
اليمن.. البركان النائم
اليمن رقم صعب رغم أنه أغرى العديد من الدول والقوى العالمية تاريخياً على احتلاله، ومع ذلك ظل لاعباً مؤثراً وفاعلاً في إحداث تحولات جوهرية عربياً وإقليمياً ودولياً,
لم يمر غازٍ من هنا إلا ولديه مقبرة.. فاليمن تاريخياً عُرف بمقبرة الغزاة.. فبقدر ما يكون غزوه عصيباً وعنيداً، بقدر ما تكون محاولة البقاء على أرضه مستحيلاً، مما جعل منه عقدة تاريخية لكل غازٍ ومعتدٍ، فما أشبه الليلة بالبارحة، اليوم الحلف الدولي بزعامة أمريكا يمر بمرحلة حرجة مثقلة بأعباء موقعها الدولي، وصيتها السياسي، وتخشى أن تلقى مصير الأمم السابقة التي أصبحت أثراً بعد عين.. فاليمن بلد فريد من نوعه: جغرافياً، وديمغرافياً، وانثروبولوجياً.. وتركيعه ليس بالأمر السهل بل من المستحيل.. ولعل من أهم مظاهر إدراك ضعف التحالف الدولي تقلب السياسات تجاه قضايا وأزمات دول المنطقة، والطابع التسلطي المتأزم، وعجز الدول العربية عن أن تكون وعاءً لسياسات توافقية تعكس المصالح الوطنية والقومية لشعوب ودول المنطقة..
لا أعتقد أن أي مراقب أو محلل سياسي يستطيع أن يمر مرور الكرام أمام قدرات، وثبات وصمود وعزيمة الحوثيين عسكرياً ومادياً ومعنوياً وعقائدياً، تجاه ما يحدث في غزة وفلسطين، رغم عجز الشرعية العربية وانتهاجها السياسة الأبوية، وغياب القرار الموحد تجاه القضايا المصيرية، وهذا ما راهنت عليه القوى المعادية، والاعتماد عليه، وما زالت تراهن عليه، ولكن لم تفهم سيناريوهات اللعبة الدائرة في المنطقة جيداً.. فالمتأمل في المشهد السياسي العربي يلاحظ مدى خطورة الملفات العالقة بين دول المنطقة والجهات الداعمة لها، بدءاً من ملف التطبيع والدعم الخارجي، والمساعدات الإنسانية وانتهاءً بملف الإصلاحات السياسية، والتدخل الخارجي السافر في شؤون دول المنطقة سياسياً، واقتصادياً وعسكرياً..
المؤسف المريب أن هناك غياباً عربياً وإستراتيجياً لدى الكثير من الزعماء العرب بسبب وجود الفساد، والتخبط في إصدار القرارات السياسية السيادية الحاسمة، مما أوصلتها الى نقطة السياسات الفاشلة..
وهذه حقيقة لا جدال فيها، كلما رضخت تلك الأنظمة الخانعة بمكوث الأجنبي والانصياع لأوامره وتوجهاته، ازداد غرقه في المستنقع، وقلت خياراته، وظهرت نتائج استنزافه لثروات وخيرات تلك الدول الخانعة التي انساقت وراء سياسة التطبيع..
رغم كل هذا وذاك هناك حقيقة ساطعة، أن اليمن بوصفه الحالي المتأزم، مازال عصياً على كل غازٍ ومعتدٍ، ورغم أجواء الحرب التي مازالت عالقةً بالأفق، فإن يمن الحكمة والإيمان مهما تعرض للأزمات فإنه منتصر بإذن الله..
لذا على الجميع أن يدرك بأن الوطن تحيط به مخاطر جمة من أعداء الداخل والخارج، ويتعين تضامن وتكاتف كل القوى الوطنية لتسييج ودعم الجبهة الداخلية حتى نتمكن من التصدي لكافة الأخطار داخلياً وخارجياً، وعلينا عدم الاعتماد على المشاريع الخارجية لأنها لا تخدم إلا مصالحها الآنية في المنطقة..
صفوة القول:
تواجه اليوم أمريكا واقعاً عسيراً، مثقلاً بأعباء موقعها الدولي، وخائفة من أن تلقى مصير الأمم السابقة التي دخلته، ولم تخرج منه إلا ممزقة ومفككة، خاصة تجاربها مع أفغانستان وأوكرانيا وأخيراً مع حكومة صنعاء، قد يتساءل الكثير عن مدى قدرة الإستراتيجية الأمريكية في عهد ترامب، وفي ظل موقعها العالمي كقوة خارقة بعد الضربات المتلاحقة لأنصار الله في البحر الأحمر لبوارجها ومدمراتها وكسر شوكتها واستنزافها والتأثير في إحداث تحولات جوهرية في علاقاتها الدولية، كقوة خارقة..
فيا ترى في عهد إستراتيجية ترامب الجديدة، وفي ظل الأوضاع المأساوية إقليمياً ودولياً، حيث ارتفعت مصاريف تمويل العمليات العسكرية الأمريكية، حيث قاربت 70مليار دولار، الأمر الذي يفاقم من الأوضاع الاقتصادية داخل أمريكا..
الرئيس ترامب اليويم أمام تحديات عديدة، وقضايا متشابكة، ومتداخلة، ومن هذا المنطلق فإن عامل الوقت يعتبر حاسماً، ومهماً.. إما أن يعالج كل الأزمات بحكمةٍ ورويةٍ، وإما أن يراجع إستراتيجياته السابقة واللاحقة تجاه دول المنطقة، وإلا سيدخل في أنفاقٍ مظلمة، وفي أزماتٍ خانقة..
كلمات مضيئة:
أطير كل ليلة بلا جناح
أحمل ناري ورمادي..
اتدثر في عباءة الظلام..
منتظراً موتي على الحروف..
معلقاً بين الريح والديجور..
بكفن الجوع المسجور..
أحمل مصباح علاء الدين..
أغرق في الفجر الحزين
أبحث عن زهرةٍ زرقاء
عن تمائم كاهن مغرور..
أرحل وفي يدي كفني
يضحك جاري ساخراً
منتظراً موتي على الحروف..!!
عبدالوهاب البياتي "بتصرف"