
اليمن يكسر هيمنة أمريكا البحرية
تمكن اليمن خلال عام من كسر هيمنة أمريكا في البحر الأحمر، في مشهد اعتبره الكثير من المراقبين تطوراً استراتيجياً غير مسبوق، وتحدياً للسيطرة التقليدية التي مارستها البحرية الأمريكية لعقود من الزمن،
ونجحت القوات المسلحة اليمنية في فرض حصار بحري على الملاحة الإسرائيلية عبر البحرين الأحمر العربي منذ نوفمبر 2023م مفتتحة بذلك جبهة إسناد قوية للمقاومة الفلسطينية رداً على العدوان والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
فبمرور العام الأول على فشل وإخفاق ما يسمى بتحالف “حارس الازدهار” بقيادة أمريكا، استطاع اليمن من خلال قدراته العسكرية أن يحول البحرين الأحمر والعربي إلى جحيم على البوارج والقطع الحربية الأمريكية وحاملات طائراتهم، وبالتالي وضع واشنطن في حرج كبير له مدلولاته العسكرية على البحرية الأمريكية وهيبتها التي اكتسبتها طيلة الفترات الماضية.
كما أن الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب على السفن القادمة الى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، قد أثبت نجاحه وكبد العدو خسائر مالية فادحة، حيث تراجعت نسبة الإيرادات في ميناء “إيلات” بنسبة 80%، وهنا يقول خبير الاقتصاد، خوجا كاوا، إن خسائر الحصار الكامل على إمدادات الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر تصل إلى 10 ملايين دولار يوميا على الأقل، وأن تغيير المسار حول إفريقيا جعل التجارة غير مربحة”، ووصل إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية على إسرائيل قد بلغت نحو 4 مليارات دولار شهريا.
فيما قال الرئيس التنفيذي لميناء إيلات الإسرائيلي، جدعون غولبر، إنه مضطر لتسريح نصف العمال بسبب إغلاق الميناء على خلفية العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، وأن ميناء إيلات هو البوابة الجنوبية لإسرائيل نحو الشرق الأقصى إلى أستراليا وإفريقيا، وتوقف كل النشاط لعدم قدرة السفن على المرور في أي اتجاه للوصول إلى ميناء إيلات، ولذلك توقف الميناء عن نشاطه وتوقف الدخل.. بدوره، قدر مدير التحليلات في شركة “كروس” أندريه ليبيديف، تراجع حركة الملاحة في ميناء إيلات – الذي يتحمل الحصة الأكبر من الخسائر – بنسبة 85% والإيرادات بنسبة 80% منذ بدء هجمات القوات المسلحة اليمنية على السفن التجارية في البحر الأحمر وأن ميناء “إيلات” يعتبر الشريان الوحيد الذي يتيح لإسرائيل الوصول مباشرة إلى طرق التجارة نحو الشرق متجاوزة العبور في قناة السويس، وبالتالي فإن إعادة هيكلة طرق التجارة من إيلات عبر المتوسط وحول إفريقيا ستزيد وقت السفر بمقدار أسبوعين إلى 3 أسابيع، الأمر الذي سيزيد بشكل كبير من تكاليف الشركات التجارية ويجعل التجارة غير مربحة، فيما أقرت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية أن ميناء أسدود، أحد أكبر موانئ العدو في البحر الأبيض المتوسط، فقد 63% من أرباحه خلال الربع الثاني من العام الجاري، بسبب تداعيات الحرب، وعلى رأسها الحصار البحري من اليمن، وتغيير طرق الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر.
كما كشف تقرير صادر عن بنك الاحتلال الإسرائيلي المركزي عن تداعيات خطيرة للحصار البحري الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية على الملاحة الإسرائيلية، محذرًا من تأثيرات واسعة النطاق على حركة التجارة الخارجية الإسرائيلية وأن الوضع في البحر الأحمر ألقى بظلاله على الصادرات الإسرائيلية، حيث كانت تُنقل بضائع بقيمة 3.4 مليار دولار إلى جنوب شرقي آسيا وأوقيانوسيا وشرق إفريقيا عبر هذا الممر البحري وأن استمرار الحصار البحري سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في إسرائيل، وقد يدفع الشركات إلى نقل عملياتها إلى دول أخرى، مما سيؤدي إلى فقدان الوظائف وتراجع النمو الاقتصادي، كما أن تداعيات الحصار البحري تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، حيث تهدد أمن الطاقة لدى الاحتلال الإسرائيلي وتؤثر على العلاقات الإقليمية وأن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وزيادة التوتر بين الدول واعتبر الحصار البحري الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية تحديًا وجوديًا للاقتصاد الإسرائيلي، ويتطلب من الحكومة الإسرائيلية اتخاذ إجراءات حاسمة وحذرة لمعالجة هذه الأزمة.
على الصعيد العسكري وتحليل للقدرات العسكرية اليمنية، تحدثت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية عن تطور قدرات اليمنيين وتشكيلهم خطراً حقيقياً على الكيان الصهيوني، وقالت الصحيفة في تقرير إن اليمنيين تحولوا إلى أحد أكثر أعداء الكيان قسوة وقدرة على الصمود، مستعرضًا صعودهم كقوة إقليمية بارزة في إطار محور المقاومة ورغم الضربات التي وجهتها إسرائيل والولايات المتحدة لهم، فإن هذه الهجمات لم تضعف عزيمتهم، بل على العكس عززت ارتباطهم بمحور المقاومة، مما مكنهم من بناء قدراتهم العسكرية والتقنية بشكل كبير وأن اليمنيين أصبحوا أكثر كفاءة من الناحية الفنية، وهو ما يجعلهم يشكلون تهديدًا استراتيجيا ذا أبعاد إقليمية.
ختاماً: وعقب توقيع الهدنة في قطاع غزة أكدت القوات المسلحة اليمنية استمرار مساندتها للمقاومة الفلسطينية في غزة وبالتنسيق معها، والتعامل العسكري المناسب مع أية خروقات أو أي تصعيد عسكري يرتكبه العدو الإسرائيلي خلال فترة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.