منذ بداية العدوان على اليمن تحول الساحل الغربي إلى مسرح عسكري للعدوان والنفوذ الإماراتي بضوء أخضر من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل للسيطرة على هذا الشريط، وعلى منطقة البحر الأحمر الذي يعد أحد ممرّات نقل الطاقة عبر مضيق باب المندب وخليج عدن.
هذه المنطقة الحيوية التي تكتسي بعدا جيوسياسيا هاما لوجود عدد كبير من الجزر ذات الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية ومن أهمها: جزيرتا شدوان والأخوين اللتان تتحكمان بالملاحة بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وجزيرة بريم التي تربط بين البحر الأحمر والبحر العربي، والواقعة في مدخل مضيق باب المندب، وجزيرة دميرة التي تطل على باب المندب قرب مثلث الحدود بين الدول الثلاث إريتريا، جيبوتي، وإثيوبيا.
الساحل الغربي الممتد من ميدي إلى باب المندب هو محور اهتمام القوى الدولية كما تؤكد ذلك الوقائع والمصادر الميدانية التي تشير إلى أن هناك مباحثات سرية بين دول الإقليم ( السعودية، الإمارات، مصر) و( أمريكا، بريطانيا، فرنسا، إسرائيل، وروسيا) تجري في الكواليس لمحاولة اجتزاء هذه المنطقة واعتبارها " منطقة مستقلة" عن الجغرافية اليمنية، وتحت إشراف ونفوذ القوى الدولية ضمن أهداف المشاريع المشبوهة التي تنفذها أبو ظبي بهدف السيطرة على مضيق باب المندب والعديد من الموانئ اليمنية على امتداد هذا الشريط وأبرزها ( ميدي، والمخا).
لقد سعت أبو ظبي إلى تحويل ميناء المخا إلى قاعدة عسكرية لتأمين منطقة الساحل الغربي بالإمدادات العسكرية والمؤن والخبراء، وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي في هذه المنطقة الجغرافية التي حولتها أبو ظبي إلى منطقة عمل عسكري لانتشار القوات التابعة لها، وهو ما بات اليوم مسرحا لعدوانها السافر لاغتصاب الأراضي اليمنية .
العدوان الإماراتي يعمل وفق المخطات التآمرية الدولية لفصل الساحل الغربي عن اليمن، ومن أجل ذلك سعت لتكثيف تواجدها العسكري بإنشاء القواعد العسكرية في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي، فأنشأت قاعدة عسكرية على جزيرة ميون، وهناك قوات عسكرية مشتركة (إماراتية، سعودية) على أرخبيل سقطرى، كما قامت بإنشاء مطار ومنصات اتصالات استخباراتية على الجزيرة، وفي الجهة المقابلة للسواحل اليمنية أنشأت القواعد العسكرية الموازية في بربرة الصومالية، وقاعدة عسكرية أخرى في ميناء عصب الإرتيري إلى جانب القاعدة العسكرية الإسرائيلية هناك.
لقد دأبت الإمارات إلى تعزيز قواعدها العسكرية ضمن أهداف عدوانية لمد نفوذها وتوسعها في الشواطئ والجزر اليمنية في منطقة البحر الأحمر ليكون التقارب أكثر بين تل أبيب وأبو ظبي، ويأتي ذلك بدافع ورغبة إسرائيلية أمريكية بحتة وهو الهدف الذي كانت تسعى إليه إسرائيل منذ العدوان الثلاثي على مصر 1956م وحرب 1973م، ومحاولاتها تدويل مضيق باب المندب وقناة السويس، ثم دفعت بأرتيريا إلى احتلال جزيرة حنيش 1995م.
وتحاول الإمارات إلى تغيير الديمغرافية السكانية للمواطنين اليمنيين السقطريين بجنسيات إماراتية, وتلك الأساليب سبق وأن استخدمها الاستعمار البريطاني في عدن في إطار مشاريعه الخبيثة لفصل عدن عن الهوية اليمنية تحت مسمى 《الجنوب العربي 》الذي رفضه أبناء شعبنا وفي مقدمتهم أبناء المحميات الشرقية، ورحل المستعمر مجبرا بالكفاح المسلح دون تحقيق مشاريعه، ونجعتهم عدن كما ينجع البحر موتاه.
ليس بمقدور أحد تغيير الهوية الديمغرافية، ولا تجزئة الجغرافية اليمنية، ولا يمكن لغاصب أن يمرر مخططاته المشبوهة على الأراضي اليمنية، ولا يعني أن العدوان الإماراتي قد استقر له طيب المقام على الأراضي والجزر اليمنية، ذلك هراء أمام الشعب اليمني وقواته المسلحة .
كثير من الإمبراطوريات العالمية والجيوش والأساطيل حاولت اغتصاب الجزر والأراضي اليمنية، ولجأ البعض منهم لدفع الأموال الباهظة لشراء الموانئ والجزر، فلا الأسطول البرتغالي بقيادة (ترستاو دا كونها) و (الفونسو دي البوكيرك) الذي احتل سقطرى في عام 1507م لم يستطع البقاء فيها، فقد خرج مجبرا بقوة مقاومة سكان الجزيرة، وقبلهم احتل الأغريق سقطرى، وكذلك احتلها الفراعنة واعتبروها جزءا من الثقافة الدينية الفرعونية، وكذلك احتل الفرس والرومان سقطرى لفترات متباعدة، وهكذا فعل الاستعمار البريطاني باحتلاله لمحافظات الجنوب والجزر اليمنية التي لم تمنحه صك البقاء، بل منحته الطلقة التي لمعت أول شرارتها من جبال ردفان الأبية.
اليمن يواجه عدوانا دوليا واقليميا تنفذه على الأرض السعودية والإمارات في اغتصاب واحتلال الأراضي اليمنية، ونهب خيراتها وثرواتها المادية.