
في ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي
علي الشراعي
أثناء صلاة فجر يوم الجمعة 15 رمضان 1414هجرية الموافق 25 فبراير 1994م اقتحم باروخ جولدشتاين الصهيوني - الامريكي المولد الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بتواطؤ من الجيش الصهيوني
وفتح النار من سلاحه على المصلين ليستشهد 29 فلسطينيا وأصيب 70 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه وعمت المظاهرات والاحتجاجات أنحاء الضفة الغربية وغزة وفتح الجنود الصهاينة النار على المظاهرات ليستشهد 19 ويصاب الكثيرون .
الموقف الدولي
كتب الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي إلى رئيس وزراء الكيان الصهيوني إسحاق رابين في نفس اليوم قائلا له إن الأمم مستعدة للمساعدة في تخفيف حدة التوتر الناجمة عن تلك الأحداث بما في ذلك الوجود في الخليل في حالة إعراب كافة الأطراف عن رغبتها وموافقتها وبعث برسالة مماثلة إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات غير أن جيمس روبين المتحدث باسم أمريكا لدى الأمم المتحدة هاجم موقف غالي بشدة معلنا: (حن لا نعتقد أن اقتراح الأمين العام عامل نافع أو مفيد على الإطلاق) . وعندما سأل بطرس غالي عن ذلك قال: إنه أمر غريب أن ابعث برسالة إلى رابين ثم أتلقى الرد من روبين في نيويورك) .
تواطؤ الجيش
عند تنفيذ المذبحة قام جنود الاحتلال الصهيوني الموجودون في الحرم الإبراهيمي بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى فالخطة كانت مبيتة وأن الجيش الصهيوني كان متورطا في المجزرة وقد أكد شهود عيان نجوا من المجزرة أن أعداد الجنود الذين كانوا للحراسة قلّت بشكل ملحوظ فيما كان المتطرف جولدشتاين يلبس بزة عسكرية علما أنه كان جندياً احتياطاً ولم يكن جنديا عاملا على الحراسة ولا يمكن إعفاء الجيش من المسؤولية، عندما قام جولدشتاين بإطلاق النار على المصلين هرب المصلون باتجاه باب المسجد حيث وجدوه مغلقا علما بأنه لم يغلق من قبل أثناء أداء الصلاة بتاتا وعندما توالت أصوات المصلين بالنجدة كان الجنود يمنعون المواطنين الفلسطينيين من التوجه إلى داخل الحرم للقيام بإنقاذ المصلين .
فمدينة الخليل ضمن استراتيجية الاحتلال الصهيوني لضمها لكيانهم فعقب إعلان قيام الكيان الصهيوني عرض بن غوريون إعلان حدود الدولة الجديدة لكن بنجاس روزن الذي اصبح فيما بعد وزيرا للعدل اعترض لأسباب قانونية مؤكدا إمكانية إعلان قيام دولة بدون الإشارة إلى حدودها وأضاف قائلاً: (إننا نعتزم احتلال الخليل والقدس بكاملهما ونضمهما لدولتنا فلم نتخذ من الآن قرارا يلزمنا بحدود) فهذه تعتبر ذات اهمية تاريخية تزداد قيمتها كلما تمادت امريكا في تأييد الكيان الصهيوني استغلالا لضعف العرب.
تأييد امريكي
ربما تكون فلسطين أكثر دولة في العالم تعرضت لبطش أمريكا يكفي مثلا أن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو 79 مرة خلال نصف قرن منذ قيام دولة الكيان الصهيوني ومن بين هذه المرات كانت هناك 39 مرة ذات صلة بالكيان الصهيوني وكان المتضرر الوحيد من الفيتو هو الشعب الفلسطيني . كان من رأي الرئيس الأمريكي كلينتون أنه من صالح العرب أن يتركوا القدس لإسرائيل.. وإذا كان العرب والمسلمون على تصميمهم بأن القدس عربية فإنه في مقدورهم تغيير اسم قرية قريبة وراء التل - أبو ديس– ويطلقون عليها اسم القدس وبذلك يتم حل المشكلة وميزتها أنها على بعد كيلومترات قليلة من القدس .
