
غزة.. تنتزع إتفاق وقف إطلاق النار ؟!!
أخيراً وبعد قرابة عام وأربعة أشهر من العدوان الإرهابي الصهيوني (الإسرائيلي الأمريكي) على غزة الذي تآمرت وتمالأت معه معظم دول العالم وأقواها وفي مقدمتها دول الإستعمار القديم وقدمت له مختلف أشكال الدعم والإسناد..
وبعد أن استخدم هذا العدو المجرم أحدث ما لديه من أساليب ووسائل الدمار والإبادة والتنكيل وهو يحاول عبثاً تحقيق أهداف عدوانه.. هاهو اليوم يفوق من حلمه وسكرته التي طال أمدها ويجد نفسه أمام واقع لم يكن قط في الحسبان.. واقع انهارت معه كل خططه ومشاريعه التي بناها على التفوق العسكري المطلق وإمكانية استخدامه للوصول إلى أهدافه دون قيود أو موانع أي كانت (دينية، قانونية، إنسانية).. ذلك الواقع الذي فاجأه هو ذلكم الصمود الأسطوري العظيم لأبناء غزة الأبطال (شعباً ومقاومة) الذين تصدوا لهذا العدوان الغاشم بكل شجاعة ورباطه جأش وإيمان مطلق بالله الذي وعد عباده الصادقين بالنصر المبين على عدوهم .. لم تخفهم طائرات العدو ولا مجنزراته ولا مدرعاته ولا أسلحته الذكية ولا فيالقه من العصابات والمرتزقة والقتلة المأجورين الذين دفع بهم إلى قطاع غزة وزودهم بالتعليمات الصارمة باستهداف كل شيء في طريقهم دون تمييز..
لم يرهبهم أبداً قصفه المركز والمتواصل الذي استهدف السكان والمساكن والمنشآت العامة والخاصة بما في ذلك المستشفيات والمدارس ودُور العبادة، كما لم ترهبهم أو تنل من عزيمتهم تلك المجازر والمذابح التي كانت تتكرر كل يوم لتبلغ حصيلتها وفقاً لآخر إحصائية (45,645) شهيداً و(012, 110) جريحاً..
كلاً لم يخفهم أو يرهبهم كل ذلك ولم يدفعهم أبداً كما كان يتوقع ويأمل العدو إلى الاستسلام أو النزوح خارج وطنهم وترك أرضهم غنيمة له ليقيم عليها مستعمرات جديدة لأولئك الأوباش الذين يستقدمهم من كل اسقاع الأرض، بل ظلوا صامدين ثابتين كالجبال الرواسي أمام بطش العدو وجبروته وإرهابه يقدمون التضحيات تلو التضحيات..
أمام كل ذلك وبعد أن طال أمد العدوان أضعاف أضعاف ما كان متوقعاً له وبلغت كلفته المادية والعسكرية والسياسية والأخلاقية أرقاماً غير متوقعة.. لم يجد هذا العدو المتغطرس سوى التخلي عن غروره وتمسكه بخيار الحسم العسكري و القبول صاغراً بخيار التفاوض، والأهم من ذلك كله قبوله بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع من كان يعتبرهم هدفاً لحسمه العسكري ونقي بهم حركة المقاومة الإسلامية حماس..
وبهذا الإنجاز فإن غزة اليوم رغم الجراح والتضحيات الكبيرة والعظيمة التي قدمتها خلال أيام وأسابيع وأشهر العدوان وفصوله المرعبة تقف شامخة مرفوعة الهامة وهي تقدم أنموذجاً مشرفاً في الصمود والثبات في وجه أعتى عدوان وتلقنه دروساً قاسية لم يألفها في الفشل والهزائم والانكسارات وما هذا الاتفاق الذي وإن كان يضمر له شراً إلا جولة من جولات الجهاد المقدس مع هذا العدو الغشوم على طريق النصر المؤزر بإذنه تعالى.