أخبار وتقارير

القرار الأمريكي .. رهينة اللوبي الصهيوني ! (1)

القرار الأمريكي .. رهينة اللوبي الصهيوني ! (1)

قرر السيناتور (فولبرايت) رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ, استدعاء عدد من كبار القادة الصهاينة للمثول أمام لجنة تحقيق, مما أدى إلى إلقاء الضوء على أنشطتهم السرية.

وقد لخص فولبرايت نتائج التحقيقات التي أجراها, خلال مقابلة في برنامج (واجه الأمة) بثته القناة التلفزيونية (سي.بي.أس) يوم 7أكتوبر 1973م, حيث قال: "إن الإسرائيليين يتحكمون في سياسة الكونجرس ومجلس الشيوخ..

علي الشراعي

وإن حوالى 70% من زملائنا في مجلس الشيوخ يعترفون بأن المواقف والقرارات التي يتخذونها لا تنبع من رؤيتهم الخاصة لما يرون أنه من مبادئ الحرية والعدالة بقدر ما تنبع من الضغوطات التي تمارسها جماعات النفوذ). وفي الانتخابات التالية فقد (فولبرابت) مقعده في مجلس الشيوخ!.
ولا يخفي القادة الصهاينة أهمية الدور الذي تلعبه جماعة الضغط الصهيوني على السياسة الامريكية. ففي عام 1954م صرح (بن غوريون) بقوله: (عندما يتحدث يهودي في أمريكا أو في جنوب أفريقيا مع أصحابه عن حكومتنا فإنه يعني بالطبع حكومة إسرائيل). فعن طريق تشكيل (جماعات ضغط صهيونية) بالغة القوة, بوسعها أن تغير مجرى نشاط الساسة وأن تتحكم في الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية, أما وسائل العمل لتحقيق هذا الهدف فيستخدم له أدوات وطرق عدة, يمكن (للصوت اليهودي) أن يمثل عاملا حاسما في تحديد من يحصل على الأغلبية في الانتخابات.

مراكز القوى
تعد (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الصهيونية) أقوى جماعات الضغط المعترف بها رسميا في الكونجرس الأمريكي.وقد تمتع الصهاينة بنفوذ قوي في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1942م, وهو الأمر الذي أتاح عقد مؤتمر لغلاة الصهاينة في فندق بلتيمور في نيويورك آنذاك, تقرر فيه الانتقال من فكرة إقامة وطن قومي في فلسطين وفقا لوعد بلفور, وعن طريق الاستيطان التدريجي من خلال شراء الأراضي, وذلك تحت الحماية البريطانية أو الأمريكية, إلى فكرة إنشاء دولة يهودية ذات سيادة. وفي 14 مايو 1948م, أعلن(بن غوريون) أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني, أن الدولة اليهودية في فلسطين سوف تُدعى إسرائيل. وقد كان هناك خلاف في الرأي بين فريقين, أحدهما يرى مثل بن غوريون إن من واجب كل يهودي في العالم أن يأتي للعيش في إسرائيل, بينما يرى الفريق الآخر إن نشاط اليهود في الولايات المتحدة أعظم أهمية لمصلحة إسرائيل نفسها, فكانت الغلبة للاتجاه الثاني. فقد هاجر إلى الكيان الصهيوني 35ألف أمريكي, ولم يستقر منهم سوى 5400شخص.
ما أكثر الأمثلة التي تؤكد أن قوى الضغط الصهيونية قد نجحت في دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتخاذ مواقف لا تتفق تماما مع المصالح الأمريكية وإن كانت عظيمة الفائدة للسياسة الكيان الصهيوني وفي خدمته.

