بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (25)
وكان حَرِيُ بهؤلاء العرب والمسلمين الغافلين المُستغفلين على الدوام أن يكونوا على مستوى كافٍ وكبير من الوعي والمعرفة والاستيعاب الجيد لمجريات الأحداث التي عصفت بهم في التاريخ ،
لاسيما ما يتعلق منها بنشأة وقيام حضارة الغرب الرأسمالية التي تمثلها دول استعمارية كفرنسا وبريطانيا وأمريكا وغيرها ، ويتنبهون لما يخطط له هؤلاء الأعداء ضد وما كان يُفترض أن يغيب عن بال هؤلاء العرب والمسلمين حقيقة أن حضارة الغرب الاستعماري تعد حضارة توسعية عدوانية عنصرية ، " قامت على المركزية الثقافية العنصرية سواء من زاوية جغرافية ( غرب - شرق ) أو من زاوية بيولوجية عرقية ، أو من زاوية إيديولوجية عنصرية ، السيد الأشقر الذكوري مقابل العبد الجنوبي زائد النساء ، وهي نظرة مُستمدة من التلمود اليهودي ، شعب الله المختار الذي جرى تعميمه بعد ما يُعرف بالإصلاح الديني المزعوم ، أو الثورة اللوثرية".ولو أراد العرب والمسلمين المعرفة لعرفوا م اتوجب عليهم معرفته بذاك الخصوص ولساعدتهم تلك المعرفة في فهم وإدراك كل ذلك أو حتى بعضه في حدود المُتاح والمسموح به .
وحول هذه النقطة بالذات فإني أنصح بالاستفادة مما تناوله على سبيل صاحب "الحضارة والبربرية ، قراءة مُغايرة" مُوفق محادين ، ففيه الكثير من التوضيح للأمور المتعلقة بجهل العرب التاريخي لحقيقة أعدائهم وما يخططون له ، بالإضافة إلى كتابات سومبارت ( الرأسمالية واليهودية )ذات الصلة والتي ربطت بدورها نشوء الرأسمالية الغربية بتهويد المسيحية بعد الثورة المُركبة ، اللوثرية - الرأسمالية ، وكتابات ماكس فيبر التي ربطت الرأسمالية بالبروتستانتية ، والأهم كتابات ماركس حول ( المسألة اليهودية ) الذي أُتهم بمعاداة السامية بسببه ، حين ربط تحرر البشر بالتحرر من الرأسمالية ، وربط الأخير بالتحرر من الربوية اليهودية .
بيد أن الباحث محادين قد خلص في كتابه سالف الذكر إلى تأكيد الحقيقة التي تقول : "إن الرأسمالية في جوهرها لا يمكن أن تكون ديموقراطية وعادلة وإنسانية وسلمية ، كما يزعم الغرب ويُروج لذلك ، لاسيما بعد اندماجها مع اليهودية والحركة الصهيونية ومعتقداتهما الباطلة".والعجيب أن العرب والمسلمين الذين يحلو لهم التغافل والتجاهل للحقائق الدامغة في التاريخ ، قد اغفلوا رهبة ورغبة حقيقة من تلك الحقائق أو حيل بينهم وبين كشفها وهي تشير بكل وضوح إلى " إن إسرائيل هذا الكيان اللقيط الغريب الذي زُرع في قلب المنطقة العربية ، ماهي إلا (عين الغرب وأذنه) كما صرح بذلك المرشح المستقل للرئاسة الأمريكية في ستينيات القرن الماضي ، وهي في البروباغندا الغربية عمومًا من تُوصف بأنها ( واحة للديموقراطية والحضارة ) وتمثل برأي الغرب فرصة للتقدم في منطقة تزخر بالثروات ، وتفتقر إلى الإرادة والتدبير ومقومات الإنتاج وخطط التنمية.وهذا ما عبر عنه كتاب رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني الهالك شمعون بيريز ( الشرق الأوسط الجديد) ، والذي روج فيه لما أسماه "مزاوجة التكنولوجيا والتطور الإسرائيليين بالثروة والأسواق الشرق أوسطية" .
وبالعودة إلى حقيقة إسرائيل ككيان هجين غريب عن المنطقة ، لا يختلف اثنان أن الغرب قد أنشأ الكيان الصهيوني ودولته وهيأ له كل شروط الغلبة والتوسع والتفوق ، وتكفل بدعمه وحمايته في كل الأحوال والظروف ، وهو أي هذا الكيان الصهيوني الغاصب لا يمكن اعتباره إلا مُجرد أداة في خدمة الغرب ومصالحه في المنطقة لها مواصفات خاصة صاغتها الحركة الصهيونية العالمية ، التي تحولت لاحقاً لتصبح أحد أهم الأجهزة الإيديولوجية للنظام الرأسمالي الاستعماري الغربي في مرحلته الإمبريالية التي تبلورت أوائل القرن العشرين.وبحسب من أرخوا لتلك المرحلة المفصلية من تاريخ العالم ، فقد تجندت عائلات يهودية شديدة الثراء في ورشة مشروع الحركة الصهيونية العنصرية وغايتها الأساسية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، وما زالت تلك العائلات حتى الآن تلعب دوراً بالغ التأثير في حقلين مهمين عبر تعزيز نفوذها في المؤسسات الإمبريالية العالمية ، وتوفير كل عناصر الدعم الشامل للكيان الصهيوني ، في كنف الإمبريالية الأمريكية خصوصًا وفي خدمتها .
ومن المعلوم أن الحركة الصهيونية تحتل مواقع مهمة في النظام الرأسمالي العالمي ، حيث تحتكر بعض الحقول ذات الحيوية الاستثنائية ، إلى جانب تأثيرها الواسع في الرأي العام الدولي من خلال وسائل الإعلام التي يمتلكها اليهود ، فضلاً عن امتلاكهم نصيب الأسد في المؤسسات المالية والبورصات والبنوك وصناعة السينما ولجان الجوائز الدولية ودوائر وزارات الخارجية في دول الغرب وفروع الصناعات التكنولوجية المتقدمة بها ، وصولاً إلى امتلاك الصهيونية بذلك السطوة والقدرة والتأثير على مراكز القرار في عدد كبير من البلدان الغربية وغيرها .
وبهذا ينطبق على اليهود ما ذكره القرآن قبل أكثر من 1400 سنة في قوله تعالى وصفًا لهم ولحالهم هذا: "وأمددناهم بأموالٍ وبنين وجعلناهم أكثر نفيرا". وعلى سبيل المثال والتأكيد على ما هو مُؤكد ، فلو تأملنا مليًا في سلوك الأمريكيين وطبيعتهم الأيديولوجية منذ مرحلة تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية حتى اليوم ونسأل أنفسنا : لماذا أمريكا دون استثناء ومن بين كل دول الغرب عامة تقف داعمة مساندة وبكل قوتها وإمكانياتها المهولة اقتصاديا وعسكرياً إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب الذي تم زرعه في قلب منطقتنا العربية والأرض المقدسة منها لكانت الإجابة بمنتهى البساطة على سؤال وجيه كهذا : لأنهم أي الأمريكان قد رضعوا حب ربيبتهم إسرائيل مع حليب أمهاتهم منذ الصغر ، ولا زالوا ولن يفطموا أنفسهم منه يوماً ! .
...... يتبع .......