مختصون في مجال المياه والبيئة لـ «26سبتمبر»: الثورة المائية ضرورة ملحة للحفاظ على المياه واستدامتها للأجيال القادمة
الحفاظ على المياه من الاستنزاف، وترشيد استخدامها، واستعادة امجاد الآباء والأجداد في الحفاظ على المياه وابتكار انظمة مائية لحصاد مياه الامطار وتخزين اكبر كمية منها،
والاستفادة القصوى في ري وسقي الاراضي الزراعية تعد من الأولويات التي تسعى اللجنة الزراعية والسمكية العليا إلى تحقيقها في سياق عملها المستمر للنهوض بالتنمية الشاملة بالقطاع الزراعي وتوسيع مجالات الري, وفي هذا السياق تم الاعلان عن تدشين الثورة المائية في الوقت الذي كانت اللجنة قد دشنت الثورة الزراعية.. وعن أهمية حصاد المياه والاستفادة منها, "26سبتمبر" التقت بمختصين في المياه والبيئة واجرت معهم اللقاءات التالية:
أجرى اللقاءات / محمد صالح حاتم
في البداية أوضح رئيس مركز المياه والبيئة بجامعة صنعاء الدكتور أحمد الوادعي أن اليمن من الدول الفقيرة في المياه، نظرا لعدم وجود انهار، مشيرا ان الامطار هي المصدر الرئيسي للمياه، وهي المغذي لبقية المصادر. وبين الدكتور الوادعي ان كمية سقوط الامطار السنوية في اليمن في حدود 160ملم، وان محافظة إب هي الأعلى في معدل هطول الأمطار 800ملم في السنة، وصنعاء 240ملم، والحديدة 50ملم، والجوف لا تزيد عن 100ملم، منوها ان هذه الكميات حسبت نتيجة بيانات مناخية تم رصدها سابقاً.
مؤكدا بأن نسبة المياه المتجددة قليلة جدا من المياه الجوفية وأن السدود في السابق لم تكن وفقا للمواصفات الفنية المطلوبة، ولذلك تهدم بعضها وبعضها تسربت منها المياه.
مشيدا بجهود اللجنة الزراعية والسمكية العليا و وزاره الزراعة والري في مجال صيانه واصلاح السدود والحواجز المائية.
مشيرا أن هذه التحركات لابد ان يسبقها مسح ميداني لمعرفه ما تحتاجه السدود والحواجز المائية من صيانة.
تدخل من قبل الدولة
واكد الوادعي ان المساهمة المجتمعية في الثورة المائية ستكون محدودة ولن تكون ذات جدوى مالم يكن هناك تدخل من قبل الدولة في اعداد التصاميم الفنية والهندسية للسدود والحواجز المائية، التي يتكفل المجتمع بتنفيذها.
مشددا على ضرورة أن تكون السدود التي ستنشأ وفق مواصفات فنية دقيقة، ودراسات هيدلوجية ، ودراسات جيولوجية للسدود من سرعة الرياح، والنتح، والهدف من السدود، وعدد المستفيدين، ونوع السد وغيرها حتى نتجنب اخطاء الماضي.
الحفر العشوائي
وقال د/ الوادعي: الحفر العشوائي للآبار يعد احدى المشاكل التي تواجه المياه في اليمن، وقد حذرنا من خطورة الحفر العشوائي مرارا وتكرارا ولكن لا حياة لمن تنادي".
داعيا الى ضرورة تفعيل قانون المياه الموجود في الهيئة العامة للموارد المائية، بضرورة ترك مسافات بين الآبار لا تقل عن 500 متر على الأقل. . وطالب بوقف الحفر نهائيا في المناطق الحرجة، وإلزام المزارعين الذين يمتلكون اكثر من بئر بضرورة اشراك المزارعين الاخرين في سقي وري مزارعهم.
الطاقة الشمسية
وعن الطاقة الشمسية وفوائدها وخطورتها قال الوادعي: "في ظل الظروف الحالية مع غلاء المشتقات النفطية قد تكون مساعدة نوعا ما في تسهيل ري المحاصيل الزراعية إلا أنها في الوقت نفسه تشكل كارثة على المخزون المائي، ولذلك يجب أن يرافق انتشار وتوسع استخدام الطاقة الشمسية تقنين وتنظيم استخدامها والزام المزارعين استخدام انظمة الري الحديث وترشيد الاستخدام وعدم ري شجرة القات وضرورة ري وسقي المحاصيل الزراعية الاستراتيجية التي تسهم في سد الفجوة الغذائية..