وفي منتصف عام 2000م أعلن المرشح الجمهوري جورج بوش الابن أنه سيبدأ إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في حالة فوزه في الانتخابات ووصف الدول العربية بـ(جيران إسرائيل المعادين لها) وتحدث عن رغبة إسرائيل في السلام وأمله في أن تحذو الدول العربية حذوها مقدرا تضحيات إسرائيل غير المحدودة من أجل السلام ! اي سلام وعقيدتهم التلمود الذي لا تعتبر سلب مال الآخرين سرقة بل هو استرداد لأموال اليهود و كل من ليس يهوديا فهو كافر ويحظر على اليهود أن يحيوا الكفار بالسلام مالم يخشوا ضررهم أو عداوتهم وإن النفاق والكذب جائزان مع الكفار وإن كل الدنيا بما فيها ملك لليهود ولهم عليها حق التسلط وسرقة الأجانب محمودة ومطلوبة !.
فالموقف الامريكي المؤيد لقيام ووجود الكيان الصهيوني يتجلى من خلال اعتراف واشنطن بدولة الكيان والوقوف بجانبها واعتبارها حليفاً وصديقاً ويجب على البيت الابيض مساندتها ومناصرتها وذلك عبر مواقف عديدة لرؤساء امريكيين..
ففي 11مايو 1949م بعد اقل عام من قيام الكيان الصهيوني فرض بالقوة على منظمة الأمم المتحدة تحت ضغط شديد من أمريكا فقبلتها الأمم المتحدة عضوا لكن بشروط ثلاثة عدم المساس بوضع مدينة القدس والسماح للعرب الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم واحترام الحدود التي وضعها قرار التقسيم .
وفي 15مايو 1948م أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي هاري ترومان منح اعترافا دبلوماسيا للدولة الجديدة إسرائيل وذلك بعد إحدى عشرة دقيقة من قيامها، واعتراف بفضل ترومان في إنشاء دولة الكيان الصهيوني أثنى عليه حاخام اليهود الأكبر قائلا له: (لقد وضعك الله في رحم أمك كي تعيد إنشاء إسرائيل).
و2 يونيو 1964م وقف الرئيس الأمريكي جونسون مستقبلا رئيس لوزراء الصهيوني ليفي أشكوك في البيت الأبيض ثم وجه جونسون امام الصحافة بشكل علني قائلا: إن إسرائيل لها أن تعرف وان تثق بأن لها صديقا وفيا وحميما في البيت الأبيض وان سلامة وامن إسرائيل هما جزء لا يتجزأ من سلامة وامن الولايات المتحدة) وحينها اجتمع ثلاثة عشر سفيرا عربيا في واشنطن وقرروا أن يذهبوا معا إلى مبنى وزارة الخارجية الامريكية ليسلموا احتجاجا باسم العرب على تصريحات جونسون الرسمية بشان الكيان الصهيوني وهناك استقبلهم مساعد وزير الخارجية واستمع إليهم في ضجر ثم قال في استخفاف: (إن مواكب احتجاج السفراء العرب آن لها ان توقف لقد أصبحت مثل مواكب الجنازات).
حقيقة تاريخية
فلسطين هي أرض إسلامية بالدليل التاريخي القاطع الذي لا يقبل الشك بل هي حق مقدس لا يجوز التفاوض بشأنه أو المساومة عليه بأي حال من الأحوال، وفلسطين التي عُرفت قديما بأرض كنعان نسبة إلى العرب الكنعانيين كانت محط الرحال للعديد من القبائل العربية التي وفدت إليها منذ الألف الرابع قبل الميلاد وأقامت في سهولها وسواحلها وعلى جبالها ويرى ثقات المؤرخين بأن العموريين والكنعانيين واليبوسيين قد نزحوا من جزيرة العرب.