كتابات | آراء

«أنقرة».. من التتريك إلى العثمنة!!! (1 – 3)

«أنقرة».. من التتريك إلى العثمنة!!! (1 – 3)

منذ ان بدأ الإسلاميون الاتراك الدخول في الانتخابات المحلية التركية وقدرتهم الفائقة على فرض سيطرتهم على المحليات والبلديات حتى بدأوا يفرضون حساباتهم السياسية وحضورهم على المشهد السياسي التركي بقوة..

واعتبرها مراقبون للشأن التركي انها الخطوات الأولى في طريق الإزاحة التدريجية والمنظمة لسياسات التتريك التي فرضت على تركيا بعد الهزيمة الكبيرة التي لحقت بالإمبراطورية العثمانية.. ومن حين انطلاقة الانتخابات التركية والإسلاميون الجدد المتدثرون بدثار العثمانية الجديدة يتدرجون في الاستحواذ على السلطات في المفصلية السياسية والاجتماعية التركية.. رغم ان الحرس القديم من الأتاتوركية قد عملت جهدها في مقاومة المد الاسلاموي الجديد الذي حظي بدعم شعبي تركي واضح.. لكنها جوبهت بسلسلة من الاندحارات المتتالية في المشهد السياسي التركي المعاصر..
إلا ان عوامل عديدة هيأت الفرصة امام الصعود الاسلاموي التركي الجديد كان ابرز الأسباب هي الفساد المستشري في السلطات التركية الذي أوصل تركيا الى حافة الانهيار والكارثة الاقتصادية فجاء التيار الاسلاموي ليسد الفراغ الكبير الذي نشأ في المشهد السياسي بعد ان "تفرعن العسكر" وتمادوا في الفساد وفي سوء الإدارة وفي سوء استغلال السلطات الى آخر القائمة من مظاهر الفساد التركي الذي انتشر في كل مكان ولذلك فأننا عندما نقرأ كتاب "العمق الاستراتيجي" الذي الفه احمد داوود اوغلو رئيس الوزراء التركي.. تصل الى مقاربات مهمة توفر لنا الرؤية في ان الأتراك يتجهون باهتمامهم الى الشرق الأوسط والى البلدان العربية والإسلامية التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية في الفترة الماضية من التاريخ..
فداوود اوغلو في كتابه: يدعو الى الاهتمام بالمنطقة العربية لاستعادة الإرث العثماني..
وعلى هذا المنوال هناك من يشير الى ان الأتراك يعانون اشد المعاناة من عقدة معاهدتي سيفر ولوزان التي عملت على تقليم المخالب العثمانية في الفترة السابقة وقيدت حركتها, ولذا فان اردوغان في تحركاته الأخيرة سواء في البلقان او في سوريا او في ليبيا فأنه يعلن صراحة الخروج على معاهدتي سيفر ولوزان ويؤكد في الحقيقة مسار "العثمنة" الذي كما تدعي أنقرة انه يضمن لتركيا مجالها الحيوي "الجيوبولتيكي"!!
وبمثل هكذا تحرك ينبغي ان يفهم ان "تركيا العثمانية" قادمة وان صراعات وبؤر صراع سوف تنشأ في هذه المنطقة ونعني بها المنطقة العربية سواء الشمال الأفريقي أو في الجزيرة وجنوب البحر الأحمر.. قد اختارت قطارها عبر الأخوان المسلمين الذين يعتبرون مطيتها إلى المنطقة بدءًا من سوريا ومروراً بليبيا ويعلم الله أن يكون تحركها في قادمات السنوات..
وفي مقاربة يشير الكاتب محمد نورالدين إلى أن اردوغان من العام 2016م يعتبر معاهدة لوزان باطلة أو أنها في حكم الملغية ولا يتردد في وصفها بالهزيمة مخالفاً بذلك وصف اتاتورك الذي يراه نصراً لا مثيل له..
الكاتب محمد نور الدين يقول أيضاً في مقاله أن "عثمنة" المجتمع وأسماء الأماكن يبدو أنها ستكون أمام مرحلة جديدة ويستند الى ما أوردته صحيفة "غازيتيه دوار" التركية بأن العمل جار لنقل العاصمة من أنقرة الى اسطنبول وفي الإطار ذاته: يورد الكاتب عريب الرنتاوي ان تركيا بقيادة اردوغان تسعى لاستعادة صفحات من تاريخها الإمبراطوري العثماني ويضيف في وصف الحالة التركية الجديدة واسقاطها معاناتها من التاريخ ومن الجوار الجغرافي بالقول:
"تركيا من بين دول قليلة في الإقليم تبدو محكومة بإرث التاريخ وقيود الجغرافية وهي قد قررت بزعامة اردوغان ان تطوع جغرافيتها والجغرافية من حولها لخدمة اهدافها التوسعية..
وليس من قبيل الصدفة ايضاً أن يصادق البرلمان التركي في 26 يناير 2021م على مذكرة رئاسية تقضي بتمديد مهمة قواته البحرية التركية في خليج عدن وبحر العرب والمياه الإقليمية للصومال عاماً اضافياً ابتداءً من 10 فبراير 2021م لان الأتراك لهم طموحات في منطقة جنوب البحر الأحمر.. وهم اليوم يتواجدون في السودان وفي الصومال وفي جيبوتي..
وكانت القوات البحرية التركية قد سارعت في 25 يونيو العام 2020م للمشاركة في المهام المشتركة الدولية لمحاربة القرصنة في منطقة البحر الأحمر.. بل انها ترأست قيادة قوات المهام المشتركة لمكافحة القرصنة في خليج عدن وقبالة سواحل الصومال في المحيط الهندي.. ومعروف ان قوات المهام المشتركة تتضمن 13 عنصراً من امريكا والبرازيل والبحرين وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية والكويت وباكستان وعمان كما ان القوات البحرية المشتركة تعبر عن تحالف متعدد الجنسيات تأسس في شهر فبراير العام 2020م اهدافه المرسومة المعلنة :"تعزيز الأمن ومكافحة القرصنة" في مياه الشرق الأوسط وافريقيا وجنوب آسيا ويشمل البحر الأحمر والخليج العربي وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي..
ومن هذا المنطلق وجدت انقرة اهدافها بالتواجد في المنطقة من خلال هذا التحالف.. وهاهو البرلمان التركي يجدد لبحريته التواجد في خليج عدن والبحرين الأحمر والعربي..
"نواصل في العدد القادم"

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا