نصف مليار دولار أكبر صفقة بين صالح وحميد الأحمر
الأحمر وأمير سعودي كبير قررا الإطاحة بصالح بسبب قضية نصف المليار دولار
رغم أن حميد من جيل الأبناء إلا أن جشع صالح على المال دفعه الى مساواة نفسه به
الخلاف بين صالح وحميد بدأ على نصف مليار دولار وجماهير صالح والإصلاح غرر بها
بعد نجاح الصفقة الأولى تداول الجانبين مشروع صفقة تصل قيمتها الى أربعة مليارات دولار
في العام 2011م بلغ الخلاف بين الرئيس الأسبق علي صالح والقيادي في تجمع الإصلاح (جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) حميد الأحمر ذروته ففي حين أتجه الأخير الى دعم التحرك الشعبي المطالب بإسقاط السلطة حينها كان الأول يعمل كل ما بوسعه من أجل إفشال تلك التحركات فدفع الأحمر عن طريق حزبه وكذلك المتحالفين من أحزاب المشترك بالمزيد من أنصارهم الى الساحات بينما دفع صالح بجماهيره الى ميدان السبعين بالتزامن مع إتهامات متبادلة استمرت لسنوات مضمونها الأساسي الأموال فحميد سارع الى إتهام صالح بأنه يمتلك عشرات المليارات من الدولارات فرد صالح بالمثل وحاول نفي ما جاء في وسائل إعلام معارضة بطرقه الخاصة لكن كان معظم المسحوقين من أبناء الشعب اليمني لا يعلمون حقيقة ثروة الأول أو أموال الثاني
كان الشعب منهم من اختار السبعين لمناصرة صالح ومنهم من اختار الإصلاح لا يدركون خفايا الصفقات المليارية بين الجانبين فما بين صالح والإصلاح عقود من التحالف انعكس الى تحالف شخصي مع بروز أبناء الشيخ منتصف تسعينيات القرن الماضي ولعل ما سيكشف في هذا التقرير ليس إلا نقطة في بحر الأموال المنهوبة ومقدمة من مقدمات هوامير الفساد في بلد صنف قبل الوضع الحالي بأنه من أفقر بلدان العالم.
26 سبتمبر – تقرير خاص
بداية العلاقة بين الرئيس وابن الشيخ :
تعود العلاقة بين علي صالح وحميد الأحمر (رغم أن حميد من جيل أبناء صالح) الى نهاية تسعينيات القرن الماضي وقد يكون من المفاجئ للكثير من اليمنيين أن العلاقة بين الطرفين بدأت بصفقة مالية كبيرة يصح أن نقول عنها صفقة فساد بل تكاد تكون من أكبر صفقات الفساد خلال تلك الفترة حيث يبلغ اجمالي تلك الصفقة نصف مليار دولار , نعم نصف مليار دولار وكانت عبارة عن ملحق من ملاحق الصفقة الأكبر التي يقدر البعض حجمها بأضعاف هذه المبلغ بكثير.
اليوم سنتحدث ونقلاً عن مصادر موثوقة تفاصيل صفقة النصف مليار دولار والمرتبطة بصفقة الحدود وما عرف وقتها بإتفاقية جدة 2000م حيث توجب على السلطتين اليمنية والسعودية في تلك الفترة البدء في ترسيم الحدود وهنا لم يغب عن مخيلة السياسي اليمني هذه النقطة ولم يفت هوامير الفساد مثل هذا الجانب ليبرز إسم حميد الأحمر من جانب وأمير سعودي كبير من جانب آخر قبل أن يفرض صالح نفسه على الطرفين معاً ليصبح الشريك الثالث في تلك الصفقة.
