مرتكزات الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي
تمتلك اليمن شريطا ساحليا طويلا. يبلغ حوالي 2500كم، وتزخر المياه اليمنية بأنواع كثيرة من الاسماك والاحياء البحرية،
ومخزون سمكي كبير لم يستغل منه إلا 17% مما يوجد في المياه اليمنية وتتوفر فرص استثمارية كبيرة في هذا القطاع، ولكن هذا القطاع الاقتصادي والحيوي الهام، تعرض للإهمال والتدمير والسرقة النهب طيلة العقود الماضية، من قبل السفن الصيد الخارجية التي تمارس عمليات الاصطياد الجائر والمدمر للحياة والبيئة البحرية،
وليس هذا وحسب بل إن البحر وما يحتويه من كنوز ثمينة كان يتحكم به ويستغله هوامير البحار من النافذين والتجار وقيادة الدولة الكبار، وحرم منه المواطن اليمني، وابناء الساحل على وجه الخصوص، حديثا وفي ظل المسيرة القرآنية بقيادة السيد عبدالملك الحوثي استبشر ابناء الساحل خيراً، وجاء من ينصرهم من الظلمة والمتكبرين وهو امير البحر، ويستعيد لهم حقوقهم، ويعيد لهذا القطاع اعتباره ليساهم في دعم الاقتصاد الوطني، ومن هنا جاءت الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي التي جاءت تنفيذا وترجمة لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية الحكيمة.. تفاصيل أكثر في سياق التقرير التالي:
تنفيذا للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وضعت اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الثروة السمكية الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي في اليمن، والتي ارتكزت على اربع ركائز هامة، من شأنها ان تنهض بالقطاع السمكي، ليؤدي دوره في دعم الاقتصاد الوطني ويساهم في تحقيق الامن الغذائي لليمن..
اربعة اركان
اعتمدت الإستراتيجية الوطنية على أربعة اركان وهي: (إنشاء الأسواق- إنشاء التعاونيات- المشاركة المجتمعية -الدور الحكومي المساند) وكل هذه الاركان تساهم في دعم الصيادين ومجتمعاتهم والعاملين في القطاع السمكي.
إنشاء الأسواق
من الاركان الاساسية للنهوض بالقطاع السمكي انشاء الأسواق، والتي تكتسب اهميتها من الدور الذي تسهم به في النهوض بالقطاع السمكي، مؤخرا اطلقت وزارة الثروة السمكية خطة التسويق السمكي الحديث، والتي تهدف إلى تطوير منظومة التسويق السمكي في اليمن، من خلال إنشاء وافتتاح أسواق مركزية حديثة، وخاصة بالجملة والتجزئة طبقاً للمعايير والمواصفات، وتطوير آلية التشغيل والتنظيم، وذلك لتعزيز العملية التسويقية، كما أن الخطة تهدف إلى تأهيل الأسواق السمكية القائمة وتزويدها بالخدمات الضرورية..
المهندس راجح طبقة مدير عام الأسواق بوزارة الثروة السمكية اوضح أن خطة التسويق السمكي الحديثة تهدف إلى تطوير منظومة التسويق السمكي في اليمن من خلال إنشاء وافتتاح أسواق مركزية حديثة وخاصة بالجملة مطابقة للمواصفات والمعايير، وقد بدأت الوزارة ومن خلال الشركة الوطنية في إنشاء أول سوق بمعايير وموصفات حديثة وهو سوق العاصمة المركزي، الذي أنشئ في العاصمة صنعاء، ويحتوي كافة الخدمات والتجهيزات لاستقبال الدينات المحملة بالأسماك من كافة المحافظات الساحلية، وتتضمن الخطة استراتيجية للوزارة ايجاد اكثر من 300 نقطة بيع سيتم تنفيذها خلال الفترة القادمة، في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وصعدة ومحافظة إب وذلك بتمويل من اللجنة الزراعية والسمكية العليا، وستعمل هذه النقاط على توسيع بيع الاسماك الطازجة وانتشارها بشكل كبير، ووصولها طازجة وبأسعار مناسبة، بحيث تكون الاسماك في متناول الجميع، وهو ما سيخلق فرص عمل للعديد من العاطلين، وتمكينهم واكسابهم المهارات التسويقية، وتستهدف بالدرجة الاساسية اسر النازحين والشهداء والجرحى.
