إنها ثورة الفكر والحرية
ونحن على موعد الاحتفال البهيج بالذكرى التاسعة لثورة 21 سبتمبر المجيدة، التي لم تأت وليدة الساعة بل نتاج عن خوض كفاحات ونضال مستمر منذ الانقلاب على مبادئ الثورة الأم 26 سبتمبر،
فجاءت ثورتنا المباركة 21 سبتمبر في مسار تحقيق الطموح اليمني في الاستقلال والسيادة وبناء دولة حديثة ذات مؤسسات منافسة في القطاعات الإنتاجية والنهضوية ، مرتكزة على المقومات الطبيعية والإرث التاريخي لبلد الإيمان والحكمة، وعبق التراث لمدينة سام التي لا تضاهيها من الكنتونات والمدن الكرتونية الخليجية أي مدينة.
في حقبة تاريخية قدر لهذا الوطن أن يعيش في أمواج من الصراع والعمل وفق أجندة خارجية أثرت بالدرجة الأولى على الاقتصاد الوطني وحرمان الشعب من التنمية الحقيقة، فكانت قوى النفوذ الداخلية تخدم مشاريع الهدم الممولة من الخارج تنفيذاً لوصايا مزعومة تتحكم في القرار السياسي والسيادي اليمني، تلك القوى نهبت الثروات واستباحت المشروع التصحيحي الناصري الذي أراد استعادة التحرر والخروج من عباءة الوصاية الخارجية، فتكالبت تلك القوى واغتالت الأصوات المناوئة لها، ومنيت الأرض بالتهجير وقتل الوطنيين الأوفياء ومخلصي الولاء.
كل تلك الاحتقانات ولدت عند الأحرار المخلصين من أبناء هذا الوطن قوة إيمانية بضرورة التغيير من خلال ثورة شعبية حقيقية لانتشال اليمن من وضعه المتردي ومحاربة ووأد كافة مظاهر الفساد، وإعادة المسار الطبيعي لقيمة الإنسان وكيانه ، ليلحق في ركب الاستقرار والطمأنينة، بعد أن ذاق المواطن اليمني شتى وسائل القهر والاستبداد والتجويع، وربط مستقبله بل وحياته لقوى اعتادت أن تقتات على مصالحه وتبتاع بأرضه مقابل حفنة من المال المدنس، لخدمة وإسترضاء أنظمة قمعية خلقت من عباءة الامبريالية الرجعية ،زرعت أفراداً وكيانات في جسد هذه الأمة، معنيون بافتعال الصراعات البينية والصراعات المدفوعة الأجر.
فخلق التجهيل والانتكاسات عن قصد لتظل الأمة اليمنية في موت سريري، بدءاً من الاقتتال في الثمانينات، وتسليم زمام مقاليد الحياة لحركات إسلامية كما سمت نفسها، فكان ديدن هذه الجماعات التعذيب والقمع والتصفيات، والممول لا يخفى على احد، وكذلك زراعة الغرور والتعالي على أبناء الوطن الواحد، ولعل أحداث 1994م خير شاهد ، وصولاً إلى بيع الأراضي اليمنية المليئة بالنفط والثروات مقابل مال مشبوه، ووصل الأمر حينها لدرجة الاستخفاف والتضليل على العقل اليمني بالحشد للاحتفالات تحت لافتة تحقيق وترسيم الحدود مع الجارة السيئة.
حينها لم نكن نعلم أن ما تم بيعه من الأرض اليمنية يضاهي مساحة فرنسا، وبعد أن استنفذت كل الجرائم الجسيمة وغير الجسيمة بحق هذا الوطن، بدأت شرارة الثورة المباركة 21 سبتمبر، لاجتثاث عروش الفساد والظلم والعمالة من جسد شعبنا الصامد والصابر، وتصدرت المشهد ثورة تحمل شعار الإنقاذ وإعادة الحياة لجسم الوطن النحيل المتهالك ، لكن هذه المرة ليست من جبال ردفان بل من جبال السيد القائد مؤسس المسار الإيماني والمسيرة القرآنية المباركة السيد/ حسين بدر الدين الحوثي، فانطلق قائد الثورة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي ومعه كل أحرار اليمن، يحملون أكفانهم بكف وإيمانهم الصادق في كف أخرى، مؤمنين بأن إنقاذ الوطن واستقلاله وسيادته لا تقل أهمية عن تلبية الدعوة الدينية والإيمانية في الصف الجهادي لتحقيق الأمر الإلهي.
فانطلقت ثورة الـ21 من سبتمبر بأهدافها العظيمة لتحرير العقل ورفع الظلم عن كاهل اليمنيين، وهبت رياح التغير من جبال مران هذه المرة، وتوحدت الصفوف وتبلورت الكلمة، لنجد رياح التغيير تقتلع كل تمثال وصنم فاسد وعميل، والقدر كان أسرع في كشف المستور وأن الله يمهل ولا يهمل، وسرعان ما تهاوت الأقنعة وسقطت اللحى المزيفة أمام رعود وبوارق الثورة المتجددة بقيادة السيد القائد..نعم أنها ثورة شعب ثورة كل حر غيور على وطنه ، بلا منازع، أنها ثورة الـ 21سبتمبر.