كتابات | آراء

ردفـان .. هل يقول كلمته مرة أخرى ?!

ردفـان .. هل يقول كلمته مرة أخرى ?!

أنجح الثورات هي تلك التي تحافظ على منجزاتها ومكاسبها مهما ضعفت أو وهنت واشتدت هجمة التآمر عليها ونعتقد أن ثورة 14أكتوبر الذي يصادف اليوم الاثنين الموافق 14أكتوبر 2024م مرور 61عاما على اندلاعها من جبال ردفان الأبية

واستطاعت أن تهزم الامبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس لكثرة مستعمراتها وتمكنت من أن توحد اكثر من عشرين سلطنة ومشيخة ومحمية في دولة واحدة تحت علم واحد كمقدمة لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية في 22مايو عام 1990م لكنها ومع الأسف الشديد لم تعد تتمتع بهذه الميزة العظيمة لأن كل المكاسب التي حققتها للشعب اليمني عقب انتصارها على الاستعمار البريطاني والحكم السلاطيني انتهت فقد عاد الاحتلال البريطاني من جديد عبر أدواته في المنطقة السعودية والإمارات وعملائه في الداخل اليمني الذين يرفعون راية الانفصال وشعار الجنوب العربي وهي تسمية بريطانية أرادت بريطانيا أن تفرضها وتجعلها أمراً واقعاً قبل اندلاع ثورة 14أكتوبر عام 1963م التي استندت في نضالها وكفاحها ضد الاستعمار البريطاني إلى صنعاء، حيث شكلت لها خلفية نضالية وحماية بعد قيام ثورة 26سبتمبر عام 1962م وكان المناضلون ينطلقون من المناطق الشمالية للقيام بعمل فدائي ضد الوجود البريطاني ودحره، ولكن ما يُحزن ويُؤسف له في وقتنا الراهن أن الأوضاع التي تشهدها المحافظات الجنوبية وعدن تحديدا التي كان يتواجد فيها الاستعمار وعاد إليها من النافذة بعد أن كان قد خرج من الباب الواسع مرغماً يوافق عليها الكثيرون ممن شاركوا في عملية النضال ضد الاستعمار وارتموا خاضعين وخانعين في أحضان من سلبوا مكاسب ثورة 14أكتوبر المجيدة فهاهو أول وزير دفاع في حكومة الاستقلال علي سالم البيض الذي كان أكثر المناضلين تطرفا للعمل ضد الاستعمار والرجعية والامبريالية يقبع مع العديد ممن شاركوه النضال في الامارات العربية المتحدة الشريك الأساس لبريطانيا والسعودية لإعادة احتلال المحافظات الجنوبية والشرقية والقضاء على هويتها اليمنية وهي الدويلة أو المشيخة التي رفضت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاعتراف بها بعد تأسيسها من قبل بريطانيا عام 1971م وعارضت انضمامها إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة لتكون عضوا في هاتين المنظمتين واليوم أصبحت هذه المشيخة هي صاحبة القرار والمتحكمة في المحافظات الجنوبية أرضا وإنسانا وهنا يطرح السؤال الكبير نفسه: ما هو موقف أو حتى شعور أولئك الذين كان لهم شرف قيادة الكفاح المسلح لإخراج المستعمر البريطاني من الجنوب اليمني ولم يقبلوا بالوضع الحالي والذين ما يزال الكثير منهم على قيد الحياة وهم يحتفلون بالذكرى الواحدة والستين لثورة 14 اكتوبر وقد أصبح الجنوب اليمني بمختلف محافظاته محتلا ومسيطر فيه حتى على الإنسان نفسه الذي بات مسيراً وليس مخيراً، وممن؟ من قبل أعراب السعودية والإمارات اللتان تعتبران من أكبر أدوات بريطانيا وأمريكا في المنطقة وهل يرضى هؤلاء القادة العظام الذين حجموا بنضالهم بريطانيا وقضوا الى الأبد على أسطورة إمبراطوريتها العظمى أن تبرز فئات محسوبة على الجنوب تطالب بالانفصال مع أن شعار ثورة 14أكتوبر كان هو الوحدة بين كل أبناء اليمن شماله وجنوبه، وكان أول عمل عظيم قامت به ثورتهم المباركة هو توحيد أكثر من عشرين محمية ومشيخة في دولة واحدة أطلق عليها اسم: جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتم الإعلان عنها رسميا يوم 30نوفمبر عام 1967م لتشمل الشطر الجنوبي للوطن اليمني حتى تم التحامه في 22مايو 1990م مع الشطر الشمالي ليشكلا معا الجمهورية اليمنية، وفي ظل هذا الوضع المحزن والمؤسف نقول لمن يعبث بمقدرات الوطن اليمني أن المستقرئ للتاريخ في مختلف الحقب والعصور بنوع من الحصافة والعقلانية يدرك