حديث الإثنين: لماذا كل هذا الحقد على عملية التغيير في اليمن..؟!
ما حدث في اليمن قبل أكثر من ثمانية أعوام من عملية تغيير كبرى على المستوى الشعبي قد غيرت معادلة الانقلابات في الوطن العربي ورسمت للشعوب العربية طريق المستقبل
بل وأثبتت أن الشعوب قادرة على أن تقوم بالتغيير عندما تتوافر لديها إرادة قوية وتكون لها في النهاية الكلمة الفصل ،لكن لأن هناك من لم يقووا على الاعتراف بهذه الحقيقة كونها تعتبر هزيمة بالنسبة لهم ولتوجهاتهم وتكشف فشلهم وعجزهم عندما كانوا متربعين على سدة الحكم فإننا نجد البعض ممن لا يزال في قلوبهم مرض وتحمل أنفسهم حقداً دفيناً ضد من يختلفون معهم فكرا واتجاها بل وينظرون إلى هذا التغيير على أنه انقلاب وإلغاءً للآخر ومتجاهلين أيضا حقيقة ما أتت به هذه الثورة الشعبية في نفس يوم قيامها من اتفاق للسلم والشراكة الوطنية الذي أبقى على عبدربه منصور هادي المنتهية شرعيته كرئيس للجمهورية وتضمن كذلك تشكيل حكومة شراكة برئاسة خالد بحاح تمثلت فيها كل الأطراف بمختلف تناقضاتها السياسية ماعدا مكون أنصار الله صاحب المصلحة الأولى في الثورة الشعبية حيث لم يشارك في الحكومة تجنباً لاتهامه بأنه استولى على السلطة بالقوة كما يحلو للبعض أن يعتقدوا ، ومن هنا يتضح ان عملية التغيير التي تمت وتصدرها مكون أنصار الله لم تقم ترفا بهدف خلط الأوراق السياسية أو انتقاما لحروب صعده الستة.
ثورة 21سبتمبر الشعبية عام 2014م أملتها وفرضتها الظروف الموضوعية كضرورة حتمية من أجل إنقاذ شعب بأكمله من سيطرة الخارج على قراره السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي وفرض الوصاية عليه وكأنه لم يشب بعد عن الطوق وفي نفس الوقت تصحيحا لمسار العقود الماضية التي تحولت فيها الساحة اليمنية إلى ساحة صراع لتصفية حسابات اقليمية ودولية خاصة بعد قيام ثورة 26سبتمبر و14 أكتوبر دفع اليمنيون ثمنها غاليا ,ومن المفارقات أن نتحدث اليوم عن عملية التغيير التي تمت وعدن الحبيبة ما زالت تئن تحت وطأة الاحتلال وثروات اليمن تنهب وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة يعيشها الشعب اليمني العظيم نتيجة عدوان آل سعود وحلفاؤهم عليه وهو ما يجعلنا نستذكر ما لثورة 21 من سبتمبر من فضل وقيمة عظيمة أعادت الاعتبار للشعب اليمني وجعلته يستيقظ من سباته العميق الذي استمر لأكثر من خمسة عقود وقراره السياسي رهن الخارج، ولذلك فإن الزلزال الذي أحدثته هذه الثورة من خلال رفعها شعار: التحرر من الوصاية الخارجية قد أجبر تلك الدول التي اعتادت على التدخل في الشأن اليمني وعلى رأسها السعودية وأمريكا لتقوم بشن عدوان ظالم على اليمن وشعبه العظيم بعد أن وجدت بأن مصالحها التي كانت تعتقد أنها لن تتحقق في اليمن إلا من خلال السيطرة على قراره السياسي وفرض عملاء ومرتزقة محليين على رأس الحكم لينفذوا لها أجندتها المرسومة بالطريقة التي تريدها الدول المتدخلة وليس من خلال إقامة علاقات ندية مع شعب يعتبر بالدرجة الأولى العمق الاستراتيجي لدول شبه الجزيرة والخليج، ولأن هذه الميزة التي كانت تتمتع بها الدول المتدخلة في الشأن اليمني امتدت لعقود طويلة دون أن تواجه أي تذمر يذكر بالرغم من أن السفير السعودي ونظيره السفير الأمريكي كانا يتصرفان وكأنهما صاحبا القرار في اليمن بدليل ان السفير الأمريكي قال أثناء مغادرته العاصمة صنعاء قبل شن العدوان على اليمن في 26 مارس 2015م بأنه لم يعد لنا شيء نفعله وهذا اعتراف صريح منه بأنه كان الحاكم الفعلي لليمن.
كم هو مؤسف أن نجد قيادات سياسية وحزبية كانت تعد نفسها وطنية خاصة أصحاب شعار محاربة الرجعية والاستعمار والامبريالية والعدو التاريخي لليمن قد ارتمت في أحضان العدوان بل وباركته وهي قيادات معروفة وكانت مشاركة في الحكم ومطلعة على ما كان يجري من امتهان للقرار السياسي اليمني، وإذا لم تغير هذه القيادات من نهجها السياسي المتمثل في شخصنتها فإن الفشل سيظل حليفها الدائم ولن تخرج من النفق المظلم الذي اختارت لنفسها السير فيه غير مقدرة صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الشعب اليمني في ظل الحرب المفروضة والظالمة التي تشن عليه منذ ما يقارب ثمانية أعوام وهو وضع لا يحتمل قيام نظام حزبي تعددي على الأقل في الوقت الراهن بل ولن يجد مثل هذا النظام الحزبي القائم في ظل وضع غير مهيء فرصته الحقيقية لدفع حركة التقدم والتطور إلى الأمام وصولاً إلى بناء دولة وطنية قوية وعادلة تخوض معركة التنمية والبناء وتعالج أوضاع ما بعد هذه الحرب المجنونة التي تشارك فيها بشكل مباشر وغير مباشر اقوى دول العالم بقيادة أمريكا ولكن وبعون من الله وبفضل الارادة الجبارة للشعب اليمني ممثلا في جيشه ولجانه الشعبية فقد استطاع التصدي لهذا العدوان الظالم ومقاومته بل واستطاع قلب معادلة استراتيجية الحروب بشهادة مراكز أبحاث ودراسات عسكرية عالمية.