كما أن من ضمن أهداف خطة التسويق الحديثة تأهيل وتحديث الأسواق السمكية القائمة والموجودة حالياً، وتزويدها بالخدمات الضرورية، وتوفير فرص استثمارية جديدة في مجال التسويق السمكي، وزيادة عدد منافذ التسويق وفتح مراكز ونقاط جديدة، وكذلك سيكون للخطة التسويقية دور في إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات عن المنتجين والموردين والبائعين وكمياتهم من خلال إجراء مسوحات ميدانية في المناطق المستهدفة بالتسويق للمنتجات السمكية..
وستعمل الخطة على تفعيل مركز المعلومات من خلال الربط الشبكي لجميع الأسواق ومراكز الانزال لمعرفة كل ما يتعلق من إحصاء كميات الإنتاج وبيع وتصدير ونقل واسعار كل انواع الاسماك في جميع المحافظات، وايجاد أنماط استهلاك جديدة، ورفع جودة الأسماك الواصلة إلى المستهلك بحيث تضمن سلامة المستهلك، وستعزز الخطة الجديدة من ضبط الجودة والرقابة على الأسواق والمحلات والمطاعم السمكية بما يخدم المستهلك، بالإضافة إلى زيادة الصادرات بالقيمة المضافة، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك للمستهلك المحلي، وإطلاق مشاريع توزيع الأسماك وبيعها في الأرياف وخارج المدن..
إنشاء الجمعيات
الجمعيات عبارة عن جهة معنوية تضم في عضويتها مجموعة من المواطنين، تنصب جهودهم في تنظيم انفسهم، لتلبية احتياجاتهم وتحسين وضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية بصورة مستمرة ومستدامة، و خلق فرص عمل جديدة ومتنوعة، كما تسهم الى حد كبير في تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاج
في اليمن يصل عدد الجمعيات حوالي 150 جمعية، تنضوي تحت مظلة الاتحاد السمكي، لكن هذه الجمعيات لم تقم بدورها في دعم وخدمة الصيادين، فكانت مغيبة عن القيام بدورها الحقيقي، وكان يتم استغلال معظمها لتحقيق أغراض شخصية، واهداف سياسية.
وتعتبر الجمعيات إحدى الأركان الاساسية التي استندت عليها الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي، وإحداث تنمية سمكية مستدامة، باعتبارها الآلية المناسبة لتحقيق اهداف الخطة الاستراتيجية للنهوض بالقطاع السمكي، كما ستسهم في تفعيل دور الأفراد والجماعات في المجتمع، وتقدم عدة خدمات للصيادين ومنها توفير وسائل وأدوات الصيد، والوقود، والتدريب والتأهيل، وتوفير احتياجات رحلات الصيد بدلا ًعن الو كلاء الذين يستغلون اوضاع وظروف الصيادين، وإن الجمعيات سيكون لها دور في صناعة وصيانة المعدات وادوات الصيد، وتوفير احتياجات الصيادين، وتسويق منتجاتهم، وتحسين اوضاعهم المعيشية، ورفع الوعي باهمية الجمعيات والتعاونيات، كما أن الجمعيات ستعمل على ايجاد قنوات تسويقية متنوعة، يتم من خلالها تصريف الإنتاج السمكي، وذلك بهدف تحسين دخل الصيادين، وسيكون للجمعيات دور في دعم صغار الصيادين من خلال تطوير الانظمة التسويقية والتي ستعالج ضعف القوة التسويقية لهؤلاء الصيادين، بهدف النهوض بواقعهم، كما انها ستعمل على تقديم الخدمات الإرشادية والتدريبية في مجال الصيد التقليدي والصيد الساحلي إلى جانب الاستزراع السمكي.
جمعية ساحل تهامة
مؤخرا تم اشهار جمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية لتكون نموذجاً للجمعيات التعاونية السمكية الحديثة وفق رؤية جديدة تعمل على خدمة مجتمع الصيادين، وإحداث تنمية مستدامة في ساحل تهامة، وتهدف الجمعية إلى الاهتمام بالصيادين وتوفير احتياجاتهم، من شباك وقوارب الصيد، وتوفير الوقود.
