
كيف يفرك بوتين يديه فرحا وهو يتابع اسقاط أمريكا “المنطاد” الصيني بالقوة؟
اسقاط صاروخ امريكي للمنطاد الصيني بعد اكثر من أسبوع من تحليقه فوق قواعد صاروخية نووية في مونتانا، سيهبط بردا وسلاما على قلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،
ربما يجعله يفرك يديه فرحا لسببين: الأول لاختراق المنطاد ضخم الحجم (حوالي ثلاث حافلات) الأجواء الامريكية بكل سهولة ويسر، وفشل أجهزة المراقبة في دولة عالمية عظمى اسمها الولايات المتحدة الامريكية من رصده حتى قبل اقترابه من حدودها، وان تأتي صفارة الإنذار من مواطن مدني عادي مغرم في متابعة الاجسام الطائرة، والثاني، استخدام القوة وليس الدبلوماسية في التعاطي مع هذا الاختراق ومن الرئيس الأمريكي شخصيا.
عامل التوقيت ينطوي على درجة كبيرة من الأهمية في كل الازمان، والحروب خاصة بين الدول العظمى، مثلما يحدث حاليا على الأرض الاوكرانية وحالة التصعيد التي تشهدها وتنعكس في القصف الصاروخي والتقدم الروسي في منطقة الدونباس، وتفاقم التورط الأمريكي الأوروبي الذي ما زال مقتصرا حتى الآن بتكثيف المساعدات العسكرية والمالية لكييف، وابرزها مئات الدبابات والصواريخ بعيدة مدى، فالربط بين هذه الحرب واسقاط المنطاد على درجة كبيرة من الأهمية.
***
القيادة الصينية انتقدت بشدة رد الفعل “المبالغ فيه” والمتمثل في اسقاط المنطاد التي قالت انه مخصص للأبحاث الجوية السلمية وجنح عن مساره بسبب الرياح، باستخدام القوة، واكد متحدث باسم الخارجية الصينية بأن بلاده “ستلتزم بحقوق المصالح المشروعة للشركات ذات الصلة، مع الاحتفاظ بالحق في القيام بمزيد من ردود الفعل الضرورية”..ما زال من غير المعروف كيف سيكون الرد الصيني على اسقاط هذا المنطاد باستخدام القوة، ولكن الأمر شبه المؤكد ان بعض جوانب هذا الرد سينعكس بالتنسيق بدرجة اكبر مع الحليف الروسي في الحرب الأوكرانية، وربما يأتي الرد في الثأر للمنطاد بإسقاط أي طائرة، او سفينة، أمريكية تخترق الأجواء او المياه الإقليمية الصينية في خليج تايوان او بحر الصين.
اذا عدنا الى موضوعنا الأساسي وهو حرب أوكرانيا التي تقترب من دخول عامها الثاني (24 شباط الحالي) فإن هناك تطورات رئيسية يجب التوقف عندها في هذه العجالة:
الأول: تهديد ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الامن الروسي بانه في حال استهداف شبه جزيرة القرم بصواريخ أمريكية او اوروبية من قبل الجيش الاوكراني، فان باقي الأراضي الأوكرانية التي ما زالت تحت سيطرة كييف ستتحول الى رماد وسيكون ردنا بجميع الأسلحة.
الثاني: اعتراف زيلينسكي بأن الوضع على الخطوط الامامية في شرق أوكرانيا (إقليم دونباس) يزداد صعوبة، وان روسيا ترسل المزيد من القوات الى ساحة المعارك وتحقق المزيد من التقديم.
الثالث توجيه الرئيس بوتين رسالة شديدة اللهجة الى المستشار الألماني اولاف شولتز الذي يتزعم حملة تزويد أوكرانيا بدبابات “ليوبارد” الألمانية بتذكيره بأن روسيا دمرت الدبابات الألمانية “الهتلرية” اثناء الحرب العالمية الثانية، وستدمرها للمرة الثانية اذا تجرأت ودخلت الأراضي الروسية بإعلام اوكرانية.
هذه التهديدات الروسية المتوازية مع هجوم صاروخي على مواقع للجيش الاوكراني في اكثر من منطقة، وتمهيدا لهجوم الربيع الروسي الموسع الجاري الاعداد له على قدم وساق هذه الأيام، تأتي كاول رد على تصريحات ميخائيل بودولياك مستشار الرئيس زيلينسكي التي قال فيها انه “بعد الاتفاق مع الغرب على توريد دبابات لكييف، نتفاوض حاليا على توريد صواريخ بعيدة المدى، وطائرات متطورة (اف 16 الامريكية ورويال او يورو فايتر الأوروبية) لشن ضربات على شبه جزيرة القرم تمهيدا لاستعادتها للسيادة الأوكرانية”.
متحدث روسي نفى التقارير الإخبارية التي نقلت عن بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تلقيه تهديد بقصف بريطانيا بقنبلة نووية، وتوجيه التهديد نفسه للمستشار الألماني شولتز، ولكن هناك تسريبات مضادة تؤكد هذه التهديدات الروسية النووية، وان جونسون الذي كان يتحدث لشريط وثائقي بالصوت والصورة قال الحقيقة.
***
للمرة الألف نقول ان روسيا التي تملك 6500 رأس نووي، وقيادة تتحلى بإيمان وعزة نفس قومية روسية، لا يمكن ان تخرج مهزومة من هذه الحرب، خاصة ان كل الدعايات الغربية حول مرض بوتين بالسرطان، ووجود قيادات في الجيش الروسي ضده ستنشق وتطيح به، وتنبؤات مؤكدة بإنهيار الاقتصاد، والعملة الروسية، بسبب العقوبات الامريكية، كل هذه الحرب الدعائية ثبت افتقادها لأي مصداقية.
من المفارقة ان بوتين هو الذي منح زيلينسكي وعدا بعدم اغتياله وإبقائه على قيد الحياة قدمه الى نفتالي بينيت رئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق اثناء زيارته لموسكو، مقابل عدم انضمام اوكرانيا رسميا لحلف الناتو، وكشف بينيت عن هذا التعهد في مقابلة تلفزيونية اذيعت قبل يومين.
صاروخ امريكي واحد متوسط المدى على شبه جزيرة القرم، او على اهداف في العمق الروسي التقليدي قد يشعل حربا نووية كرد على الحرب الامريكية الأوروبية بالإنابة ضد روسيا، وفي اطار خطة تفكيكها، فاذا كان هذا التحالف فشل في تفكيك سورية، وقبلها العراق، وأفغانستان، فهل سينجح في تفكيك روسيا التي هزمت نابليون وهتلر.
الإجابة ربما تأتي عندما تتقدم دبابات وصواريخ هجوم الربيع الروسي الوشيك.. والأيام بيننا.
* نقلاً عن رأي اليوم