واقع الاقتصاد اليمني في ظل ثماني سنوات من العدوان والحصار وأولوية تنفيذ استراتيجية وطنية اقتصادية (2-2)
هناك إجراءات في جميع دول العالم لحماية المنتجات الوطنية ومنها رفع الضرائب والجمارك على السلع المستوردة من الخارج
في مجالات محددة لإفساح المجال للمنتج الوطني للانتشار والمنافسة بمميزات الإعفاءات الجمركية والضريبية للمساهمة في تحسين وتشجيع المنتج الوطني يستوجب دراسة أسباب ضعف تنافسية الإنتاج الوطني مقارنة بالمنتج المستورد والشروع في معالجة شاملة لتلك المسببات لتحسينه حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من (66%) من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي وفي ظل المعركة المصيرية التي يخوضها شعبنا ضد قوى الشر العالمية والرأسمالية الغربية فإن معركة الأمن الغذائي هي الأهم والتي يجب أن تبدأ من خلال توطين الوعي الاستثماري لدى رأس المال الوطني في التحول من الاستيراد الخارجي إلى الاستثمار والإنتاج المحلي وهذا يحتاج إلى ثورة وعي وطنية نخبوية وشعبية وذلك في ظل وجود قيادة ثورية وسياسية وطنية تحمل هذا الهم وتتبنى هذا التوجه الوطني الاستراتيجي.
ومن المعلوم ان اليمن من الدول التي طالما عاشت سياساتها الاقتصادية في ظل تدخل الدولة المباشر والمفرط في جميع الأنشطة الاقتصادية وسيطرة القطاع العام بشكل تام على قطاع الإنتاج والخدمات والتجارة والسوق مما أضعف القدرة التنافسية للاقتصاد اليمني مما أدى إلى عدم دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى اليمن والمتمثلة بصورة شركات كذلك عدم الاستفادة من الخبرات الدولية في جميع المجالات سواء كانت إنتاجية أم خدمية وبعد أن شرعت الحكومة في إقرار قانون الاستثمار وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار اتجهت اليمن الى تبني ثقافة السوق القائمة على مبدأ الانفتاح والمنافسة مما يستوجب تبني بعض السياسات بهدف إصلاح الاقتصاد الوطني بجميع مفاصله.
ومن هنا من الممكن الاستفادة من مزايا السوق الكبيرة وإفساح المجال للسوق المحلي والأجنبي للدخول إلى الحياة الاقتصادية وإيجاد بدائل أخرى لاستمرار عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستهدفة وفسح المجال أمام القطاع الخاص ليؤدي دوره الفاعل في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وأن السماح للقطاع الخاص الدخول في الحياة الاقتصادية يترتب عليه إعادة توزيع المهام بينه وبين القطاع العام على أن يكون هناك معادلة وموازنة حقيقية بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص هادفة إلى تحقيق النمو والتنمية جنباً إلى جنب ومما لا يؤثر وينتقص من الدور السيادي للدولة ويمكن لليمن الاستفادة منها وفقاً لإستراتيجية واضحة ومدروسة.
وتٌعبر إستراتيجية التنمية الاقتصادية عن فن استخدام موارد الدولة وإمكانياتها لتحقيق الأهداف العامة والرؤية الشاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية الشاملة فعملية التنمية لا تقتصر على الإمداد ببعض الإسهامات على المستوى الاقتصادي والتقني إنما الحضور الفعال والقوي للدولة من خلال وضع القواعد التي توضح كيفية استعمال هذه الإسهامات ذلك أنه بدون إدارة قوية لا يمكن الوصول الى تنمية شاملة ويتعين على الدولة لتحقيق استراتيجية عامة للتنمية توحيد آفاق مستقبلية تعتمد على عنصري الموارد الطبيعية والبشرية حيث تعتبر وفرتها وجودتها نقطة بداية المسار الزراعي والصناعي خاصة ما يتعلق بالموارد الطبيعية التي ترتبط بالطاقة لكون الاقتصاد الوطني اقتصاداً ريعياً ما دفع بالحكومة إلى إيجاد وسائل للتكييف مع هذه العراقيل والتحديات من خلال تفعيل عدة برامج في إطار التنمية الاقتصادية.
