قراءة عاجلة لمضامين السياسية الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط
سقوط الأنظمة العربية بفعل الضربات العنيفة التي تعرضت لها من شعوبها وانهيار الشرق الأوسط بطبعته الأمريكية التقليدية منذ عقود كل ذلك يضعنا أمام شرق أوسط هجين يجمع بين ترسبات وتراكمات الماضي
والآمال والتطلعات المستقبلية ولأن من الصعب سبر أغوار إلتباسات التغيرات الجيو- ستراتيجية في المنطقة العربية التي يلخصها مشهدان متداخلان وملتبسان الأول يتعلق بتعقيد الأوضاع في منطقة الخليج العربي والثاني يتمثل بمقولة " إن الطغاة يجلبون الغزاة " إلى ممارسة فعلهم في المنطقة وفقا لتوجهات السياسة الأمريكية التي تسعى لتحسين صورة بلدها لتظهر بصورة قيادة التحولات التي ترعى الحلول السياسية بطريقة الحوار بين الفرقاء لا للتوفيق بينهم وإنما بهدف توجيه وإدارة الصراع وفقا لآليات جديدة للتطويع التي تحرك العمليات السياسية البنيوية المتوائمة مع الأهداف العليا لأمركة الشرق الأوسط لتصبح الأنظمة العربية مهيأة للقيام بالوظيفة المطلوبة أمريكيا للتحكم في إيقاعاتها أو وضعها تحت المجهر لتصبح أمرا سهلا لتدميرها وإدخالها في عمليات نزف مفتوحة. تلك هي الترتيبات في إعادة إنتاج الهيمنة الأمريكية بوسائل سياسية متعددة تكون أكثر قربا من مشروع الشرق الأوسط الجديد على النحو الذي تريده أمريكا لكسر الانساق العتيقة القائمة واستبدالها بإعادة صياغة نظم جديدة وفقا لخطط مرسومة أو على النقيض من ذلك قد تتركها لصراعاتها الداخلية بحيث تكون الحاجة إلى التدخل والضبط الأمريكي ضرورة ملحة.
مفهوم المصلحة القومية
سياسة الإدارة الأمريكية قد تتغير في أساليبها ووسائلها في إدارة الأزمات الدولية لكن جوهر قيمها الرأسمالية لا تتبدل مهما تبدلت إداراتها وقوة فعلها وتأثيرها وتبدو إدارة بايدن أمام بروفات سياسية وتاريخية وأخلاقية ينبغي أن تظهر بها أمام العالم والتي تحّتم عليها التدخل لانهاء الصراعات السياسية إلا أن هذه المسؤولية عادةً ما تخضع لاعتبارات الفلسفة البراجماتية القومية والسياسية الأمريكية المتناقضة فتارة نرى بأن قيم الديمقراطية الأمريكية تختفي تحت مفهوم المصلحة القومية وتارة نراها تخضع لعقلية الرئيس الأمريكي وحزبه فمثلا الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما أخضع تلك القيم للمصلحة القومية الأمريكية في المنطقة بينما أخضعها خلفه دونالد ترامب لمبدئه السياسي وعقليته الاقتصادية وفقاً لشعارهُ (أمريكا أولاً) دون النظر في الاعتبارات السياسية والإنسانية التي ترتب عنها العدوان على اليمن بدعمه الكبير للسياسة السعودية والخليجية بشكل عام وتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات على عدد من قادتها فهل الرئيس الحالي جو بايدن سوف يخضع تلك القيم إلى الاعتبارات الإنسانية لاسيما أنه بصدد إعادة الدبلوماسية الأمريكية إلى سابقتها بعد أربعة سنوات من تراجع الالتزامات الدولية للولايات المتحدة وإشعال الأزمات في المنطقة أم سيخضعها لاعتبارات أخرى؟
إيقاف بيع الأسلحة
في خطاب الرئيس جو بايدن يوم الخميس الماضي أعلن عن وقف الدعم الأمريكي للسعودية للعمليات العسكرية الميدانية في اليمن وإنهاء الحرب هذا القرار شغل السياسيين والمهتمين وكان محل تساؤل البعض حول قدرة الرئيس على وقف الحرب في اليمن وإمكانية نجّاحهُ فيها.!! ولقد بدأت قرارات بايدن بإيقاف بيع الأسلحة للسعودية والإمارات ودعم العمليات العسكرية لمهاجمة اليمن وإيقاف الحرب وشطب قرار تصنيف الحوثيين من قائمة الإرهاب وبالتوازي مع هذه الخطوات لجأ بايدن إلى تعيين مبعوث أمريكي تابع له "تيموثي ليندركينغ" للملف اليمني بديلا عن الأطراف