جيشان الطوفان.. والسيناريوهات القادمة..!!
القضية الفلسطينية هي قضية العرب الكبرى من المحيط إلى الخليج، بل هي من القضايا المصيرية لاسيما في ظل تفاهم واستمرار العجز العربي، وغياب دور تلك الأنظمة العربية عن تحقيق الطموحات الفلسطينية،
خاصةً في ظل التحديات الراهنة محلياً وإقليمياً ودولياً، وطالما هناك انبطاح وارتهان عربي يظل الموقف العربي مرهوناً بمدى مصداقية القرار السياسي والدفاعي والعسكري والقومي لتلك الدول، وخير مثال على ذلك موقف أرض الكنانة تجاه أهل غزة الذين يُقصفون صباح مساء على مرأى ومسمع من دول الجوار ولا يحركون ساكناً، وكأنَّ الطير على رؤوسهم حتى النخوة والشهامة والمروءة العروبية ناهيك عن الإسلامية التي أكلت يوم أكل الثور الأبيض من أجل ديمومة السلطة، ومتاع الدنيا الزائل..
إنًّ المشهد السياسي العربي الراهن اليوم لا يُبشّر بخير طالما سماؤه داكنة السواد وأياديه ملوثة بالعمالة والارتزاق والخيانة، وفي ظل تلك الأجواء القاتمة ارتضت تلك الأنظمة العميلة أن تكون مجرد أدواتٍ رخيصةً وأيادي نجسةً وذنباً من أذناب المحتل الغاصب.
لذا علينا أن ندرك أنَّ هناك ثوابت قومية دينية وعروبية راسخة وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، فالسيادة الوطنية والقرار السياسي والقيم والمبادئ والشرف لا تكون مدعاة لغرف الحوار الدبلوماسي، أو نشر الغسيل، وإنما تكون بالموقف المسؤول والمصداقية والشفافية المطلقة تجاه قضايا الأمة، هكذا تُقاس همم ومواقف الرجال الأوفياء والقادة العظماء، وليكن في علم تلك الزعامات والقيادات العميلة بأنَّ الأجيال القادمة لن ترحمهم، والتاريخ سيلفظهم إلى مزبلة العملاء والمأفونين.
لذا على تلك الزعامات الهلامية أن تفيق من سباتها العميق وتدرك خطورة المرحلة وتراجع حساباتها الماضوية والآنية قبل فوات الأوان، فالطوفان القادم أدهي وأمر سيصل إلى عُقر قصورهم ودورهم حين لا مندم..
إن العالم اليوم يتجه نحو الهاوية والسقوط الأخلاقي والانهيار القيمي والثقافي بسبب طغيان الماديات، وكبح الحريات، وجور الحكام وصارت مقولة "ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله" حقيقة ماثلة للعيان وشعار المرحلة، أما مهووسو العولمة والانفتاح غير المشروط فهم الذين في كل واد يهيمون، وعلى جماجم الدهماء يرقصون، وعلى الأرض يعيثون فساداً وإفساداً.
• صفوة القول:
في ظل تلك المتغيرات والمستجدات الراهنة تظل الشعوب على مفترق الطرق، أما أصحاب الأقلام المأزومة فهم الذين سيدفعون الثمن باهظاً، وسيدركون في نهاية المطاف أن الفكر السلطاني الجائر مصيره الاندثار والزوال مهما ساد وتجذر وعاث فساداً, أما الأنظمة العربية والزعامات التي باعت كرامتها وشرف شعوبها من أجل الحفاظ على عروشها وسلطانها ستداس بأقدام أحرار رجالها الأوفياء ومناضليها الشرفاء، وتظل القضية الفلسطينية هي الفاعل المؤثر الوحيد ليس في فلسطين فحسب، بل في المنطقة العربية برمتها، وهذا احتمال وارد في المستقبل القريب.. من هنا ندرك أن الأنظمة العربية التي حافظت على هويتها وأصالتها وعروبتها وقيمها الروحية والحضارية هي التي أوصلت شعوبها إلى مصافها الفكري والحضاري الراقي والروح الثورية الهادفة لخدمة قضاياها وقضايا الأمة قاطبة من المحيط إلى الخليج.
• كلمات مضيئة:
المؤسف المعيب أن سياسة التخوين وشخصنة النزاع مازالت تهيمن على مفاصل معظم الأنظمة العربية التي تدعي بأنها حامية بيضة الإسلام ومقدسات المسلمين وهي غائصة في أوحال القاذورات والرذيلة حتى رأسها.
وفي ظل هكذا معطيات تظل القضية الفلسطينية تتأرجح في ردهات قصور الملوك والأمراء والزعماء الذين باعوا شعوبهم وأوطانهم من أجل متاع زائل.
وتظل مقولة رئيس العدو الإسرائيلي السابق مناحيم بيحن ستستمر الحرب بيننا وبينهم أي "الفلسطينيون" حتى ولو وقع الفلسطينيون معنا معاهدة صلح"..
يبدو أن الأفق العربي مشحون بالتوترات، وأن لا بصيص أمل في تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية إلاّ بقوة السلاح، وفتح باب الجهاد، النصر أو الشهادة، إذن لا تسوية ولا مساومة مع اليهود حتى قيام الساعة.. فالقرآن قد عرى نواياهم الخبيثة في قوله تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إنّ هُدى الله هو الهدي ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير" البقرة (120).
فالنصر مرهون بالإيمان الحقيقي متى ما ترسخ في القلب صدقه العمل مصداقاً لقوله تعالى: " إنْ تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" ويظل الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.