فالهدف الأساسي لاستراتيجية التنمية الاقتصادية الحالية في اليمن هو توسيع القاعدة الإنتاجية سواء زراعياً أو صناعياً فضلاً عن ضرورة تأهيل الموارد الطبيعية والعمل على التخطيط الاستراتيجي القائم على المعايير العلمية والخطوات العملية بمشاركة المجتمع وجميع المؤسسات الحكومية لإحداث تنمية مستدامة والاستفادة من التجارب الدولية في مجال التنمية والتركيز على البرامج التي تتلاءم مع بيئة الريف وإشراك جميع الأطراف في عمليات بناء الإستراتيجية الوطنية وفق المناهج الحديثة للتخطيط الاستراتيجي.
وعليه كان من الضروري التحرك إلى بناء اقتصاد قوي من خلال تغير المفاهيم الاستعمارية المغلوطة في جميع المجالات المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولا يستقيم ذلك إلا من خلال أهداف وبرامج وسياسات ومعالجات ضرورية وقد بذلت حكومة الإنقاذ جهوداً كبيرة في سبيل مواجهة المشاكل والتحديات الاقتصادية والمالية الناجمة عن التداعيات والآثار السلبية للعدوان والحصار حيث تبنت برنامج عمل ركز على أولويات تثبيت الاستقرار الاقتصادي في حده الأدنى ومواجهة العدوان والحد من آثاره وتعزيز صمود الجبهة الداخلية وتوفير كل ما يتعلق باحتياجات المواطنين الأساسية وهو ما انبثق عنه عدد من الأولويات في المجال المالي تركزت في العمل على حل المشاكل ومعالجة الاختلالات المالية وإيجاد البدائل للتغلب على التحديات والوفاء بالالتزامات الضرورية.
حيث أيقنت دول العالم نتيجة تجاربها الطويلة في إدارة دفة اقتصادها الكلي بأنه لا مخرج من حلقة الفقر والنهوض بمفاصل الاقتصاد الوطني وجعل خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية موضع التطبيق العملي إلا من خلال توسيع تشكيلة الإيرادات العامة وتٌعتبر وزارة المالية هي الجهة المخولة بإعداد وتنفيذ السياسات المالية للحكومة وتوجيه الاستثمار الحكومي وتحقيق التنسيق والتكامل بين السياسة المالية والسياسة النقدية في إطار الخطط التنموية وأهدافها الإستراتيجية التي وضعتها الوزارة ضمن خطة العمل والذي تعزم على تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع والأهداف الإستراتيجية لتعزيز كفاءة المالية العامة وزيادة الموارد خدمة للاقتصاد الوطني في الحاضر والمستقبل وتتمثل الأعمال الأساسية للوزارة على تحصيل الإيرادات العامة والإشراف على صرف النفقات العامة والرقابة عليها وتنظيم الحسابات المتعلقة بها وإدارة التدفقات النقدية ودراسة الأوضاع المالية والنقدية والاقتصادية وتحليلها وتقييم السياسات والإجراءات الضريبية وإعداد التشريعات المالية المتعلقة بالإيرادات والنفقات العامة والعمل على تطويرها وتحديثها وكونها الجهة المختصة للقيام بالرقابة المالية الفعاله على الجانب المالي للحكومة وتقييم أدائها.
وما تتضمنه الخطط المستقبلية لتعزيز كفاءة المالية العامة من السعي الحثيث العلمي والعملي وتكريس كل الجهود والطاقات ووضع الحلول والمعالجات اللازمة لرفع وتحسين أداء عمل وزارة المالية ومصالحها الإيرادية وجميع الوحدات الاقتصادية في تحسين جميع الأوعية الايرادية للدولة وتوريد الموارد إلى الخزينة العامة للوفاء بالالتزامات الضرورية في النفقات العامة والوقوف لمواجهة العدوان حتى النصر القريب بإذن الله تعالى وفي خضم ذلك تظل مسؤولية الأكاديميين والقانونيين والاستشاريين والمهنيين من العاملين في وزارة المالية ومصالحها الإيرادية وجميع الأجهزة الاقتصادية المختصة ضمن الجبهة الاقتصادية في ضرورة ان ينهضوا بمسؤولياتهم في بناء هذا الوطن والسعي نحو الاكتفاء الذاتي من الإيرادات العامة للدولة.