الإقليمية السعودية والإمارات وكل ذلك تزامن مع طلب جو بايدن من فريقه في الشرق الاوسط أن يتأكد من دعم مبادرة الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار وفتح الخطوط الإنسانية وإعادة الحوار بشأن عملية السلام في اليمن وبدأ ذلك من تحركات المبعوث الأممي جريفيت إلى إيران و المبعوث الأمريكي إلى الخليج وبموازاة ذلك رحبت السعودية بقرار الرئيس الأمريكي بدعم بلاده والتزامها بالتعاون مع المملكة للدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تستهدفها كذلك الحال بالنسبة للإمارات التي ردت على مبادرة الرئيس الأمريكي من خلال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش بأن بلاده أنهت العمليات العسكرية منذ اكتوبر من العام الماضي وأنها دعمت وتدعم جهود الأمم المتحدة ومبادرات السلام في اليمن فيما ردت أطراف الصراع اليمني بأن أعلنت حكومة الشرعية ترحيبها بما ورد في خطاب جو بايدن في دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية أما حكومة صنعاء فقد ردت على المبادرة عن طريق رئيس وفد التفاوض لحكومة صنعاء الاستاذ محمد عبد السلام وعضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي بأن أي تحرك لا يحقق نتائج على الأرض بإنهاء الحصار وإيقاف العدوان سيتم اعتباره شكليا ولن يتم الالتفات إليه.
تغذية الصراعات الإقليمية
انطلاقا من هذه المعطيات فإن إدارة بايدن تتلخص أبعادها الجيوسياسية من خلال جملة من المحددات التي يمكن قراءتها في سياق التخلص من إرث الإدارة السابقة التي عملت على تغذية الصراعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وكانت اليمن إحدى البؤر الملتهبة الأكثر إمتدادا واتساعا في رقعة الحرب وتعدد أطرافها الداخلية والخارجية التي لم تقتصر أخطارها على اليمن وحدها بل امتدت بشرارتها لتشمل دول المنطقة وانعكس تأثيرها بتشظي المشيخات الخليجية التي انقسمت ضدا وخسر اللاعبون الإقليميون مراهنات نزقهم السياسي في إدارة الصراع والتحكم في مآلاته إذ لم تعد الحرب تشكل خطورة على اليمن وحدها فقد إمتدت لتشكل تهديدا حقيقيا على المصالح الحيوية للمملكة العربية السعودية التي دق إسفينها جدران أسوارها ولم تعد هناك حصون حامية ولا سواتر منيعة ولا منظومات تغطي فضاءاتها فقد باتت في متناول هجمات القوة الصاروخية والطيران المسير وتقدم القوات تلك المعادلات أسقطت غطرسة القوة التي لم تجن منها إلا الفشل السياسي والعسكري التي راهنت عليهما لتحقيق أهداف العدوان.
مهمة معقدة جداً
محاولات الخارجية الأمريكية لحل أزمة اليمن بأسلوب المقايضة بالملف النووي الإيراني ذلك ما سيجعل هذه البداية أشبه بمتاهة غير جادة في البحث عن الحلول التي ذهبت إليها بعيدا عن أطرافها المعنين بذلك وهناك من يرى أن الموقف النهائي قد يتوقف على طبيعة الحوار بين الأمريكيين والإيرانيين ليس في موضوع الحرب في اليمن فقط وإنما قد يشتمل الحوار على الكثير من القضايا في المنطقة سواء في اليمن أو في سوريا أو العراق أو فيما يتعلق بالاتفاق النووي والعقوبات الأمريكية بشكل عام لاسيما وأن القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن بخصوص الحرب في اليمن سواء فيما يتعلق بوقف مؤقت لبيع الأسلحة للسعودية ووقف دعم الحرب على اليمن أو فيما يتعلق بقرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية الذي تم شطبه ربما تكون غير كافية لحل الأزمة ووقف الحرب إن لم تكن مشفوعة بحوارات جانبية بين أطراف الصراع الرئيسة لهذا تبدو مهمة الرئيس الأمريكي لوقف الحرب على اليمن مهمة معقدة جداً وقد تستغرق وقتاً طويلاً من أجل إقناع كل أطراف النزاع بالعملية السياسية.