الشركة الأجنبية تقدم عروضها:
جرى الاختيار على شركة أوروبية لتنفيذ ترسيم الحدود وقد وقع الاختيار على شركة معروفة بأنها من الشركات التي تمارس الفساد ولها سمعة سيئة في مجال ترسيم الحدود , غير ان هوامير الفساد لا يحبذون إلا مثل هذه المؤسسات والشركات التي ستعمل على التغطية على فسادهم ونهبهم للأموال وتعمل على شرعنة ذلك بعد ان تكون قد ضمنت حقها الكامل من الأموال لتبدأ بتقديم عرض بمبلغ كبير يتجاوز المليار والنصف مليار دولار وكان ذلك بالاتفاق مع هوامير الفساد ثم يستقر المبلغ عند مليار و200مليون دولار كان 50% منه سيذهب الى الفساد.
من استدعى الأحمر
كانت قضية الحدود بأكملها عبارة عن صفقة مليارية وبالعملة الصعبة وتكاد تكون من أكبر الصفقات على مستوى العالم فيما يتعلق بالحدود والفساد الذي رافق تلك الصفقة ونحن هنا نسلط الضوء على ما جرى بعد تلك الصفقة المليارية من صفقة أخرى بلغت نصف مليار دولار تقاسمها كلاً من علي صالح وحميد الأحمر إضافة الى أمير سعودي كبير.
بحسب المصادر فإن صالح لم يعترض على اسم حميد الأحمر كشريك للشركة أو مقاول من الباطن بل وعمل فيما بعد على دفع الشيخ عبدالله بن حسين على استدعاء نجله للحضور فكانت تلك الصفقة تتويج ليس لعلاقة الرئيس بالشيخ بل لعلاقة الرئيس بإبن الشيخ الذي سيصبح فيما بعد من أكبر التجار والمستثمرين في اليمن وكان صالح وقتها يرى في حميد بأنه شريك مناسب يمكن أن يدير له بعض أموال من خلال الدخول معه في شراكات مختلفة (منها شراكة في أكبر مشروع استثماري حيث ظلت تلك الشراكة مخفية على الناس حتى اللحظة)
في تلك الفترة لم تحضر الحقوق اليمنية في الحدود أو وضع أية اعتبار للجوانب القانونية والفنية والتاريخية وردة الفعل الشعبية بل حضرت صفقات المليارات من الدولارات ولم يشغل السياسي اليمني باله بأي ردة فعل شعبية فالشعب حينها منقسم بين مؤتمر يمثله صالح وإصلاح يمثله الأحمر وعندما تكون الصفقات باسم صالح والاحمر فجماهير المؤتمر والإصلاح ستخرج مباركة مؤيدة دون أن تعلم حقيقة ما بين قيادة الحزبين ونقصد هنا برأس القيادة وليس القيادة لأن مثل هذه الصفقات كان يتم استثناء أسماء وشخصيات لاسيما اذا كانت الصفقات تتعلق بالمليارات من الدولارات.
صالح .. أين حقي؟
ما إن بدأت الشركة في تنفيذ ما عليها وبعد ان تمت إجراءات استكمال الصفقة حتى بدأ صالح يشعر بالإنزعاج نتيجة تجاهل حميد والأمير السعودي له فنصيبه لم يصل بعد أو على الأقل لم يتم الاتفاق على رقم معين وهذا ما سيدفع صالح الى التلويح بوقف عمل الشركة وهنا تبدأ الاتصالات فيقرر صالح ارسال احد المقربين منه الى دولة أوروبية وهناك يجري تقاسم النصف مليار دولار.
لقد كان صالح جشعاً حين طلب نصف المبلغ فيما النصف الآخر كان يتوجب على حميد الأحمر والأمير السعودي الكبير تقاسمه فيما بينهما وهذا يعني أن ربع مليار دولار نعم ربع مليار دولار ستذهب الى حسابات صالح في بنوك الخارج منها بنوك سويسرية وأخرى في دول اسيوية وامريكية.
حاول الأمير السعودي ارسال نجله الى تعز حيث كان صالح وقتها هناك وعند ساعات الفجر الأولى توصل صالح مع نجل الأمير الى توافق انعكس على لقاء المندوبين في المدينة الأوروبية وبالتالي عادت الشركة الى استئناف عملها.
هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟
كان صالح يأمل أن تكون تلك الصفقة بداية علاقة جيدة مع حميد الأحمر الذي اتجه الى توسيع تجارته واستثماراته مستنداً على نفوذ ابيه الشيخ عبدالله وعلى حزب الإصلاح , غير أن حميد رأى أن صالح غير جدير بالثقة لاسيما في ممارسات الفساد وصفقاته المليونية والمليارية فيما صالح شعر بأنه بحاجة الى صفقات إضافية فدخل مع الأحمر في مشروع استثماري كبير في الوقت الذي كان فيه الأحمر وكذلك الأمير السعودي قد شرعا في العمل ضد صالح ليس في الجانب التجاري فحسب بل والسياسي وهنا بدأ الخلاف بين حميد الذي سيقود الإصلاح الى الخروج نهائياً من التحالف مع صالح وبين صالح الذي سيعلن ان اتخذ الإصلاح مجرد كرت بيده فكانت انتخابات 2006م وما تلاها من أحداث وصولاً الى 2015م.
خلاف سياسي واتفاق مالي :
المشروع الاستثماري الكبير بين صالح وحميد ظل مستمراً وكانت عائدات حصة صالح تصل اليه حتى في ذروة الازمة والخلاف بين الجانبين .. هذا ليس مفاجئاً بالطبع لمن يعلم بحقائق صفقات القيادة اليمنية او السلطة اليمنية في تلك الفترة والنخبة السياسية لكن قد يكون مفاجئاً لعامة الناس ممن اعتقدوا يوماً أن خلاف الجانبين شمل كل شيء لاسيما عندما زج الأحمر بالمخدوعين من الإصلاح للحرب في 2011م وزج صالح وحدات من الجيش التابع للدولة في حرب كان في مظهرها أنها حرب دولة ضد حزب أو جماعة لكنها كانت في حقيقة الأمر حرب مصالح وأموال وصفقات ونفوذ وما الشعب في كل ذلك ليس إلا ضحية فعندما اتفق صالح والأحمر كان الشعب ضحية فسادهما وعندما اختلفا كان الشعب أيضاً ضحية الحرب بينهما فهل يدرك الشعب حقيقة ما جرى رغم مرور عقدين من صفقة نصف المليار دولار.
ما بعد الخلاف:
رأى حميد الأحمر أنه حقق ضربة لصالح في العام 2011م بعد ان ثبت دوره في التحرك الشعبي الذي صادره الإصلاح وأحزاب المشترك من خلال الحديث علناً أنه كان ينفق على الساحات فيما صالح كان أكثر جشعاً بالنسبة للإنفاق على أنصاره رغم انه حاول إفراغ خزينة الدولة خلال اشهره الأخيرة في السلطة لدرجة أن قطاع الطرق حصلوا على عشرات الملايين من الدولارات في عملية انفاق عشوائية كان الهدف منها التخريب والافساد والفوضى وبهذه الطريقة حافظ صالح على جزء كبير جداً من أمواله في الخارج وهذا الامر لا يعني أن الأحمر أنفق جزء من أمواله او نصفها على تلك الاحداث بل اتجه لاحقاً الى تعويض خسائره وعلى حساب الشعب فعمل على تنمية تجارته مرة أخرى باستثمارات عدة واضعاً في اعتباره أن حكومة الوفاق ستكون أداة في يده لتمرير مشاريعه وكذلك لتعويض خسائره رغم أن كل ما كان ينفقه ليس إلا نتيجة من نتائج الصفقات المشبوهه فهل يا ترى يعلم الشعب حجم أموال صالح وحجم أموال الأحمر وهل يدرك الشعب حقيقة صفقات مالية كبيرة كانت تستهدف ثروات البلد وأمواله وعائداته المختلفة وهي صفقات تصل قيمتها الى اضعاف ما ذهبنا اليه من صفقة تتعلق بالحدود.
