تحرير المناطق المحتلة في محافظة الحديدة: قراءة في الموقف العسكري قبل وبعد التحرير
التطورات في الساحل الغربي استدعت الكثير من التحليلات والقراءات لاسيما في وسائل الإعلام حيث اتجهت تلك الوسائل الى محاولة إسقاط أجندة الجهات التي تتبعها تلك الوسائل
على ما جرى فيما تجاهلت وسائل إعلامية عدة حقائق الواقع العسكري الذي كان في محافظة الحديدة وعلى رأس تلك الحقائق أن قوى العدوان والمرتزقة لم تكن تسيطر إلا على أقل من 20% من محافظة الحديدة وتحديداً الشريط الساحلي الممتد من أقصى حدود المحافظة جنوباً حتى جنوب مدينة الحديدة مع التقدم نحو شرق المدينة وتحديداً كيلو 16.
الموقف العسكري للمرتزقة
ظل الموقف العسكري للمرتزقة على طول الشريط الساحلي جنوب مدينة الحديدة ضعيفاً للغاية حيث خاضت قواتنا حرب استنزاف ونفذت المئات من العمليات التي أدت الى وقوع خسائر كبيرة في صفوف المرتزقة وكادت تهدد قواتهم المتقدمة جنوب وشرق المدينة.
وقد نجحت قواتنا أكثر من مرة في قطع خطوط إمدادات العدو في الفازة وفي مناطق أخرى فلم يكن يفصل المجاهدين عن الساحل الا عدة كيلومترات وهي التي سيطر عليها تحالف العدوان خلال تقدمه نحو مدينة الحديدة فقد استفاد تحالف العدوان من هيمنته الجوية والبحرية واستخدام المروحيات في قصف قواتنا على الشريط الساحلي وتحديداً الطريق الاسفلتي الموازي للساحل مباشرة الأمر الذي دفع قواتنا الى التراجع قليلاً مستفيدة من المزارع والغطاء النباتي قبل أن تحول تلك المناطق الى مناطق حرب استنزاف ضد قطعان المرتزقة.
الموقف في كيلو 16
حاولت قوات المرتزقة عند تقدمها باتجاه مدينة الحديدة الالتفاف على المدينة ومحاصرتها من الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية غير انها توقفت عند الجهة الشرقية وقطعت بذلك خط الطريق الرئيسي بين باجل ومدينة الحديدة.
وجاءت محاولة الالتفاف والتطويق بعد فشل اقتحام المدينة من جهتها الجنوبية حيث اندلعت معارك عنيفة في مطار الحديدة ومحيطه وتكبدت القوات المهاجمة المئات من القتلى والمصابين وكذلك تدمير المدرعات والآليات.
الاتفاق
جاء إتفاق السويد نهاية 2018م ليؤكد حقيقة عدم تمكن العدوان من احتلال المدينة رغم التخطيط لذلك منذ مطلع العام 2017م فقد نجحت قواتنا في إفشال محاولات عدوانية للانزال في الحديدة وكذلك افشلت بعون الله تدخل قوى دولية الى جانب تحالف العدوان وهي العمليات التي لم يُعلن عنها حتى اللحظة.
لقد جاء الاتفاق ليؤكد ان قواتنا كانت مستعدة لما هو أسوأ والتعامل مع أية حماقات كان سيقدم عليها تحالف العدوان إضافة الى وجود عامل حسم آخر وذلك بدخول سلاح الردع في المعركة وإن كان في مسرح عمليات قتالية أوسع إلا أنه دفع دول تحالف العدوان خاصة تلك التي كانت تقدم نفسها على انها تقف خلف معركة الساحل والحديدة الى التوقف عن تصعيدها.
معارك وخروقات
لا يدرك الكثير حقيقة معركة الساحل الغربي فالكثير من التحركات والعمليات العسكرية لم يُكشف عنها للإعلام والرأي العام منها الكيفية التي توقفت عليها المعارك قبل الاتفاق وكذلك معارك أخرى شهدتها نقاط التماس فمع استمرار خروقات العدو كان لابد لقواتنا من تنفيذ عمليات عسكرية ضمن مرحلة استنزافية امتدت من شرق مدينة الحديدة حتى جنوب المحافظة ففي مراحل معينة كانت قواتنا تقطع خطوط الإمداد لقوات العدو لايام الامر الذي يجبر تحالف العدوان على استخدام البحر لايصال الامدادات الى مرتزقته في الخطوط الأمامية.
كان آخر ما نفذته قواتنا عملية عسكرية نوعية لم يُعلن عنها امتدت في جغرافيتها شرق وجنوب مدينة الحديدة واجبرت جحافل المرتزقة الى الفرار وتكبيدها خسائر فادحة اثر الهجوم على مواقعها الامامية بشكل مفاجئ وبوقت واحد والتقدم اليها قبل ان تعود قواتنا الى مواقعها السابقة.
الانسحاب واسبابه
قد يكون هناك أسباب فرضتها المتغيرات على الساحة الوطنية برمتها غير أن الأسباب المشجعة لعملية الانسحاب هو طبيعة الموقف العسكري للمرتزقة جنوب الحديدة فبحسب خبراء عسكريين فإن قواتنا كانت قادرة على استعادة المناطق المحتلة على الشريط الساحلي لاسيما في حال عدم تدخل الطيران او وجود سلاح فعال يؤدي الى تحييد المروحيات والطائرات الحربية وهو ما كانت تعمل عليه قواتنا.
إن أسباب الانسحاب كانت حاضرة منذ عدة أشهر بل وأكثر من ذلك غير أن متغيرات المشهد اليمني هو ما دفع من يقف خلف قادة المرتزقة في الساحل الى محاولة إعادة ترتيب الخارطة علّها تضمن لهم عدم الانهيار الكامل ونقصد هنا بالتحديد الأمريكي الذي يشعر أنه قاب قوسين أو أدنى من هزيمة ثانية ستجبره على الانسحاب من اليمن كما فعل في أفغانستان بمعنى أوضح أن أدوات واشنطن في اليمن على مشارف هزيمة كبرى فالشعب اليمني يتجه في مسيرته الجهادية نحو الحرية والاستقلال.