اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. « 63»
وعلى صلة وطيدة ووثيقة بلعبة اليمنيين القذرة والمفضلة عبر التاريخ - لعبة الدم والموت - فإننا لو أمعنا النظر والتأمل مليا في هذا المفهوم الإصطلاحي , ومعانيه ودلالاته ,
وكل مايوحي به ويدل عليه لوجدنا أن لعبة خطرة وقاتلة كهذه تستهوي اليمنيين ممارستها , وهم سادرين في بغيهم على بعضهم البعض , ولعبتهم هذه تبدو , وكأنها جزء لايتجزأ من تاريخهم القديم والحديث , إلى جانب كونها وإعتبارها هنا جزء لايخرج عن نطاق ومضمون تراثهم وإرثهم وثقافاتهم وسلوكياتهم لاينفكون عنها ولا تنفك عنهم على الإطلاق .
ولعبة غريبة الأطوار كلعبة الدم والموت وجدت لها في اليمن بيئة حاضنة وعوامل ودوافع تشجيعية كثيرة جعلها تستمر كل هذا الوقت الطويل والمستمر منذ فجر التاريخ أو الأزل حتى الآن , ولا تزال مستمرة وستستمر إلى مالانهاية ولها من الديمومة وما يعزز ويكرس استمرارها مالا يحصى من الأسباب والدوافع والإمكانيات والمجالات المتاحة بلا حدود وبلا حساب , لاشك إنها لعبة مميتة ومخسرة كلفت ولا زالت تكلف هنا لاعبيها وممارسيها المحترفين والمبتدأين والمقحمين فيها رغبة ورهبة تكاليف باهضة يدفعونها كل يوم وكل لحظة وكل حين من دمائهم وأعمارهم وحياتهم وممتلكاتهم وحقوقهم ووجودهم على هذه الأرض على حساب مفتوح دائما على كل التوقعات والإحتمالات وبلا أي حد ولا انتهاء وشيك !.
ولعبة الدم والموت التي يلعبها اليمنيون فيما بينهم لايملك أحدا حق اصدار القرار لوحده منفردا الذي قد يقضي بتوقيفها وإلغائها أو حتى وضع قيود وضوابط ومحددات مكانية وزمانية لها تكون ملزمة لكل من يلعبونها بدون معنى ولا هدف محدد وواضح .
ولأن لعبة الدم والموت بين اليمنيين على هذا النحو والوصف فلا بد أن, تجد تاريخ هذا البلد المضطرب والشعب الممسوس بضر هذه اللعبة الخطرة حافل بأخبار أهوالها ومآسيها وفظائعها وخسائرها ونتائجها الكارثية وحسابات الخاسرين والرابحين فيها على الدوام وبنوع من التفصيل الممل والتوضيح الملحوظ واللافت لكل لبس وغموض بشأنها .
وتأسيسا على ماتقدم ذكره بهذا الصدد ,فإنه يمكن القول : أنه لايوجد بلد في العالم كاليمن كان ولا يزال ساحة حرب وصراعات مفتوحة ومحتدمة بين أبنائه على الحكم.والنفوذ والمال , وقد أخذت الحرب في تاريخه أشكال ونوازع تكاد تكون متشابهة في الأسباب والنتائج., حتى أن اليمنيين القدماء الذين هاجروا من اليمن بعد تهدم سد مأرب واستقروا في عدة بلدان نزلوا فيها في الجزيرة العربية والشام والعراق وغيرها كانوا ينقلون معهم حتى صراعاتهم الدامية ويستأنفون في مواطنهم الجديدة التي هاجروا إليها حروبهم الداخلية في موطنهم الأصلي وكأن لعبة الدم والموت هوايتهم الوحيدة في هذه الحياة !.
وهذا مايجعلني أتفق مع قول القائل : " إن الحروب تبدو وكأنها مكون.أصيل في جينات اليمنيين " .. معتبرا بأن الإستقرار الأمني والسياسي ليس من ثقافتهم..
وهذا ماجعلهم أكثر شعوب الأرض استنفارا وتولعا بتشبيب لظى الحروب وأكثر الناس اقتتالا فيما بينهم وكانوا ولا زالوا مع ذلك متميزين بكثر الإفراط والإقتحام في الفتن والإنشغال بها لفترة مع عجزهم في المقابل عن ايجاد الحلول والمخارج المناسبة لها حتى بدت الفتن واشعالها وتشبيب نيران الحروب الداخلية هنا بين اليمنيين كأنها حصرية عليهم , ولو لم يكن الأمر كذلك ماوجدت أن اليمنيين هنا يشهدون كل فترة وأخرى دورات متعاقبة من العنف والعنف المضاد فيما بينهم تكلفهم في كل دورة أثمان باهضة ومرتفعة كانوا في غنى عن تحملها ودفعها !.
وكمثال لاحصر فلو نظرنا إلى ماشهده اليمن تحديدا خلال المائة العام الأخيرة من تاريخه الحديث والمعاصر من أحداث عاصفة , فسنجد أنه منذ خروج الأتراك من البلاد ثم الإنجليز من جنوب اليمن المحتل شهد اليمن واليمنيين خلال الفترة المذكورة ما يقارب الـ22 حرباً وتسعة انقلابات وست ثورات في جنوبه وشماله تسببت في مآس وكوارث ناجمة عنها لاتحصى وجعلت شعبه يتأخر عن الركب الحضاري الذي فاته لعهود ومراحل من التاريخ في بلد لايزال تشبيب النيران للحروب والصراعات فيه السبب الرئيس لبقائه " محلك سر " !.