لماذا لا نتقاسم صفقة أعظم وأكبر؟
دارت هذا التساؤلات بين صالح وحميد عقب نجاح صفقة النصف مليار دولار (رغم الخلاف الذي حدث) فلعدة أيام كان هناك حديث ونقاش يدور في كواليس دار الرئاسة وفي إطار ضيق جداً يتضمن صفقة تصل قيمتها الى أربعة مليار دولار نعم أربعة مليار دولار وكان صالح متحمساً بشكل غير عادي لتنفيذها ورأى ضرورة العمل على إتمامها غير أن تداعيات الخلاف على الصفقة السابقة لم يشجع بقية الأطراف على تنفيذها ناهيك أن هذه الصفقة كانت عبارة عن خداع وتضليل يتعلق ايضاً بمرحلة ما بعد اتفاقية جدة وترسيم الحدود وهي الصفقات التي أضاعت فرصة الحصول على مليارات الدولارات كان من المفترض أن تدخل الخزينة العامة للدولة بموجب وساطة كدعم للاقتصاد إلا أن توجه رأس الدولة لممارسة الفساد واهتمامه بما سيحصل عليه من مصالح شجع الآخرين على التنصل عن بعض التزاماتهم وعلى ما يبدو أن ذلك كان بإتفاق بين الجانبين فما وصل الى حسابات صالح والاحمر (الشيخ ونجله) يكفي لأن يتنازلا سوياً عن كل شيء مقابل إرضاء السعودية.
شعارات وطنية
لقد كان الصراع المغلف بالشعارات الوطنية بين هوامير الفساد من صالح الى حميد من أبرز المراحل التي تعرض فيها المواطن اليمني للتضليل فالكثير من المغرر بهم تأثروا بدعاية صالح وسلطته أو انقادوا الى دعايات الإصلاح وجهازه الإعلامي فيما الحقيقة تجعلنا جميعاً أمام مرحلة يجب فيها ان ندرك أن البلد والشعب تعرضا لأكبر عملية خداع ونهب ولصوصية وما خفي كان أعظم لدرجة أن الخلاف السياسي بين الجانبين لم يكن سببه الوطن بل الأموال وأي أموال .. إنها المليارات من الدولارات وليس مجرد الملايين بل المليارات وكيف أن هذه الأموال جعلت من حميد الأحمر امبراطورية مالية كبيرة لدرجة انه خطط لكي يصبح رئيساً بدلاً عن صالح وبدأ بالفعل ينفذ ذلك قبل أن يشعر صالح بالخطر فيحاول الدفاع عن منصبه الذي ظل فيه عقود من الزمن وكيف أن الفساد بين الجانبين ساهم ايضاً في التأثير على القيادة السعودية فقد كان هناك جناح يؤيد الأحمر وهذا التأييد لم يكن له سبب سوى أن صالح كان جشعاً لمستوى كبير جداً حتى أنه يستحق أن يكون على رأس قائمة الرؤساء الأكثر فساداً ليس على المستوى المحلي بل والإقليمي وكان يبالغ في فساده لدرجة أنه يحشر انفه في كل صفقة فساد دون أن يضع أي اعتبار أنه يمثل اليمن وأنه على رأس دولة يجب على الأقل ان تتعامل مع الجاره السعودية كدولة ندية وليس كتابع حتى في تلك الأمور التي من المخجل جداً أن يتحول رئيس دولة الى مجرد باحث عن نصيبه أو المقابل المادي الذي سيحصل عليه فيما لو فعل كذا او صنع كذا بل ولم يكتفي بذلك فقد استخدم سلطاته كرئيس في الضغط على جهات محلية وخارجية حتى تخضع له بدفع عشرات الملايين من الدولارات الى حساباته الخارجية , ولعلنا هنا نهاجم صالح أكثر من الأحمر لأن صالح كان على رأس الدولة فالأحمر وغيره من الفاسدين ممن نهبوا واعتدوا لم يكونوا ليفعلوا ذلك لو لم يكن صالح على رأسهم ولو لم يكن صالح يسعى الى تقاسم عائدات فسادهم ونتائج ممارساتهم الجشعة بحق الشعب وامواله وثرواته وما كشف في هذا التقرير ليس إلا بداية ولدينا مزيد.