سيول الأمطار .. معاناة تتكرر كل عام !!
اجتاحت سيول الأمطار خلال الأيام الماضية معظم حارات في مدينة معبر بمحافظة ذمار، في مشهد كارثي يتكرر كل عام.
وفرضت سيول الأمطار التي طوقت منازل المواطنين معظمها مبني من اللبن في منطقة المجرة وغيرها من الأحياء السكنية بمدينة معبر مركز مديرية جهران، حصارا خانقا على منازل الأهالي لعدة أيام، متسببة بأضرار كبيرة في ممتلكاتهم، حظت باهتمام وحضور قيادة السلطة المحلية والأمنية، ولجنة الطوارئ، والشؤون الإنسانية، نتيجة الكارثة التي تتكرر مآسيها في كل موسم للأمطار، دون أي حلول جذرية للمشكلة التي باتت تؤرق الأهالي، عند سقوط أولى قطرات الغيث من السماء لتتحول إلى نقمة عليهم.
برزت حارة المجرة الواقعة في منحدر وصول سيول الأمطار، من الحارات السكنية في مدينة معبر المهددة بالزوال والانهيار، كمنطقة منكوبة تتجدد معاناة الأهالي كل عام، التي اصبحت بحيرة من المياه بسبب عدم وجود قنوات لتصريف سيول الأمطار القادمة من المناطق المحيطة بالمدينة، مثلت تهديدا حقيقيا لمئات المنازل السكنية المبنية من طوب "اللبن"، بالانهيار، التي لم تعد صالحه للسكن، بحسب ما تداوله ناشطون من أبناء المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي.
لم تكن كارثة السيول هي من تهدد احياء وحارات مدينة معبر، بل انتشار بيارات الصرف الصحي اليدوية ذات الاعماق المختلفة، التي تسببت بغرق شاب 14 عاما، وادت إلى وفاته خلال الأيام الماضية، بسبب انعدام شبكة الصرف الصحي في المدينة المهددة بالكوارث الحقيقية، نتيجة تعثر مشروع الصرف الصحي الخاص بالمدينة.
فشل إداري
عجز بعض الأهالي وفق ما تداوله الناشطون لقرابة 14 يوما عن ادخال وايتات مياه الشرب وغيرها إلى حارة المجرة، خوفا من الغرق في وحل السيول، وحفر البيارات المنتشرة في الاحياء والحارات، اصبحت كمائن لاغتيال حياة الأطفال، ومصدر رعب وخوف للأهالي على انفسهم واطفالهم على حد سواء.
تتعرض مدينة معبر منذ السنوات الماضية لكوارث السيول دون أي حلول جذرية من الجهات المعنية والسلطات المحلية التي أصبح دورها خلال السنوات الماضية يقتصر على تقديم المساعدات الطارئة لبعض الأهالي وكيفية فتح قنوات لتصريف مياه السيول من محيط المنازل، دون أي اجراءات ومعالجات تحد من تكرار الكارثة، الا أنهم يضعون الآمال على قيادة السلطة المحلية الراهنة ممثلة بالمحافظ محمد البخيتي، في وضع حد لمعاناة أهالي المنطقة.
اغاثة وإيواء الأهالي
ودعا مدير فرع المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية بالمحافظة، منير المروني، المنظمات الإنسانية ورجال الاعمال، إلى توفير المواد الإغاثية والإيوائية والغذائية الطارئة للمتضررين، معتبرا المنطقة منكوبة بكارثة إنسانية جراء سيول الأمطار.
سوء التخطيط
من جهة ثانية أرجع رئيس المجلس المحلي بمديرية جهران، صالح العياضي، في حوار اجرته معه صحيفة"26سبتمبر"، اجتياح سيول الأمطار لمعظم الاحياء والحارات السكنية ومنها المجرة، إلى سوء التخطيط من قبل هيئة المساحة والتخطيط العمراني، التي ادرجت تلك المناطق ضمن التخطيط الحضري للمدينة، واغفالها ايجاد قنوات لتصريف سيول الأمطار، خلال الفترة الماضية، مطالبا باجراء تحقيق يكشف عن المتسببين بمثل هذه الكوارث التي تتكرر طيلة السنوات الماضية بين المواطنين وإلى اليوم.
خطر يهدد الأهالي
وذكرت الناشطة الحقوقية بمدينة معبر، نجود محمد القليصي، أن سيول الامطار دخلت معظم المنازل في حارة البنوس والمجرة، التي معظمها من الطين، وتسببت بإتلاف محتوياتها من الأثاث وغيرها، ولجوء الكثير منهم إلى منازل اقربائهم في الحارات المجاورة.
