ما نشاهده الآن من أعمال إجرامية للمستعمر الجديد هو نفس أعمال المستعمر القديم (1-2)
بدايةً ونحن نحتفل بالذكرى الـ 52 لعيد الاستقلال أود أن أنوه بأن الكتابة عن هذه الذكرى بما مثلته من فرح كبير ونصر واعتزاز ليس في أوساط أبناء الجنوب اليمني فحسب,
بل في أوساط الشعب اليمني بأسره, وكذلك كل الاحرار العرب وغير العرب من المناوئين للاستعمار بكل أشكاله.
بقلم اللواء الركن: لقمان باراس
أود أنوه بأن الكتابه من منظور اليوم قد تختلف بعض الشيء عن الكتابة في بداية الحدث نظراً لما عاشته اليمن والجنوب خاصةً من أحداث مغايرة لنهج ثورة الـ 14 من اكتوبر التي توجت بالاستقلال, على الرغم من أن البعض من المناوئين للثورة والذين رأوا بريطانيا دولة عظمى لا تغيب عنها الشمس كانوا يقولون بأن الاستقلال صعب المنال ولكن بالرغم من أقوالهم المكايدة والتي تصب في مصلحة الاستعمار وأعوانه فالاستقلال قد تحقق بفضل النضال الجماهيري الوطني في عموم مناطق الجنوب بصرف النظر عن كون الاستعمار قد خرج من الباب وعاد من النافذة مستكفياً بمرتزقته وبمساندة الدول الكبرى والدول الرجعية لها ولكن بصبر الشعب واستمرار المقاومة وبكشف مآرب الاستعمار وأهدافه ونهبه للثروات ومحاربته لكل القوى الوطنية في كل اليمن والأقاليم فإن الاستقلال الثاني قادم بحول الله وقدرته وسيخرج المستعمر صاغراً دون رجعة شاء أم أبى.
وبنظرة خاطفة على أهداف الاستعمار البريطاني القديم والاهداف الحالية فإنها لا تختلف في مضامينها وإن اختلفت في طرق ووسائل تحقيقها.
مثلاً: التقاء مصالح الاستعمار البريطاني والسعودية وغيرها من الدول على حساب مصالح الشعب اليمني ونضاله من أجل حريته واستقلاله هدفاً لا زال قائماً وان اختلفت الطرق والوسائل.
- الاستمرار في استقطاب العملاء من ضعفاء النفوس وتوسيع دائرة الاستقطاب لتشمل بعض ممن يدعون بأنهم مثقفون وحاملين رأيه الوطن وهم مرتمون في احضان الاستعمار هدفاً لا زال قائماً وتمثل بريطانيا مع حليفتيها السعودية والامارات اللتان تضخان الاموال لها متناسين أن الأموال لم تنفع قارون.. عندما يأتي غضب الله استجابة لدعاء الفقراء والمظلومين, الثكالى والايتام والمستضعفين في كل بقاع الأرض بصورة عامة واليمن بصورة خاصة.
أعتقد أخي القارئ الكريم وأختي القارئة في عدن وغيرها انكم تتذكرون انه في 16 يناير عام 1962م صرح المسترجونبروفومو أن بريطانيا لن ترحل من عدن في إشارة الى جعلها قاعدة حربية كبيرة لبعض المناطق المحتلة العربية والآسيوية والافريقية.. حيث شاركت القاعدة البريطانية من البحر الاحمر في باب المندب في ضرب قناة السويس وشرم الشيخ أثناء العدوان الثلاثي على مصر.. وهدف السيطرة على الممرات البحرية والجزر والموانئ بكل أنواعها لا زال قائماً في الوقت الراهن.
فضلاً عن مواقع الثروات النفطية والمعدنية والزراعية (مزارع القطن طويل التيلة في ابين ولحج وحضرموت (مينع) وكذلك مواقع الاسماك الذي تمتلئ به البحار الثلاثة في اليمن) البحر الاحمر والبحر العربي والمحيط الهندي.
• الاستعمار الجديد وعملائه كما عمل الاستعمار القديم حاول ولا زال يحاول جعل المحافظات الجنوبية وبقية المناطق المجاورة قاعدة حربية إمتداد لقواعده الحربية في مناطق شتى.