ومن ضمن خطط الجمعية تفعيل الإرشاد المهني، والتدريب وتأهيل الصيادين على اساليب الصيد، وكيفية صيانة المعدات، وطرق حفظ المنتجات السمكية والبحرية، كما إن جمعية ساحل تهامة ستعمل على توعية الصيادين بأضرار الصيد الجائر. وللجمعية مشاريع استثمارية كبيرة في عدة مجالات منها مصانع الثلج، وورش صيانة القوارب، ومعامل تصنيع القوارب الحديثة، وكذلك مصانع تعليب الأسماك والاستزراع السمكي.
ويأتي تأسيس واشهار جمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية تنفيذا لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية وقيادة اللجنة الزراعية والسمكية العليا، وتنفيذا للاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي.
المشاركة المجتمعية:
المجتمع شريك أساسي في البناء والتنمية، واي تنمية لا يساهم ويشارك المجتمع فيها، تعد تنمية ناقصة وغير مستدامة، لا يمكن ان تدوم ويكتب لها البقاء والديمومة، وفي القطاع السمكي، تعد المشاركة المجتمعية مهمه جدا، وركيزة من الركائز الأساسية التي اعتمدت واستندت اليها الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي، وذلك من خلال تفعيل المجتمع، ومشاركتهم في تحريك عجلة التنمية في المناطق الساحلية، وقيامهم بالعديد من المبادرات الطوعية، وزارة الثروة السمكية واللجنة الزراعية والسمكية العليا تستعد خلال هذا العام لتدريب فرسان الساحل، ويتوقع تدريب وتأهيل ما يقرب من 500 فارس، يقومون بحشد وتوعية ابناء المجتمع الساحلي على المساهمة والمبادرة الطوعية في التنمية ومساندة الجهود الحكومية الرسمية في القطاع السمكي، وكذلك التسويق في المناطق غير الساحلية، ولا يقتصر دور فرسان الساحل عند هذا وحسب بل سيكون لهم دور في تحفيز وتشجيع الصيادين لتأسيس جمعيات تعاونية سمكية، وكذا الانضمام إلى الجمعيات الموجودة حالياً ومنها جمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية التي تم إنشاؤها مؤخراً.
الدور الحكومي المساند:
الحكومة وبكل مؤسساتها ودوائرها هي المعنية بشكل اساسي بعملية البناء والتنمية في اليمن، من خلال رسم السياسات وإعداد الخطط والبرامج، وتوفير الخدمات العامة للمواطنين وفي القطاع السمكي وسبل النهوض به، تكون الحكومة ممثلة في وزارة الثروة السمكية هي المعنية في توفير الخدمات وتأسيس البنية التحتية، وهذا ما اشارت اليه الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي التي اعتمدت الدور الحكومي المساند كواحدة من الركائز الأساسية في تنفيذ هذه الاستراتيجية، ويأتي الدور الحكومي من خلال وزارة الثروة السمكية كجهة معنية بالإضافة إلى الهيئات والمؤسسات التابعة لها، ومنها هيئات المصائد السمكية، وصندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي، وكذلك المصانع التابعة للوزارة ومنها مصنع الغويزي، وغيرها، برعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ومهام هذه الجهات توفير الخدمات، وتطوير آليات وبرامج التسويق السمكي، وآليات الاصطياد، وبرامج الخدمات التي ستقدم للصيادين والمسوقين والمصدرين.
بالإضافة إلى وجود جهات ذات العلاقة مثل الهيئة العامة للزكاة والتي تقدم برامج كثيرة، منها برامج مراكز الانزال السمكي، وإنشاء ورش لصيانة القوارب، وتوفير الخدمات للصيادين، ومن ضمن الجهات ذات العلاقة الهيئة العامة للمشاريع الصغيرة والتي لديها مشاريع تمكين اقتصادية للصيادين..
وتبقى الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي وتنفيذها وترجمتها على أرض الواقع هي بارقة الأمل التي ظهرت في زمن العتمة والظلام الدامس الذي خيم على قطاع الثروة السمكية طيلة عقود من الزمن، كون هذه الثروة ومورداً اقتصادياً كبيراً ومستداماً، لو تم استغلاله الاستغلال الأمثل، وبطرق علمية صحيحة، فإنها سترفد الخزينة العامة للدولة بمليارات الدولارات سنوياً، وهو ما سيعزز من دعم واستقرار الاقتصاد الوطني، وينتشل ابناء المجتمع الساحلي من براثين الفقر والجوع، ويجعل من مناطقهم بيئة استثمارية واقتصادية كبيرة .