مقايضة إيران باليمن
تبدو اليمن بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية الهدف الاستراتيجي من بين كل الملفات العربية كونها الحلقة الأهم في خارطة الصراع الإقليمي لذلك تحاول إدارة بايدن مقايضة إيران باليمن من خلال المساومة بربط إيقاف الحرب على اليمن بالملف النووي الإيراني وهذا يعني أن إيقاف الحرب مشروط بتنازل إيران عن برنامجها النووي وايقاف إنتاج الصواريخ الباليستية وهي بذلك تخلط بين حقيقة أن الملف النووي هو ملف دولي في جوهره يتعلق بمجموعة( 1+5 ) التي أخلت واشنطن بشروط الاتفاقية الموقعة بين هذه الدول مع إيران في العام 2015م وانسحابها من الاتفاقية في العام 2018م. هذه الرؤية التي تحاول واشنطن إيجاد علاقة التداخل فيها بمشاركة أطراف إقليمية جديدة حسب فرضية نتنياهو وتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون الذي يتبنى فكرة إشراك إسرائيل والسعودية والإمارات في المفاوضات النووية مع إيران وتعتقد إدارة بايدن أن الربط بين الأزمة اليمنية والملف النووي الإيراني قد يسهل تقديم التنازلات وفرص الحلول لمشاكل الاتفاق النووي والقضايا الإقليمية العالقة. وقد كشفت التصريحات الصادرة عن القيادتين الأمريكية والإيرانية في الأيام الأخيرة عن استعدادهما للتفاوض بشأن الملف النووي ولكن مع وجود مسافة كبيرة تفصل بين الطرفين فيما يتعلق بكيفية تحقيق ذلك فإيران تشترط رفع العقوبات الأمريكية بأكملها أولا ثم العودة إلى الالتزام بالقيود المتفق عليها في اتفاق 2015م بينما ترى القيادة الأمريكية ذلك السيناريو مقلوبا بمعنى أن تلتزم إيران أولا ثم يتم رفع العقوبات ثانيا. وهناك سيناريو آخر كان قد ألمح إليه ضمنا وزير الخارجية الإيراني بأن يقترب الطرفان من المفاوضات بخطوات متزامنة لكن الرئيس الأمريكي قال بشكل قاطع في برنامج «واجه الأمة» على قناة «سي بي أس» يوم الأحد الماضي إنه لن يرفع العقوبات لمجرد أن تحضر إيران للجلوس على مائدة المفاوضات وأوضح في رد على سؤال لاحق بأنه يتعين على إيران أولا : "أن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم". وأظنه يقصد هنا التوقف عن التخصيب بنسبة تتجاوز تلك المنصوص عليها في الاتفاق النووي التي تبلغ 3.67%
وبهذا التصريح فإن بايدن يفتح طريقا لسيناريوهات أخرى محتملة على الوجه التالي:
الأول : الاتفاق والتشاور مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ومع زعماء الكونجرس بأن تعلن أولا إيران وقف التخصيب بنسبة 20% والالتزام بالنسبة الواردة في الاتفاق.
ثانيا : تحتفظ إيران تحت إشراف دولي باليورانيوم المخصب بنسبة أعلى من المتفق عليها والكميات الزائدة عن حدود المخزون المسموح به.
ثالثا: ترفع الولايات المتحدة العقوبات الثانوية بما يسمح للأطراف الأخرى مثل دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان والهند وغيرها بالتعامل مع إيران بما في ذلك شراء النفط على أن تتعهد برفع العقوبات تماما بعد الانتهاء من تحديث الاتفاق أو تدريجيا خلال المفاوضات.
رابعا: تبدأ مفاوضات جديدة بين القوى العالمية الرئيسة وإيران لتحديث الاتفاق القائم أو التوصل إلى اتفاق جديد أكثر شمولا.
خامسا: يجري رفع العقوبات الأمريكية تماما وبالكامل بدءا من إنهاء تجميد الأرصدة المالية الإيرانية وإلغاء العقوبات المفروضة على شخصيات ومؤسسات إيرانية وفتح أبواب المبادلات التجارية والاستثمارات.
