سقطرى.. الصراع القادم المحتدم؟!(1 – 4)
جزيرة الأحلام.. والجزيرة الأسطورة.. والجزيرة المنسية.. كلها مسميات أطلقت على ارض يمنية غالية وحيوية وغاية في الأهمية والجيوستراتيجية..
وظلت القيادة اليمنية المتعاقبة طوال السنوات الماضية وتحديداً العقود الخمسة التي انصرمت وهي ارض مجهولة ومهجورة ومنسية من الاهتمام الجيوستراتيجية..
ورغم أن المثقفين والمؤرخين والساسة لم يكن يتركوا مساحة إلا ويتحدثوا عن أهمية سقطرى.. وعن حيوية موقعها.. وعن ضرورة الاهتمام بها والتوجه لتواجد مؤسسات الدولة فيها والهيئات الحكومية..
لكن في واقع الحال ظلت مركونة على الهامش ومتروكة للنسيان وأحيانا يذهب الاهتمام المفقود إلى التناسي المتعمد.. لان الحرص على هوية يمنية لسقطرى تحتاج إلى قدرات والى إمكانات والى تكثيف مناشط اقتصادية وبيئية لان هذه الجزيرة اتسمت مؤخرا بسمة دولية عالمية عندما اعتمدت محمية طبيعية دولية بيئية..
ومع ذلك لم تدرك القيادات السابقة هذه الأهمية وتركت الحبل على الغارب.. وتناست واجبها ومسؤولياتها الوطنية والدولية والإنسانية والبيئية ومارست كل أساليب الالتواء على الجزيرة لمنطقة بيئية دولية عالمية..
واتسم النافذون والمتنفذون ومن ارتبط بهم ألاعيب الاحتيال عليها حتى وجدت الجزيرة نفسها تدفع الثمن مبكرا من اقتطاع أراض واعتداء على الأرض وعلى البيئة.. ومعروف ما قام به النافذون التجاريون والمستثمرون المستهترون من اعتداءات على البيئة وعلاقات مشاريع سياحية لم تراع البيئة ولم تهتم بايكولوجيتها البيئية.. ولكن الإعلام حينها كان مستبعدا ومبعدا.. وكثير من وسائل الإعلام المدجنة التي كانت لا ترى في المنظومة السياسية السابقة أهمية بأن تتحدث عن سقطرى أو تناور فيها لان "المحاذير" كانت تمثل ألغاماً ينبغي عدم الاقتراب منها كثيراً..
حتى وصلت الأمور مؤخراً إلى وضع عجيب ومختلف بعد العام 2011م ووصل الأمر إلى بناء وإعداد "مليشيات".. أولى هذه المليشيات مليشيات الإصلاح التي تحولت بقدرة قادر من قوات جيش إلى مليشيات تأتمر بأمر قادة الإصلاح؟!
لذلك سارعت أبو ظبي إلى إنشاء مليشيات خاصة بها تحت مسمى النخبة السقطرية لكنها كانت مهادنة جداً ولم تندفع إلى الاصطدام بمليشيات الإصلاح ولذلك سارعت أبوظبي إلى استقدام مليشيات أخرى من خارج سقطرى من الضالع ومن يافع المشهورتين بالشراسة وبالولاء المطلق لأبوظي.. فقد قامت تلك المليشيات المسلحة وبدعم إماراتي كبير على اكتساح مليشيات الإصلاح ولم يقف محروس ممثل الإصلاح في الأرخبيل إلا وهو مطارد خارج الجزيرة والأرخبيل وانضم إلى قافلة المرابطين في فنادق الرياض..
وبذلك استحكم الإماراتيون من خلال مليشيات الانتقالي بالجزيرة والأرخبيل كاملاً.. وبدأت مرحلة تأكيد الاحتلال التدريجي للسلطات الإماراتية وتعزيز نفوذ محمد بن زايد في الأرخبيل كاملاً.. وبدأت ملامح السيطرة الإماراتية بشكل سافر وقح..
مع أن الرياض استشعرت مبكراً النفوذ الإماراتي المتصاعد في أرخبيل سقطرى ولذلك ألقت ببعض ثقلها في الجزيرة.. من الناحية العسكرية بتواجد ما يسمى "قوة الواجب" التي ظلت تشاهد عن بعد ما يجرى من احتلال مليشيات الانتقالي لأرخبيل سقطرى.. وكان هناك تفاهمات مسبقة وقبول سعودي بما أقدمت عليه أبو ظبي وما تسير عليه..
إجمالاً.. الآن أرخبيل سقطرى بكامله يتدحرج إلى سلطة إماراتية مطلقة.. ووصل الأمر إلى أن يتحكم المندوب السامي الإماراتي بكل التفاصيل اليومية للشعب اليمني في سقطرى بدءاً من إعلاء شأن الرموز السياسية الإماراتية والعلم الإماراتي.. وإلغاء أي علم يمني رسمي في الجزيرة.. رغم الامتعاض ورغم التململ الواضح من شرائح اجتماعية عديدة في سقطرى إلا أن سلطات أبو ظبي تمادت وتتمادى في فرض واقع في التعنت الإماراتي وفي السعي إلى إلغاء وتغييب الهوية اليمنية عن سقطرى.. ووصلت الوقاحة إلى أن بدأت مؤشرات سلخ سقطرى عن اليمن في منظمات دولية عن اليمن..
ولم يعد اليوم يفيد ذلك التباكي على ضياع هذه الجوهرة اليمانية لأن الوضع لا يسمح بالتباكي وإنما يتطلب تحركات ملموسة وإجراءات قوية وفاعلة..
"يتبع العدد القادم"