وبينت نجود أن سيول الأمطار اودت بحياة شاب غرقا في إحدى البيارات نتيجة امتلائها بالمياه، التي تشكل خطرا يهدد الأهالي وأطفالهم على حد سواء في منطقة المجرة وغيرها.
وأرجعت الناشطة نجود، أسباب تدفق سيول الأمطار لتلك الحارات لانعدام وجود قنوات تصريف السيول بعيدا عن منازل المواطنين، مطالبة المجلس المحلي بالمديرية، ومكتب الأشغال، وقيادة السلطة المحلية بالمحافظة الالتفات إلى معاناة مدينة معبر وحاجتها الماسة منذ عشرات السنين لقنوات تصريف السيول، وشبكة الصرف الصحي للمدينة، حماية لمنازل المواطنين من أي اخطار خلال المواسم القادمة.
منطقة منكوبة
وكانت قد أعلنت لجنة الطوارئ بمحافظة ذمار في مطلع أغسطس الجاري منطقة المجرة وحارة الخير في معبر منطقة منكوبة، مؤكدة انها بذلت ما بوسعها لإيجاد مخارج وممرات للسيول المتدفقة بعدد من الآليات والمعدات دون جدوى، أمام كثافة السيول من جهة، وطبيعة الأرض الطينية التي حالت دخول المعدات إلى بعض المناطق من جهة ثانية.
اضرار بشرية ومادية
وعلى مستوى مديريات محافظة ذمار، خلفت سيول الأمطار 11 حالة وفاة واصابة، وتضرر العشرات من المنازل السكنية، في أول احصائية عن أضرار الأمطار.
وقال رئيس لجنة الطوارئ بالمحافظة نشوان السماوي، في تصريح لـ26سبتمبر"،" إن سيول الأمطار خلفت وفاة 6 اشخاص بجرف سيارة كانت تقلهم في سائلة بمديرية جبل الشرق، ووفاة 3 أطفال في منطقة بني علي بوصاب السافل جراء انهيار سقف المنزل، وغرق طفل في بيارة بمدينة معبر مركز مديرية جهران، أدى إلى وفاته".
وأضاف، أن سيول الأمطار خلفت اصابتين أحدهم بتهدم منزله في مدينة ذمار لايزال بالعناية المركزة، واصابة طفلة بانهيار منزل الأسرة في مديرية عتمة، مبينا أن قرابة 55 منزلا تعرضوا للانهيار الجزئي والكلي، منها 15 منزلاً في مديرية ذمار، وانهيار الأسقف لعدد 35 منزلا في مديرية ضوران، وتهدم منزلين في وصاب السافل وعتمة.
جهود ميدانية
وأفاد السماوي أن لجنة الطوارئ، تحركت بآلياتها ومعداتها إلى المناطق المتضررة، سواء في مدينة ذمار عاصمة المحافظة، ومدينة معبر، لتقديم الدعم والمساعدة الطارئة للأسر المتضررة، بفتح ممرات لسيول الأمطار، وتقديم المواد الغذائية والايوائية من فرع الشؤون الإنسانية.
وأوضح أن عدد الآليات والمعدات المشاركة في الأعمال الطارئة 11آلية منها، 3 شيولات، و 2 قريدل، و 4 قلابات، و2 شفاط للمياه، اسهمت جميعها في ايجاد منافذ وقنوات تصريف سيول الأمطار، ومسح بعض الشوارع والطرقات، وتنظيف عبارات المياه للمرة الثانية منذ بداية الأمطار.
وبين انه تم ردم عدد من ساحات المدارس، و2 من مخيمات النازحين، ورفع الانهيارات الصخرية في بعض الطرقات، وتكليف لجان في مختلف المديريات لرصد الأضرار الناتجة عن السيول في الآراضي وممتلكات المواطنين.
دراسة متكاملة
وأشار السماوي، إلى أن قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالأخ المحافظ محمد البخيتي، كلفت لجنة من مكتب الأشغال وهيئة الموارد المائية لإعداد دراسة متكاملة، لايجاد حلول جذرية لمشكلة تصريف المياه في مختلف المناطق المتضررة.
وأرجع رئيس لجنة الطوارئ بمحافظة ذمار اغراق السيول للأحياء والحارات السكنية إلى زيادة هطول الأمطار المتواصلة خلال الموسم الحالي، وانخفاض المنازل في بعض الاحياء والحارات عن الشوارع الرئيسية، جعل منها عرضة لدخول سيول الأمطار، مشيدا بدور المواطنين في تعاونهم مع لجنة الطوارئ، مشاركتها الأعمال الميدانية والرصد والإبلاغ.