المعطيات الراهنة
ومن غير المتوقع أن تصبح إسرائيل أو السعودية والإمارات أطرافا في الاتفاق الجديد لكن يمكن لهذه الدول وغيرها من دول الشرق الأوسط أن تشارك في مرحلة تفاوضية تالية أو في مفاوضات موسعة يكون الهدف منها تحقيق «وفاق إقليمي عربي ـ إيراني- تركي» بمشاركة القوى العالمية الرئيسة كما يبدو أن سياسة بايدن تنطلق من رؤية دور الولايات المتحدة في العالم بعين واحدة لمصالحها في ظل المعطيات الراهنة لهذا فإن أمامنا سيناريو المرحلة الأولى (المفاوضات النووية) وسيناريو آخر يتعلق بالمرحلة الثانية (بإقامة وفاق إقليمي شامل) وهو مشروع طموح يتسم بطابع الرومانسية السياسية في الوقت الحاضر وتدل تطورات الأمور منذ أعلن بايدن سياسته الجديدة تجاه الشرق الأوسط على أن الدبلوماسية الأمريكية سوف تعمل على المسارين النووي والإقليمي في وقت واحد مع التعامل مع قضايا الأمن الإقليمي واحدة بواحدة.
ولقد اختارت السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة أن تمر عبر بوابة اليمن أولا ولكنها تتضمن اشتراطات للانخراط عن قرب في الأزمة وتمهيد الطريق لاستئناف العملية السياسية بين أطراف الأزمة اليمنية بالتنسيق مع مبعوث الأمم المتحدة في اليمن مارتن جريفيث الذي توجه إلى طهران للمرة الأولى منذ تولى مهمته لإجراء مباحثات مع وزير خارجيتها بشأن التهدئة العسكرية والتمهيد لاستئناف الحوار.
إرث إدارة ترامب
من خلال كل ما سبق فإن مضامين السياسة الخارجية لإدارة بايدن ترتكز على جملة من المحدّدات التي يمكن قراءتها في سياق التخلص من إرث إدارة ترامب الذي عمل على تغذّية الصراع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وفي اليمن أكثر من كونه متغيراً في المقاربة الأمريكية للحرب في اليمن وعلاقتها بحلفائها في المنطقة وبالطبع ليس اعترافاً بمسؤوليتها المباشرة عن فظائع الحرب وكلفتها الإنسانية على اليمنيين وإنما لحماية مصالحها الحيوية في المنطقة التي أضرت بها إدارة ترامب السابقة ومع أنه من المبكر قراءة النتائج المترتبة عن السياسة الأمريكية الجديدة في الساحة اليمنية بما في ذلك وقف دعمها العسكري للسعودية وكذلك قدرتها على أن تكون وسيطاً في حلحلة الحرب بما يؤدي إلى إيجاد تسوية سياسية للأزمة اليمنية وذلك لأن الوضع العسكري والسياسي في اليمن الذي أنتجته السعودية والإمارات ومرتزقيها في الداخل بما في ذلك إدارة ترامب السابقة أكثر من رغبة إدارة بايدن في إحراز نصر سياسي يفتقر للإلمام بجذر المشكلة اليمنية بحيث يأتي لصالح طرفٍ على حساب الأطراف الأخرى فإن سياسة بايدن المعلنة حيال اليمن سوف تدفع أطراف الصراع المحلية والإقليمية إلى تصعيد عملياتها العسكرية بغرض تحسين موقعها عسكرياً إلا أنه لا أمريكا ولا غيرها من القوى الدولية والإقليمية تضع مصالح الشعوب في قائمة أولوياتها لا مصالح اليمنيين ولا مصالح السوريين الذين يرزحون تحت وطأة عصابات ومجرمين محليين وإقليميين ودوليين غايتهم كما هو حاصل في اليمن السيطرة على الثروات النفطية والغازية والمعدنية والسمكية والمواقع الجغرافية وبالأخص منها الجزر والسواحل الغربية ذات الأهمية الاقتصادية والتجارية بالإضافة إلى وجود النفط بكميات تجارية حسب المسوحات الجيولوجية الحديثة سواء على مستوى الشواطئ أو في أعماق البحر الأحمر والجزر اليمنية التي يضاف إلى أهميتها في تموضعها الاستراتيجي على خطوط الملاحة الدولية .