زراعة القات
وأضاف: "شجرة القات وانتشارها وتوسعها بشكل كبير ومخيف وبدون رقابة وبدون تقنين، تهدد المياه الجوفية في اليمن، وتمثل شجرة القات خطرا على المحاصيل الزراعية الاساسية خاصه في ظل الحروب والازمات التي يشهدها العالم ومنها الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا والتي تسببت بموجة غلاء عالمية وتأثر بها العالم كاملا ونحن جزء من هذا العالم".
وبين الدكتور الوادعي ان القات يستهلك ثلاثة اضعاف القمح، فالهكتار الواحد المزروع بالقات يحتاج اكثر من (6000) متر مكعب من الماء، مقابل 2,000 متر مكعب للهكتار المزروع بالقمح.
ضرورة ملحة
عضو قطاعي الري والتقييم باللجنة الزراعية والسمكية العليا الاستاذ محمد المهدي تحدث بالقول: "اليمن رغم تصنيفها ضمن المناطق الشبه الجافة عالميا الا أن رحمة الله وسعت كل شيئ، مستدلا بقوله تعالى (وقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء اليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا).
الحفاظ على المخزون المائي
مشيرا الى أن الثورة المائية التي تم تدشينها قبل اسابيع جاءت كضرورة ملحة، وذلك بسبب انخفاض منسوب المياه ونضوب معظم الآبار في بعض المحافظات، وتملح المياه الجوفية، مشيرا أن هذه الثورة تأتي ضمن الثورة الزراعية، والتي تكمن أهميتها في الحفاظ على المخزون المائي من الاستنزاف.
وأضاف أن الثورة المائية تهدف إلى:
- التوسع في انشاء الحواجز والسدود والكرفانات المائية التي من شأنها تغذية المياه الجوفية.
- العمل على الحد من الحفر العشوائي للآبار سواء عامة أو خاصة الا عن طريق الجهات المعنية فقط.
- الحد من استيراد الحفارات بجميع انواعها وكذا تقييد حركتها ضمن الخزانات المائية.
- العودة الى تراث الآباء والاجداد والتوسع فيه حيث يجب الاهتمام بإنشاء خزانات حصاد المياه المختلفة والمتمثلة في البرك والمواجل والسقايات وغيرها.
- الاهتمام ببناء المدرجات الزراعية والتي تعمل على الاحتفاظ بمياه الامطار من جانب ومنع انجراف التربة من جانب آخر كما كانت سابقا.
اساس الحياة
وبين المهدي ان هناك إجراءات علمية تم اتخاذ كثير منها في اعلان الثورة المائية كون المياه هي اساس الحياة وفي حالة حدوث خلل في الميزان المائي لا قدر الله فسنجد نزوحاً كبيراً للناس من مناطقهم الى مناطق اخرى..
تفعيل قانون ولائحة المياه
مشيرا ان الثورة المائية لإنجاحها وتحقيق اهدافها لابد أن ترافقها إجراءات علمية ومنها تفعيل قانون ولائحة المياه للعام 2002م والعمل على تطبيقه في الواقع ، وعقد عدة ورش علمية فيما يخص هذا الموضوع الحيوي الهام بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة، بالإضافة الى تدريب الكوادر الفنية ذات الخبرات في مجال المياه بكافة المحافظات التي تخضع لحكومة الانقاذ.
خلق الوعي
مشددا على دور وسائل الاعلام بمختلف انواعه لخلق وعي لدى المواطنين بأهمية الثروة المائية وضرورة الحفاظ عليها..
مؤكدا أن الثورة المائية هي مسؤولية جماعية، الى جانب الجهود التي تقوم بها اللجنة الزراعية والسمكية العليا الى جانب شركاء وزارة الزراعة والري مثل, وزارة المياه والهيئات والمؤسسات التابعة لها، المنظمات المحلية والجمعيات المحلية المهتمة بهذا الموضوع، بعض الكليات العلمية في جامعة صنعاء ومؤسسة بنيان التنموية.