أصوات اليهود
في مايو 1949م, انضم الكيان الصهيوني إلى عضوية الأمم المتحدة بفضل الضغوط الوقحة التي مارستها جماعات الضغط اليهودية الصهيونية على واشنطن. ولم يكن الرئيس الأمريكي (فرانكلين, 1933- 1945م) يريد أن يفقد صلاته بالبلدان العربية المنتجة للنفط, ذلك المصدر الفريد للقوة الاستراتيجية لأمريكا, وأحد المصادر الكبرى للثروة في تاريخ العالم. لكن الرئيس (هارى ترومان ألقى بكل مخاوفه جانبا لدواعٍ انتخابية. وبالمثل فعل خلفاؤه من الرؤساء الأمريكان في البيت الأبيض وإلى اليوم. وكان الرئيس ترومان نفسه قد تناول موضوع نفوذ جماعات الضغط الصهيونية وقوة (الصوت اليهودي), وذلك في حديث مع عدد من الدبلوماسيين, حيث قال: (اعذروني أيها السادة, فلا بد أن أستجيب لرغبات مئات الآلاف ممن ينتظرون نجاح الصهيونية. ولا يوجد بين الناخبين آلاف العرب). أما رئيس الوزراء البريطاني (كليمنت إتلي) آنذاك فقد أدلى بمذكراته (مذكرات رئيس وزراء) بهذه الحقيقة: (لقد شكلت أصوات اليهود والمساعدات المالية التي قدمتها عدة شركات يهودية كبرى ملامح السياسة الأمريكية في فلسطين). وفي عام 1956م, قام الرئيس الأمريكي (إيزنهاور), بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي آنذاك بوقف العدوان الثلاثي (الأنجلوفرنسي- الصهيوني على مصر). أما السيناتور (جون كنيدي) فلم يبد أي حماس بخصوص هذا الموضوع. ليكلف في عام 1958م (مؤتمر رؤساء) المنظمات اليهودية رئيسه (كلوتزنيك) بالاتصال بكنيدي, على اعتبار أنه المرشح المحتمل. وخلال اللقاء قال له كلوتزنيك بكل صراحة: (إذا قلتَ ما يتعين عليك قوله, فبوسعك الاعتماد علي, وإلا فلن أكون الوحيد الذي يدير لك ظهره)!!. ولخص كلوتزنيك في عبارة واحدة: كان موقف أيزنهاور سيئا في أزمة السويس 1956م, بينما كان ترومان يسير على الطريق الصحيح عام 1948م. وقد أخذ (كنيدي) بهذه النصيحة في عام 1960, عندما اختاره مؤتمر الحزب الديمقراطي مرشحا للرئاسة. وبعد تصريحاته في نيويورك أمام شخصيات يهودية صهيونية, كانت ما ظفر به نصف مليون دولار لتمويل حملته الانتخابية, وأصبح كلوتزنيك رئيس المنظمات اليهودية مستشارا له, و80 % من أصوات اليهود. وخلال اللقاء الأول بين الرئيس الأمريكي (جون كنيدي وبن غوريون في نيويورك في ربيع عام 1961م, قال كنيدي: (أعلم جيدا أنني انتُخبت بفضل أصوات اليهود الأمريكيين. وأنا مدين لهم بانتخابي, فقل لي ما الذي ينبغي عليً أن أفعله من أجل الشعب اليهودي)!. - فالحقيقة الثابتة أنه لا يوجد خلافات جوهرية بين برنامجي الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والجمهوري في دعمهم للكيان الصهيوني).

