"المستحيل " .. هل يصبح ممكنا ؟!
انتهجت قيادة المجلس السياسي الأعلى والوفد الوطني المكلف بالتفاوض مع دول العدوان للدخول في جولة رابعة من الهدنة،
سياسة مرنة من حيث الشروط المعلنة والمتمثلة بالتزام العدوان ومرتزقته بصرف مرتبات موظفي الدولة من عائدات النفط والغاز والسماح أيضا بدخول سفن المشتقات النفطية والبضائع التي تتبع القطاع الخاص إلى جانب فتح مطار صنعاء أمام رحلات جعلها تحالف العدوان محددة الوجهة ولحالات إنسانية بحتة .. هذه الشروط ليست بالتعجيزية كونها تعنى بحقوق أصلية ومن خيرات وثروات البلد ويجب أن يعود ريعها وخيرها على الموظفين ومن يعولون وأن يعيش المواطن اليمني في مستوى الحد الأدنى للحياة المتمثلة في الحصول على مشتقات الطاقة والقدر الكافي من العلاج والغذاء .. هذه الشروط سهلة ويسيرة جدا كون قطعها وحرمان ملايين من أبناء الشعب اليمني من حقوقهم المكفولة شرعا وقانونا في جميع الدساتير والأعراف الدولية جريمة لن تغتفر ولن يفلت كل من تسبب بحرمان وتجويع الشعب من العقاب عاجلا أم آجلا.
ومن حق الشعب اليمني بسواده الأعظم وقواه الوطنية أن يعيش حرا كريما يتمتع أبناؤه بكامل الحقوق , ليس منة ولا هبة من أحد وإنما من خيرات الوطن وثرواته التي تنهب جهارا نهارا بالسفن العملاقة التي ترسو بين الفينة والأخرى في الموانئ اليمنية كالضبة وغيرها لنهب الثروة النفطية فيما الموظف والمواطن على السواء في شمال الوطن وجنوبه يعاني الأمرين من سياسة وكلاء الاحتلال القديم الذي عاد اليوم من البوابة الخلفية متلبسا العباءة الخليجية وممتطيا على ظهور حفنة من المرتزقة والعملاء الذين فرطوا بالسيادة وسمحوا بنهب الثروات وتوريد عائداتها إلى جيوبهم غير مبالين بالمعاناة والفاقة التي أثقلت كاهل الشعب وأصبح الجميع يفكر في كيفية العيش بأدنى مقومات الحياة مثل الراتب والحصول على سبل الحياة من مشتقات نفطية ودواء وغذاء .
اللافت في الأمر أن شرط صرف المرتبات لتمديد هدنة قادمة شد المجتمع اليمني بشكل عام شمالا وجنوبا وشرقا وغربا من موظفين وغيرهم نحو اللجان المفاوضة كونها لامست وجع كثيرين في مجتمع أنهكه عدوان ظالم وحصار جائر دمر سبل العيش فيه خلال أكثر من سبع سنين عجاف من الحرب والدمار الذي لا يبقي ولا يذر .
الغريب أن هذه الشروط البسيطة في نظر الكثيرين والمتمثلة في صرف المرتبات من خيرات البلد بدت تعجيزية ومستحيلة حسب وصف المبعوث الأمريكي إلى اليمن ليندر كينغ .. أمام مطالب محقة لوفدنا الوطني المفاوض تساءل الكثير من عامة الشعب .. ما هي الأطر السياسية التي على ضوئها يريد ليندر كينغ التفاوض للدخول في هدنة جديدة ؟ ! أمام تعنت وصلف من هذا النوع الذي جعل أدنى سبل الحياة البسيطة تدخل في قائمة المستحيلات السبع لم يكن أمام القيادة الثورية والسياسية العسكرية من خيارات إلا أن تضع المعتدين ومن معهم من المرتهنين والمرتزقة أمام حقيقة مفادها أن نهب المشتقات النفطية دون الالتزام بحقوق موظفي البلد أصبح غير متاح وخط أحمر ولا مجال لوصول سفن الشركات الأجنبية إليه .
وقد سبق أن حذرت القيادة الثورية والسياسية والعسكرية العليا واللجنة الاقتصادية العليا كل الشركات النفطية العاملة في اليمن من مغبة الاستمرار في نهب النفط الخام كون عائداته تذهب إلى جيوب عناصر مرتزقة العدوان .
تلك التحذيرات لم يأخذها المرتزقة على محمل الجد فقد غامرت السفينة "NISSOS" بالدخول في المياه الإقليمية لنقل حمولة جديدة من النفط الخام من ميناء الضبة بالمكلا بمحافظة حضرموت .. وفي المقابل كانت القوات المسلحة اليمنية قد رصدت مسار تحرك تلك السفينة ووجهت لها الانذار المبكر بعدم الاقتراب من ميناء الضبة كونه أصبح محظورا أمام السفن القادمة للنهب بصورة غير قانونية .. وكانت الضربة التحذيرية بمثابة جرس إنذار لبقية السفن أن المياه اليمنية أصحبت تحت رقابة شديدة للضربات النوعية لقواتنا المسلحة التي أرعبت العدو ومرتزقته في البر والبحر .
هذا الانذار بعد اقتراب السفينة "NISSOS" من ميناء الضبة أثار ردود فعل عدة على المستويين المحلي والإقليمي والدولي أما المستوى المحلي فهو تأييد ومباركة مطلقة من شمال الوطن وكثير أيضا في جنوبه كون شرط صرف الراتب حقاً أصلياً وأهل البلد أحق بخيراتهم .. أما على المستوى الدولي فقد تباينت ردود الفعل بين الإدانة التي وردت على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج، الذي وصف الضربات التحذيرية بأنه " تصعيد مقلق للغاية " وبين هذا وذاك تظل الثروة النفطية حقاً سيادياً للشعب والدفاع عنها حقاً مشروعأً قانونا أمام النهب المحمي بسلطة المحتل في المناطق الشرقية والجنوبية من البلد وبين إدانة المبعوث الأممي وبين وصف المبعوث الأمريكي ليندر كينغ بأن صرف مرتبات موظفي الدولة بالمطالب المستحيلة يبقى التحذير إنذاراً أولياً وتأكيداً بأن الشعب أحق بخيراته وأن ما صعب في المسار السياسي التفاوضي لن يكون صعبا أمام القدرات الدفاعية للقوات المسلحة اليمنية .. فهل يصبح المستحيل الذي وصفه ليندركينغ بالأمس ممكنا في الغد ؟!