وقال المهدي: "أن الهدف والغاية من هذه الثورة يتمثل في الحفاظ على المياه الجوفية من الاستنزاف، وخلق وعي مجتمعي بأهمية المياه، مشيرا أن المياه ثروة الاجيال القادمة وسيكون الصراع مستقبلا على المياه اكثر من غيره في حالة عدم الاهتمام بالتوسع في انشاء الحواجز المائية المختلفة والعودة الى الموروث الشعبي القديم (الخزانات والبرك والسقايات وغيرها).
شريك اساسي
واكد المهدي على أهمية دور المجتمع في الثورة المائية، كونه شريكاً اساسياً في جميع الأعمال التي من شأنها الحفاظ على مخزون المياه الجوفية فهو قوة البلاد.
لافتا الى اهمية معرفة المجتمع كيفية الحفاظ على المياه من الاستنزاف، وأوضح أن خلق وعي لدى المجتمع بأهمية المياه سيجعل منه مراقباً لأي اعمال غير قانونية قد تتسبب في تدهور الوضع المائي.
مؤكدا احقية الدولة وحدها في امتلاك الحفارات فقط ولا يجوز تملكها من قبل اي مواطن كائنا من كان.
واشاد بتفاعل المجتمع خلال هذه الثورة في بناء وتشييد السدود والحواجز المائية وكذلك الكرفانات والخزانات والبرك والسقايات، وتفاعلهم في اعادة تأهيل البعض منها في أكثر من محافظة.
واوضح أن دور الجهات الرسمية في هذه الثورة تتمثل في:
تعزيز وعي المجتمع بأهمية المياه ورفع قدراتهم لغرض تحقيق الاهداف التي من تؤدي للحفاظ على المياه.
أهمية استخدام وسائل الري الحديثة بمختلف انواعها والتي من شأنها ترشيد استهلاك المياه كون الزراعة تستهلك حوالى 85-90% من المياه نتيجة الاسراف في استخدام المياه.
توعية المجتمع بتحديد اوقات معينة للري عند استخدام المنظومات التي تعمل بالطاقة الشمسية او الطاقة البديلة، وعدم الاسراف في استخدام المياه، وكذلك عقد الورش والدورات التأهيلية لغرض تأهيل المواطنين.
تذليل الصعوبات التي تواجه المواطنين في توفير واقتناء وسائل الري الحديث (شبكات الري).
تطبيق قانون المياه والعمل على تعديله بما يتوافق مع الوضع المائي للبلاد.
وكشف المهدي أن قطاع الري باللجنة الزراعية والسمكية العليا بصدد اصدار أدلة والتي هي عبارة عن كتيبات تعريفية لعدد من المديريات النموذجية وتحتوي في طياتها على المقدمة ومعلومات عامة عن المنشآت المائية المختلفة ونبذة تعريفية عن المديريات النموذجية كلٍ على حدة.
وتتضمن الأدلة مصادر المياه المتواجدة بالمديرية سواء آبار أو مصادر مياه طبيعية كالمنشآت المائية القائمة والموجودة فعلا في المديريات النموذجية وتحديد وضعها الفعلي والمنشآت المائية التي تحتاج اليها المديريات النموذجية.
كما تم التطرق في الدليل الى الثروة الحيوانية المتوفرة في المديريات النموذجية المستهدفة وكذلك تم التطرق لمدى سهولة او صعوبة الوصول الى المواقع المراد تنفيذها وتحديد الوضع المائي للمديريات المستهدفة، مشيرا ان هناك قرابة اربعين دليلا جاهزا للإخراج النهائي والطباعة.
استشعار المسؤولية
وعلى آمل الحفاظ على المياه، واستعادة امجاد الآباء والأجداد في عملية حفظ وحصاد مياه الامطار، يجب التحرك الجاد والفعال من الجميع دون استثناء، واستشعار المسؤولية وخطورة المرحلة وضرورة لحفاظ على المياه من الاستنزاف، ومنع حفر الآبار، وضبط وتقنين استخدام الطاقة الشمسية، كما يتطلب من الجميع ادارك أهمية المياه والحفاظ عليها، والعودة إلى الله والاكثار من الاستغفار، فقطرات الماء أغلى من كنوز الدنيا.