أن انفراط عقد المحاولات المتصلة لتوحيد اليمن أرضاً وإنساناً كان ينسحب دائماً وبالاً وكوارث تطال عامة الشعب حكاماً ومحكومين ويقيناً أن الوحدة اليمنية المعاصرة تشكل حلقة متفردة وذات أكثر من خصوصية في تاريخ اليمن الراهن لكونها تمخضت عن إرادة شعبية وطموح جماهيري قبل أن تكون إرادة سياسية فوقية أو قرارات سلطوية عليا يكون الشعب فيها رقماً مفقوداً وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن هذه الحالة كثيرا مؤكدين بأن مجرد التفكير في فض هذا الاجماع التاريخي والوطني والنكوص نحو اشكال التفرق والتشرذم والتشطير ترجمة لإرادة الخارج المحتل للأرض والإنسان في الجنوب اليمني سيكون خيانة وطنية وتاريخية يدفع ثمنها الجميع عاجلاً أو آجلاً ويكفي أن نشير إلى أن مجرد وجود أزمة سياسية قد ألحق الضرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي باليمن ونتج عنها شن عدوان ظالم على الشعب اليمني وحصارا خانقا ما يزال قائما ومستمرا منذ عشرة أعوام فما بالنا بما يترتب على عودة اليمن إلى عهود التشرذم والانفصال وعليه فان التفكير في غير الوحدة كما أشرنا آنفا مهما كانت المبررات يُعد انتكاسة وكارثة لليمن بأكمله لا سمح الله ونصراً لأعداء اليمن المتحينين الفرص دائماً حيث يختارون الوقت المناسب ليضربوا ضربتهم من خلال المندسين بين صفوفنا الذين هانت عليهم قيمهم وأخلاقهم وكرامتهم أمام مغريات الصفقات المادية المشبوهة كما يفعلون حاليا حينما ارتموا في أحضان المتآمرين على اليمن وشعبه العظيم ووقفوا إلى جانب تحالف العدوان الذي دمر الحجر والشجر ولم يسلم منه الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال مستغلين أي اختلاف يحدث بين أبناء الشعب اليمني الواحد فيوعزون إلى عملائهم في الداخل وما أكثر من يتجاوب معهم للأسف الشديد لتغذية ما يحدث من تباينات وتجييرها لمصلحة أعداء الشعب اليمني وثورته ووحدته غير مدركين أن التآمر على الوحدة اليمنية سيلقى نفس مصير التآمر على ثورة 21سبتمبر الشعبية التي جاءت مصححة لكل ما سبقها من ثورات التي لم يحالفها التوفيق في خدمة مصلحة الشعب اليمني والمحافظة على حريته وسيادته واستقلاله وتحقيق أهدافه الوطنية فتحطمت كل معاوله على صخرة مقاومة أبناء الشعب اليمني الشرفاء المؤمنين بالدفاع عن الوطن وتحرير قراره السياسي من الارتهان للخارج مستعيدين تلك الصورة الرائعة التي عكسها اليمنيون في أذهان العالم يوم 22مايو 1990م حينما حققوا المنجز التاريخي العظيم المتمثل في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ورديفها الحرية والديمقراطية مما آثار إعجاب كل من يحبون الخير لليمن بقدرة أبناء هذا الشعب على معالجة قضاياهم بأنفسهم، كما ازدادت مكانة اليمن عزة ورفعة بعد وقوفه إلى جانب الحق الفلسطيني ودخول قواته المسلحة الشجاعة في مواجهة مباشرة مع ثلاثي الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل واستطاعت أن توصل الصواريخ اليمنية والطيران المسير إلى عمق الكيان الصهيوني وتفرض عليه حصارا اقتصاديا عبر عدة بحار فكبدته خسائر بمليارات الدولارات وبفضل قيادة اليمن الثورية الحكيمة ومسيرته القرآنية المباركة التي يقودها سماحة السيد عبدالملك الحوثي- حفظه الله- أصبح يُحسب لليمن ألف حساب بشهادة ما تتناقله مختلف وسائل الإعلام العالمية بما في ذلك المحسوبة على أعدائه وهو ما يجعل كل يمني حر شريف يرفع رأسه إلى السماء عاليا بعد أن كان في العقود الماضية لا قيمة له كون من كانوا يحكمون اليمن عملاء ومرتزقة رهنوا قراره السياسي للخارج ولم يكونوا يفكرون إلا في مصالحهم ولا يزال لهم بقايا تشهد عليهم فنادق الرياض وأبوظبي واسطنبول والقاهرة يسيرون في نفس ذلك الطريق غير السوي راهنين أنفسهم لأعداء اليمن قبل وطنهم ومستعدون لأن يبيعوا كل شيء مقابل ثمن بخس بما في ذلك شرفهم وكرامتهم.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا