين في المربعات- توفير شبكة اتصالات خاصة- تخصيص مبلغ مالي لكل مربع, وكان تقسيم صنعاء الى مربعات حسب ما يلي: المنطقة الجنوبية الشرقية- المنطقة الجنوبية الغربية - المنطقة الشمالية الشرقية- المنطقة الشمالية الغربية وتم تحديد حدود كل منطقه بشوارع رئيسية وتوضيح هذه الحدود على خرائط تم إعدادها وإرفاقها بالخطة، والهدف من ذلك ضمان عدم وجود تداخل بين المناطق ومنع ظهور اي احتكاكات بين الأفراد المنفذين للخطة قد يؤدي لإفشالها، وكان لكل منطقه قياده عسكرية محترفة من الضباط الكبار والذين كانوا يعملون مع صالح أثناء حكمه، وتتكون هذه القيادة من قائد للمنطقة وأركان حرب ورئيس عمليات إضافة إلى عدد من المساعدين، كما تم تقسيم المنطقة إلى عدة قطاعات عسكرية، وكان لكل قطاع منطقة محددة وموضحة على الخرائط وتشرف عليها قيادة عسكرية تتكون أيضاً من قائد القطاع وأركان حرب ورئيس عمليات وعدد من الضباط والأفراد، ثم تقسيم كل قطاع إلى عده مربعات ولكل مربع قائد يساعده عدد مع الضباط، يتبع قائد المربع عدد من المجموعات العسكرية وهي المكلفة بالتنفيذ المباشر للخطة المذكورة بعد أن تم تغطية كافة أحياء العاصمة ونشر الأعداد اللازمة للأفراد. وقد تضمنت الخطة بالنسبة للقطاعات رصد دقيق لمداخل القطاع ولمحتوى القطاع من منشآت عامة وحكومية. ومنازل القيادات و الشخصيات العامة والمعسكرات وأي منشأة حيوية أو مرتفعات قد تكون موجودة في القطاع، وكما حددت الخطة مكان قياده المنطقة او القطاع او المربع.
أول توجيهات للسيد عبدالملك الحوثي بعد مقتل صالح
خلال فتنة ديسمبر 2017م كان السيد عبدالملك الحوثي اكثر حرصاً على ضرورة توضيح الصورة الكاملة لما يحدث لكافة أبناء الشعب ومنهم بالطبع جمهور المؤتمر الشعبي العام وقياداته ولهذا كان يتحدث في خطابه الأول وكذلك خطابه الثاني في 2 ديسمبر 2017م مؤكداً على موقف الشرفاء في المؤتمر.
وبعد اجهاض الفتنة بمقتل زعيمها يوم الاثنين 4 ديسمبر 2017م وحتى لا يستغل البعض ذلك الانتصار فيعمل على الانتقام من كل ما كان يمت لزعيم الفتنة بصلة ومن أولئك بالطبع جمهور المؤتمر وجه السيد عبدالملك الحوثي بمنع أية أعمال انتقامية أو اية اعتداءات على قيادات المؤتمر أو مناصريه وقال في خطابه يوم الاثنين 4 ديسمبر 2017م (وغير مسموح لأحد أن يحمل نزعة انتقامية أو تصفية حسابات شخصية أو استغلال ما حدث لأغراض شخصية، غير مسموح هذا أبدا وعلى الدولة أن تقوم بمسؤولياتها في منع ذلك وعلى الجميع أن يطمئن في هذا البلد ولسكان العاصمة صنعاء جميعاً أن ينعموا من جديد في الأمن والاستقرار فيما بينهم وفي وضعهم الداخلي)
وتبرز روح التسامح لدى السيد عبدالملك الحوثي في مثل تلك الأحداث التاريخية فقد حصر المعركة بأنها كانت مع مليشيات محددة وزعيمها وليست مع المؤتمر وقال في هذا : نؤكد من جديد أن المعركة كانت مع مليشيات محددة وزعيمها الذي أدارها ومولها ورعاها وأمرها وقادها وحركها وهذه المليشيات تحركت بعدوان واضح مرتبط بقوى العدوان وعملية تخريب إجرامية وهدفت إلى توسيعها لتشمل البلد ولكنها فشلت بحمد الله وبفعل جهود الشرفاء في هذا البلد ووعي أبناء هذا البلد وأضاف بالقول: ليست المشكلة مع المؤتمر الشعبي العام كحزب أبدا لا مع أعضاؤه وهم شرفاء وأنا أقول الكثير ساهموا حتى عملياً في الموقف اشتركوا في كل الجهود وبذلوا جهوداً كبيرة في إسقاط هذه المؤامرة، فالإخوة في المؤتمر الشعبي العام هم إخوتنا نحن وهم أصحاب- هم واحد- مسؤولية واحدة في الدفاع عن هذا البلد ضد هذا العدوان في الاستمرار في موقف موحد في الإسهام في أمن واستقرار هذه البلاد في وضعه الداخلي يكفينا ما يحدث من قوى العدوان.
وجه بتقديم الرعاية الطبية الكاملة لأبناء علي صالح قرارات وتحركات الصماد بعد مقتل زعيم الفتنة
وجه الرئيس الشهيد صالح الصماد ظهر يوم الاثنين الموافق 4 من ديسمبر 2017م الجهات المختصة بسرعة نقل أولاد الرئيس الأسبق علي صالح لتلقي العلاج والخضوع للرعاية الطبية الكاملة.وجاء ذلك بعد تلقي الرئيس الصماد بلاغاً أمنياً يؤكد القبض على اثنين من أبناء الرئيس الأسبق علي صالح خارج العاصمة.
وتابع الرئيس الشهيد صالح الصماد تطورات ومستجدات الأوضاع في العاصمة والمحافظات عقب تمكن الأجهزة الأمنية من وأد الفتنة وكان من قرارات الصماد زيارة الأحياء التي شهدت المواجهات المسلحة جنوب العاصمة وكذلك نزوح بعض الأسر والأهالي وكان الهدف من هذه الزيارة طمأنة المواطنين والوقوف على ابرز احتياجاتهم.
وبالفعل تجول الصماد مترجلاً في أحياء شارع بغداد وكذلك شارع صخر والتقى بعدد من المواطنين والأهالي ووجه القوات الأمنية بسرعة العمل على تطبيع الأوضاع وحماية ممتلكات المواطنين الذين تركوها لاسيما المحلات التجارية حتى عودتهم.
ومساء الاثنين 4 ديسمبر 2017م كان الصماد قد كثف من اتصالاته مع المشايخ ولجان الوساطة وكذلك المسؤولين والقادة العسكريين والأمنيين لحثهم على تطبيع الأوضاع ومنع أية اعمال انتقامية تجاه أي قيادي او محسوب على الرئيس الأسبق علي صالح.
وطلب الصماد تقريراً مفصلاً عن المعتقلين جراء أحداث الفتنة تمهيداً لإصدار قرار العفو العام.