
من يمتلك إرادة الاختيار يمتلك تحقيق الانتصار
بغض النظر عن تنفيذ الاتفاق من عدمه بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في قطاع غزة إلا إن توقيع الاتفاق في حد ذاته يعد نصرا مؤزرا للمقاومة الفلسطينية
التي كان يهدد نتنياهو بإزالتها من على الوجود ومسحها مسحا كاملا في كل خطاباته وشاركه في ذلك بعض الحكام العرب الذين لا نعرف كيف ستكون مواقفهم ومواقف أكثر من عشرين جيش عربي مدججين بأحدث أنواع الأسلحة ويتم صرف المليارات من الدولارات عليهم وهم ينظرون إلى ما سطرته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس من صمود أسطوري على مدى خمسة عشر شهرا في مواجهة أقوى جيش في المنطقة مدعوما من أمريكا وأوروبا عسكريا وماديا وكذلك ما قام به حزب الله من مواجهة مباشرة مع الجيش الصهيوني استمرت أكثر من عام ولم يسمح له أن يحتل كيلو متر واحد في جنوب لبنان وأجبره على القبول بوقف إطلاق النار بعد أن أصبحت المدن الصهيونية هدفا لصواريخ المقاومة الإسلامية وهو الجيش الذي تخصص في هزيمة هذه الجيوش العربية مجتمعة في عدة أيام واحتلال أجزاء من بلدانها كما حدث في مصر وسوريا والأردن ولبنان خلال العقود الماضية، أما ما يقوم به اليمن المعتدى عليه والمحاصر منذ عشرة أعوام نصرة للقضية الفلسطينية وإسنادا لمظلومية غزة نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية من مواجهة مباشرة مع ثلاثي الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل حيث استطاع في معركته البحرية أن يجبر المدمرات الأمريكية وحاملات الطائرات على الانسحاب من البحر الأحمر بل واستمراره في ملاحقتها إلى البحر العربي فكسر هيبة أمريكا أقوى دولة في العالم وكشف حقيقتها للشعوب وأنه بالإمكان مقاومتها وإيصال صواريخه الفرط صوتية فلسطين2 إلى منطقة يافا المسماة إسرائيليا بتل أبيب وإدخال الملايين من سكان الكيان اللقيط إلى الملاجئ فيحتاج إلى مجلدات للحديث عنه ويكفي أن نورد ما قاله المجاهد خليل الحية رئيس حركة حماس في كلمته عقب التوقيع على الاتفاق مشيدا بموقف اليمن ومؤكدا أن أنصارالله هم إخوان الصدق الذين تجاوزوا البعد الجغرافي وغيروا من معادلة الحرب والمنطقة وأطلقوا الصواريخ والمسيرات على قلب العدو، وهنا سنتوقف عند تصريحات النتنياهو الذي كان يصر مع بدء وأثناء عدوانه على غزة بأنه لن يوقف الحرب إلا بعد القضاء نهائيا على حركة حماس وإعادة احتلال غزة وتحرير المختطفين بالقوة وإعادة سكان الشمال ولم يحقق أيا من أهداف حربه المعلنة فهاهو اليوم بعد خمسة عشر شهرا من العدوان البربري الذي أحرق الأخضر واليابس وقتل الشيوخ والنساء والأطفال ودمر كل شيء وفرض الحصار الجائر على غزة بمباركة عربية يجثو على ركبه كما قال أبو عبيده ويتفاوض مع المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس كدولة ويخضع لشروطها ويقبل بصفقة تبادل الأسرى وإيقاف إطلاق النار وانسحاب الجيش الصهيوني من المناطق التي يتواجد فيها في الوقت الذي كان يعتقد فيه بأنه قد حقق النصر المطلق على حد زعمه.