تحريك ورقة التناقض
ومن منظور واشنطن ترى في اليمن بوابة المواربة بحيث قد تهب رياح الديمقراطيين الأمريكيين على اليمن خفيفة قد لا تغير شيئاً في واقع اليمنيين وإنما تبدأ الحرب الناعمة تضع اشتراطاتها لجني الثمار قبل الوصول إلى أية تسويات سياسية وقد تجلى ذلك من خلال تحريك ورقة التناقض بذريعة السلام الأمريكي هو في الحقيقة مواصلة مشوار العدوان من جهة ومن جهة أخرى التنصل عن مسؤولية ما حدث خلال ما يقارب الـ ستة الأعوام من العدوان والدمار وإلقاء المسؤولية على عاتق المملكة السعودية أما الإمارات فقد أتقنت لعبة الحبال بتصريحات “قرقاش” المتعاقبة عن الانسحاب من اليمن وتحركهم الواسع بما يسمى “الانتقالي” وقد فشلت السعودية في أن تخطو هذه الخطوة عندما فشلت قوات شرعية العدوان بمواجهة قوات الإنتقالي وكل قوة محسوبة على طرف نزاع كما هي تصريحاتهم والحقيقة أن جميعهم يخدم مصلحة أمريكا في المنطقة.
لقد أراد الرئيس بايدن أن يكون حمامة سلام عندما فتح الملف اليمني لكن السلام الذي يريده للمنطقة إستسلام وخنوع.. فما يقوم به الرئيس بايدن من خطوات للسلام تعتبر تناقضات لاغير فالقضية ليست مجرد تجميد صفقات بيع الإسلحة للسعودية وغيرها وليست قضية مصالحة وطنية فما يجب على “بايدن” عمله هو جعل القرار قيد التنفيذ على أرض الواقع ورفع الحصار عن اليمن بشكل عام عن المنافذ الجوية والبرية والبحرية وإعادة البنك للعاصمة صنعاء وصرف مرتبات الموظفين واخراج جيوش الغزاة من كافة الأراضي اليمنية وبغير ذلك تبقى السياسة الخارجية ل "بايدن" شكل من أشكال مواصلة العدوان واستنزاف مقدرات اليمن وثرواته لصالح المحتل حيث لم تكن السياسة الأمريكية في يوم من الأيام منصفة للضحية فـهذه السياسة هي من خلقت النزاعات واشعلت الحروب في المنطقة وهي من حصرت الأنظمة العربية في زاوية العمالة للوبي الصهيوني وجندتهم جواسيس تابعين للموساد وتلاعب أمريكا بورقة السلام لإبقاء المنطقة في صراعات مستديمة.
تخفيف الكارثة الإنسانية
أعمال التصعيد العسكري وقصف المواطنين والحصار من قبل قوى تحالف العدوان التي ترافقت مع المبادرات التي أعلنت مع صعود الإدارة الأمريكية الجديدة ومع كل النداءات والمساعي والمطالبات الرامية لوقف الحرب والإسراع في إيجاد الحلول لتخفيف الكارثة الإنسانية على اليمن لم تلق الاستجابة بل قوبلت بالتصعيد فكان الرد العملي بتصعيد نوعي مقابل ومع ذلك تبقى المساعي والمنادات والتحركات لوضع حد لنهاية الحرب ودوافعها السياسية وتحديد اتجاهات الدخول في العملية السياسية خصوصا مع تقديم الاتحاد الأوروبي لمسودة قرار مرسل لمجلس الأمن يشمل إنهاء الحرب في اليمن مع الأخذ بمغادرة جميع القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية الى جانب خوض مفاوضات السلام الجادة تتطلب دفعا دوليا وإقليميا للأطراف اليمنية لذلك بدءا من وقف إطلاق النار في كل الجبهات وإنهاء الحرب بشكل كامل وتحسين الوضع الإنساني في إطار حزمة من الإجراءات المتكاملة التي تشمل توحيد سياسة البنك المركزي وفتح المطارات والموانئ وصرف المرتبات وتصدير النفط والغاز وإعادة الكهرباء وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين وعودة النازحين.
وفي الأخير إن الانتصار لليمن لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الحرب ورفع الحصار وتطبيع الاوضاع وإيجاد تسوية شاملة وعادلة تقوم على توازنات سياسية بين كل الأطراف تحقق لليمن شروط الدولة العادلة في الشراكة الحقيقية لقيم العيش المشترك.