(وما بناء قواعد في مطارات والريان والغيظة وسقطرى وميون وعبدالكوري وموانئ مزمع إنشاؤها او تعميقها في سواحل المهرة وحضرموت وشبوة إلا تأكيد على الاستمرار والتذكير بالأهداف القديمة- الجديدة للاستعمار البريطاني- الامريكي- الاسرائيلي وحلفاؤهم من العرب المواليين خدمة للصهاينة والمتصهينين ولن أغوص كثير في هذا السياق الا من باب التذكير لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
• حقيقة عند ما عرف الاستعمار البريطاني وحلفاؤه أو أعوانه أن الثورة قد قامت في اليمن الشمالي وان الاهداف الستة المعلنة مزعجة بالنسبة له وللسعودية وأن هذه الثورة أي ثورة 26 سبتمبر عام 1962م ستكون عاملاً مهماً وسنداً بكل تأكيد لدعم احرار جنوب اليمن الذين توافدوا من كل حدب وصوب من مناطق الجنوب الى صنعاء وأن بعضهم قد شارك في الحدود المتاحة له سواء في الثورة أثناء الحصار وبالفعل تشكلت الطلائع الاولى لتفجير الثورة من ردفان بقيادة البطل الشهيد غالب بن راجح لبوزه بداية في صنعاء للتخلص من الاستعمار البريطاني واعوانه.
ولهذا قامت بريطانيا ومعها السعودية بدرجة رئيسية وكل القوى المعادية للثورات من دول واشخاص واجهزة مخابراتية.. إلخ بمحاولة حرف مسار ثورة 26 سبتمبر وتحييدها من حيث المضمون لصالحها " أي لصالح السعودية" وليس لصالح الشعب اليمني وأن تبقى شكلياً دون ان تحقق اهدافها الستة على الواقع العملي، أضف إلى أن الاستعمار حاول بكل جد واجتهاد ولا زال يحاول بشكل أوسع ان يعمق الانفصال ليس بين شطري اليمن فحسب بل وبين ما كانت تسمى بالمحميات الشرقية والغربية نكاية بالوحدة اليمنية, وفي الاطار نفسه حاول الاستعمار ولا زال يحاول ربط المنطقة كلها تقريباً بأحلاف مع بقية البلدان التي تحت سيطرته.. صراحة ان الاستعمار لا يمكن ان يحقق كل اطماعه التي ذكرناها وغيرها من التي لم تذكر الا بالقضاء على الثوار من المفكرين ورجال الثقافة والاحرار بمختلف تخصصاتهم ممن يناضلون من اجل استقلال جنوب اليمن والدفاع عن الثورة في الشمال وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وتصحيح مسارها وإنشاء التجمعات القبلية في الجنوب والشمال المناهظة للاستعمار وكان الاستعمار البريطاني يقوم بقمعها باعتبارها انتفاضات قبلية رائحة الوطنية ويعرف بانها اذا نظمت فانها ستكون قوة الى جانب الثورة أو تنخرط في إطارها.
لم يفلح الاستعار في كثير من مشاريعه مثل قيام الاتحاد الفيدرالي ثم الاتحاد العربي لعقد صفقات ومعاهدات جديدة وفرضة قيادات تكون راضية عن مشروعه من الانتهازيين والمواليين له أصلاً.. ولكنهم يتظاهرون بالوطنية بل يزايدون بها أكثر من الوطنيين المخلصين حقاً وحقيقه- قولاً وعملاً.
عانت اليمن جنوباً وشمالاً من الثالوث البغيض (الفقر, والجهل والمرض).
ورغم هذا وذاك استمرت ثورة الـ14 من أكتوبر التي انطلقت من جبال ردفان الشماء وكان اول شهيد لها هو المناضل غالب بن راجح لبوزة وكوكبة من الشهداء الذين أناروا درب الثورة وكانوا بمثابة شموع احترقت لتضيء للآخرين درب التحرير.
وبدعم من الثوار في شمال اليمن وكل احرار الوطن العربي والعالم استمرت ثورة اكتوبر في توسيع نشاطها بشقيه السلمي والفدائي (الجهادي).
الى ان شمل المدن والارياف واهتز بالفعل عرش الحاكم البريطاني (المندوب السامي( واستعان بمن عقد معهم معاهدات الحماية ومن ثم الصداقة واخيراً الاستشارة دون جدوى.
والحقيقة ان المثقفين والخريجين من الدول العربية وكذلك التجار الذين عادوا الى عدن من مصر والهند وبعض البلدان الاخرى المستنيرين بالفكر الثوري من خلال معايشتهم للثورات التي قامت في تلك البلدان التي سبقت ثورتي سبتمبر واكتوبر في تلك البلدان قد لعبوا دوراً لا يستهان به في نشر الوعي الثوري والمشاركة في النضال والحفاظ على استمراره وبشهادة الرواد الاوائل للثورة في شمال اليمن وجنوبه.