قد يكون الأمر طبيعيا بالنسبة لمواجهة مقاومة تمتلك الإرادة والإيمان بعدالة قضيتها والدفاع عنها ولنا في التاريخ عبرة وكيف كانت تهزم إمبراطوريات أمام المقاومات الوطنية المؤمنة بحق الدفاع عن شعوبها وأوطانها، لكن الشيء غير الطبيعي هو وجود أكثر من عشرين دولة عربية كلها معنية بقضية فلسطين قبل أن تكون قضية العالم الإسلامي بحكم إن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومع ذلك تتحيز هذه الدول التي يقودها حكام عملاء إلى جانب الكيان الصهيوني وتتمنى هزيمة المقاومة التي تواجه جيشه مدافعة عن أرضها المغتصبة وكان هؤلاء الحكام ولا زالوا منتظرين من الجيش الصهيوني متى يزف إليهم هزيمتها لأنهم يعتقدون بأنها تسبب لهم صداعا وتكشف بصمودها ومواجهتها بمفردها وبما تمتلكه من أسلحة تقليدية ومتواضعة مقارنة بما يمتلكه الجيش الصهيوني بأنها تكشف حقيقة جيوشهم الورقية التي بنوها على أساس عقيدة الدفاع عن الأنظمة والحكام وليس على أساس عقيدة الدفاع عن قضايا الشعوب والأوطان وما حدث خلال الفترة القريبة الماضية في سوريا أكبر دليل على سيطرة الحكام على هذه الجيوش للدفاع عنهم فقط بل وقد يتخلى الجيش عن الحاكم بمجرد شعوره أن الداعمين للحاكم قد تخلوا عنه ويكفي أن نورد مثالا على ذلك يتمثل في الرئيس المطاح به بشار الأسد فبمجرد أن شعر الجيش العربي السوري وهي التسمية التي كانت تطلق عليه بأن رئيسه بشار قد أصبح مغضوبا عليه من داعميه لأنه غير مساره وأعتمد على دول عربية نفطية باعته بأرخص ثمن فتخلى الجيش عن الدفاع عنه ونكاية لموقفه غير الوطني سلم الجيش سوريا بالكامل لأعدائها وأصبحت محتلة من قبل ثلاث دول هي تركيا وأمريكا وإسرائيل التي بدورها اعتمدت على جماعات مسلحة متطرفة بقيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني لقتل من يعارض احتلال سوريا وهو المطلوب أمريكيا حيث رصدت أمريكا جائزة تقدر بعشرة ملايين دولار في مقابل القبض عليه ولكن عندما ارتمى في حضنها لينفذ أهدافها ويخدم مصالحها سارعت إلى رفع الحظر عنه وعن جماعة تحرير الشام التي ينتمي إليها وغيرت اسمه إلى احمد الشرع وهو المجهول الهوية وعليه فإنه لا يجب المراهنة على أي موقف لنظام عربي لنصرة القضية الفلسطينية طالما وهذه الأنظمة تدور في الفلك الأمريكي وتربط استمرارها في الحكم بحمايته والتوكل عليه بل إنها أصبحت وكيلا عنه للوقوف ضد من يناصر القضية الفلسطينية ويساند غزة وموقفها معروف من اليمن ومن محور المقاومة ككل لدرجة أنها أثرت على شعوبها من خلال إعلامها المضلل وجعلتها تتماهى مع مواقفها الرسمية ومانعة الجماهير من الخروج إلى الشارع احتجاجا على ما يرتكبه الجيش الصهيوني من إبادة جماعية بحق أبناء غزة لم يشهد التاريخ القديم والحديث لها مثيلا ولشدة فظاعتها فقد استنكرتها شعوب أوروبية وغربية أنظمتها في الأساس تناصر الكيان الصهيوني وتقدم له الدعم المادي والعسكري ولكن تلك الشعوب بما فيها الشعب الأمريكي لم تحتمل مشاهدة ما يرتكبه جيش بني صهيوني من جرائم إبادة في غزة يندى لها الجبين فخرجت إلى الشوارع منددة بها وذلك بعكس الشعوب العربية إلا ما ندر والنادر لا حكم له فهي مشغولة بحفلات الترفيه ومتابعة رياضة كرة القدم ولا تعتقد هذه الشعوب بأن الدور سوف يأتي عليها في حالة هزيمة المقاومة الفلسطينية كما حدث للشعب السوري ونظامه عندما انقلبا على الدور العروبي لسوريا المعروف عنها منذ عدة عقود وخذلا غزة فخذلهما الله وسلط عليهم شر خلقه.