خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية ( الحلقة الرابعة عشر)
قحطان الشعبي – الله يرحمه- كرر العبارة : مطلبنا هو رحيل الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن في أسرع وقت قاطعة رئيس الوفد البريطاني قائلاً: والهدنة يامستر رد عليه قحطان بحدة هدنة أيش يا أبن الفرنجية ..
نحن وأنتم لسنا دولتين متجاورتين وبيننا حرب حدودية تحتاج هدنة سنستمر في تنفيذ العمليات الفدائية حتى رحيل آخر جندي من جنودكم .. واستمر الصياح المشاتمة لكن الرئيس الهندي ذاكر حسين استطاع تهدئة الموقف صائحاً للجميع. صلوا على النبي يا جماعة قالها بالعربي ومن ثم أستمر النقاش بهدوء بين الطرفين وتمخضت المفاوضات عن موافقة البريطانيين بالإنسحاب من جنوب اليمن بعد كم شهر من عام 1967م وموافقة الجبهة القومية بتوقيف عملياتها الفدائية بمجرد بدء البريطانيين بالانسحاب.
المفاوضات المذكورة سرية لكن المخابرات السوفياتية كشفتها وعلقت عليها بالقول " المحادثات السرية بين التنظيم السياسي- اليساري الجبهة القومية وممثلين عن الحكومة البريطانية أثبتت أن التنظيم اليساري اليمني دخل المفاوضات مع مندوبي الحكومة البريطانية وفاوض من مصدر قوة وبدون شروط مسبقة بينما الجانب البريطاني كان ضعيفاً وهش مثل أعواد البرسيم وكانت أطروحاته ركيكة ومواقفه ضعيفة ومبرراته واهية).
ملاحظة: ملاحظتي التحليلية أن تعليق المخابرات السوفيتية الشهيرة باسم " الكي جي بي" ليس وكاله أنباء نوفستي صاحبة السبق الصحفي الشهير فالكي جي بي من عادته يحتفظ بإسراره وأسرار حلفاءه لكن في تلك الحالة المذكورة كان غرضه توصيل رسالة إلى المخابرات البريطانية بشكل خاص والمخابرات الأمريكية والفرنسية والإيرانية " الشاهنشاهيه" بشكل عام ويقول لهم أنه صاحب اليد الطولي وأنه يعرف أشياء كثيرة لا تعرفها أجهزة المخابرات الأخرى.
كما أن تكراره لكلمة اليساري للتنظيم السياسي الجبهة القومية غرضه أيضاً توصيل رسالة للأمبريالية الأمريكية ودول غرب أوروبا الأمبريالية بأن التنظيم اليساري اليمني هو الذي سيطرد الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن وهو الذي سيقود دولة الاستقلال ذات الاتجاه الاشتراكي التي ستكون حليفة لدول المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي.
وفعلاً هذا ما حصل واستمر أكثر من 23 عاماَ عودة إلى الموضوع: عاد وفد الجبهة القومية إلى عدن وشعروا بالارتياح بأن البريطانيين اعترفوا ضمنيا بالهزيمة وأنهم سيبدأوا بالانسحاب عما قريب بعدكم يوم اجتمعت قيادة الجبهة القومية وقرروا العمل اللاحق قبل الاستقلال ويتضمن " أبعاد النعرات الانفصالية والتفاهم مع جبهة التحرير لتوحيد العمل للصالح العام ضمن الجهود الوحدوية لإعلان الوحدة اليمنية بعد الاستقلال مباشرة دون تأخير أو تسويف.. ولكن مر الأسبوع الأخير من شهر يونيو والأسبوع الأول من شهر يوليو من عام 1967م دون التوصل إلى تفاهم مع جبهة التحرير وكذلك دون أن تبدأ بريطانيا بسحب الدفعة الأولى من قواتها حسب إتفاق مدينة كلكتا الهندية .. لذلك أضطرت الجبهة القومية إلى مواصلة عملياتها الفدائية ضد الوجود البريطاني وبعدكم يوم قال السفير البريطاني في الهند للرئيس الهندي يا فخامة الرئيس الإرهابيين في عدن لم يوقفوا غيهم رد عليه صحح عبارتك هم ثوار يدافعوا عن أرضهم وعرضهم وأضاف الرئيس ذاكر حسين- الله يذكره بالخير- أصدقوا معهم بالانسحاب وسيصدقوا معكم بوقف عملياتهم الفدائية.
الهامش: -(4)
بعض الأسماء والمعلومات الرقمية مصدرها أرشيف اللجنة المركزية لحزبنا الاشتراكي اليمني عام 1987