دعم سياسي وعسكري
بعد اغتيل الرئيس كنيدي 1963م, مضى الرئيس (ليندون جونسون, ح: ديمقراطي, 1963- 1969م) إلى أبعد من ذلك. وهو ما عبر عنه دبلوماسي صهيوني بقوله: "لقد فقدنا صديقا عظيما- كنيدي- ولكننا وجدنا صديقا أعظم.. إن جونسون هو أفضل صديق عرفته اليهودية في البيت الأبيض". فقد أبدى جونسون تحت الضغط للجماعات اليهودية- الصهيونية تأييدا شديدا للكيان الصهيوني خلال حرب 5 حزيران 1967م, أو ما تسمى (بحرب الأيام الستة, أو نكسة 67). ومنذ ذلك الحين راح 99% من اليهود الأمريكيين يدافعون عن الصهيونية- الإسرائيلية. بقولهم: (أن يكون المرء يهوديا اليوم معناه أن يكون مرتبطا بإسرائيل). فعدوان 5حزيران 1967م, وبسبب قوى الضغط الصهيونية فقد حصل الكيان الصهيوني على ضوء أخضر من واشنطن ببدء عدوانها على مصر وسوريا هذا ما أكده (ميرعاميت) رئيس الاستخبارات الصهيونية خلال زيارته لواشنطن ولقائه مع رئيس المخابرات المركزية الامريكية (هيلموس). ووزير الدفاع الامريكي (مكنمارا). حيث قدم تقريره في 5يونيو للحكومة الصهيونية على نتائج زيارته لواشنطن وصوتوا بالإجماع لبدء العمليات الحربية.كذلك اعترف الطيار الأمريكي (بولارسون) بوصول 192 طيارا أمريكيا في يونيو 1967م, إلى إسرائيل على هيئة سائحين. وعسكريا وقبل العدوان اقتربت قطع من الاسطول الامريكي السادس في البحر الأبيض من ميناء بور سعيد تتجسس على الجيش المصري, وترسل المعلومات مباشرة للكيان الصهيوني, بل اقدم الأمريكان صباح يوم العدوان 5 حزيران 1967م, من قطع الاتصالات بين الأركان العامة والقطاعات العسكرية المصرية. لتسبب قوى الضغط الصهيونية بتوجيه القرار السياسي الأمريكي في دعمه سياسيا وعسكريا للكيان الصهيوني, وما نتج عن تلك النكبة حيث خسرت مصر لوحدها 100 ألف شهيد وجريح, و800 دبابة, و258 طائرة ميج. و68 قاذفة إيل, و28 مقاتلة هانتر, و10آلاف شاحنة ومئات المعدات. اضافة إلى آلاف الجنود المصريين الذين وقعوا في الأسر.
تتحدث (جولدا مائير1969- 1974م) رئيسة وزراء الكيان عن الرئيس الأمريكي جونسون في كتابها (اعترافات جولدا مائير قائلة: (كنت قد رأيته قبل ذلك خلال اجتماع الجمعية العامة عام 1956- 1957م, عندما كان رئيسا للأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ, وعارض علنا وبقوة فكرة العقوبات التي طرحها ايزنهاور ضدنا, ولذا فقد كنت أعلم مشاعره نحو إسرائيل ) وتضيف جولدا وخلال تشييع جنازة الرئيس كنيدى التقت بجونسون بقولها: "وعندما مددت يدي لمصافحته احاطني بذراعه لفترة" وقال لي: "انني اعرف انك فقدت صديقا, لكني أرجو أن تفهمي أنني أيضا صديق" وقد أثبتت تلك الأيام. وتستطرد بالقول: "كنت دائما ما اتذكر الكلمات التي قالها لي جونسون طوال حرب الستة أيام عندما ايدنا في رفض العودة إلى خطوط ما قبل 1967م, إلا اذا تم ذلك في اطار تسوية سلمية وساعدنا على تحقيق ذلك بالوسائل العسكرية والاقتصادية.. وان إسرائيل لمدينة له بالكثير". وفي نوفمبر 1967م, أصدر مجلس الأمن القرار رقم (242) والذي يطالب بانسحاب الكيان الصهيوني من الأراضي التي احتلها خلال الحرب. وكان الرئيس الفرنسي (ديجول) قد أعلن عقب هذا العدوان حظر إرسال أية أسلحة إلى الكيان الصهيوني. كما اتخذ الكونجرس الأمريكي قرارا مماثلا. ولكن الرئيس جونسون أمر برفع هذا الحظر في ديسمبر من العام نفسه 1967م, وتحت ضغوط من (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الصهيونية) ووافق على تزويد الكيان الصهيوني بالطائرات التي طلبها من طراز (فانتوم).
ومع بداية عهد الرئيس (ريتشارد نيكسون. زارت (جولدا مائير, رئيسه وزراء الكيان الصهيوني) الولايات المتحدة الأمريكية, وقد وصفها نيكسون بأنها (دبورة التوراتية), فالدبورة إحدى الشخصيات الجليلة لدى اليهود ي يصفها (سفر القضاة) بزعمهم : (بأنها نبية وقاضية, ثم يمضى في تعداد مآثرها وشجاعتها في قيادة الإسرائيليين والانتصار على ملك كنعان). وقد رفضت جولدا مائير (خطة روجرز) التي تضمنت أهم ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم (242) الانسحاب من الأراضي المحتلة والعودة إلى ما قبل 5حزيران 1967م. ومن جانبه فقد أرسل الرئيس نيكسون إلى الكيان الصهيوني 45طائرة من طراز (فانتوم), وما يزيد عن 80طائرة من قاذفات القنابل من طراز (سكاي هوك).

جسر جوي وتسليح
في حرب 6 أكتوبر 1973م, وشنت مصر هجوما خاطفا أطلق على تلك الحرب لدي الكيان الصهيوني اسم (حرب بوم الغفران) وأدت تلك الحرب إلى سقوط اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وسقطت معه نظرية الحدود الآمنة بل وقوضت سمعة جولدا مائير فاضطرت للاستقالة في 10 ابريل عام 1974م, كما استقال (موشي ديان) وزير دفاع الكيان الصهيوني وفيما يخص جماعة الضغط الصهيوني في الكونجرس الأمريكي فقد حققت نجاحا كبيرا في حملتها. وبسبب تعرض الكيان لهزيمة ولخسائر كبيرة بالسلاح أمر الرئيس نيكسون وزير الخارجية كيسنجر بإرسال أطنان من الأسلحة المهمة إلى الكيان عبر جسر جوي مباشرة منذ اليوم الخامس للمعركة. وعن ذلك الجسر الجوي الأمريكي تقول جولدا مائير: "إن هذا الجسر الجوي لا يمكن تقدير قيمته! انه لم يرفع فقط من روحنا المعنوية وانما ساهم في توضيح الموقف الامريكي امام الاتحاد السوفيتي وساعدنا من الناحية العسكرية, وبكيت لأول مرة منذ الحرب عندما علمت ان الطائرات قد حطت بمطار اللد, وكان ذلك هو أول يوم نعلن فيه قائمة خسائرنا فقد مات لنا في المعركة 656 اسرائيليا.. ومع أن هذه الجالاكسي قد احضرت لنا الدبابات والذخيرة والملابس والإمدادات وصواريخ الجو.. وكانت تهبط في مطار اللد بمعدل طائرة كل خمس عشر دقيقة". وكما نجح جماعة الضغط ايضا من أجل إعادة تسليح الكيان الصهيوني على وجه السرعة. وكانت النتيجة أن وافق الكونجرس على تقديم ملياري دولار معونة للكيان الصهيوني بدعوى التصدي لجماعات الضغط العربية. كما أضيفت إلى المعونة الأمريكية أموال من المصارف اليهودية في (وول ستريت).

السرب الوحيد
ليس هذا فحسب بل وصلت تلك الضغوطات الصهيونية إلى أبعد من ذلك في عام 1973م, ذكر الأدميرال الأمريكي (توماس مورر) رئيس هيئة الأركان المشتركة, أن (موردخاري جور) الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في واشنطن, طلب من الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بطائرات مزودة بصواريخ متقدمة جدا يُطلق عليها اسم (ما فريك), فأجابه مورر قائلا: "لا يمكنني أن أسلمكم هذه الطائرات, فليس لدينا سوى سرب واحد منها, وقد أقسمنا أما الكونجرس أننا في أمس الحاجة إليه). وعندئذ بادر السفير جور بالقول: (أعطونا الطائرات, أما الكونجرس فأنا كفيل به. ويعلق الادميرال مورر على ذلك قائلا: (وهكذا ذهب السرب الوحيد المزود بصواريخ مافريك إلى إسرائيل).

تأييد للصهاينة
في انتخابات 1974م, ومن بين الذين قدموا تبرعات للسيناتور (هيوبرت همفري) كان هناك 12شخصا تبرع كل منهم بأكثر من 100ألف دولار, وأيضا 15 يهوديا في (المافيا اليهودية في هوليود) وقد ساهم هؤلاء عموما بأكثر من 30 % من ميزانية الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي. وفي 21 مايو 1975م, حشدت (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الصهيونية) قواها من جديد, وتمكنت في غضون ثلاثة أسابيع من جميع توقيعات 67 من أعضاء مجلس الشيوخ على بيان يطالب الرئيس (جيرالد فورد) بأن يحذو حذوهم في مساندة الكيان الصهيوني. وفي عام 1976م,. حصل الرئيس (جيمى كارتر)على 68% من أصوات اليهود, فقد بدأ الطريق ممهدا له نحو البيت الأبيض. حيث ظهر في معبد (إليزابيث اليهودي) في نيوجرسي, وهو يرتدي رداء القضاة المخملي, وقال: "إنني أقدس الإله الذي تقدسونه. ونحن كمسيحيين ندرس التوراة التي تدرسونها". واختتم كلمته بالقول: "إن الحفاظ على بقاء إسرائيل لا يدخل في نطاق السياسة, إنه واجب أخلاقي).لكن كارتر لم يحصل في انتخابات عام 1980م, إلا على 45% من أصوات اليهود, لأنه قام خلال فترة رئاسته ببيع شحنة طائرات من طراز (أف 15) لمصر, وشحنة طائرات من طراز (أواكس) للسعودية, رغم تأكيده على أن هذه الطائرات لن تستخدم أبدا ضد الكيان الصهيوني, لأن الجيش الأمريكي يراقب نظم تشغيلها من الأرض!. وقد تفوق عليه في هذه المعركة الرئيس (رونالد ريجان) وأمام قوة الضغط الصهيوني قام الرئيس الجديد على عكس سلفه, بمنح الكيان الصهيوني 600مليون دولار من المعونات العسكرية للسنتين التاليتين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا