كلك نظر: من تاريخ مديرية دمت.. الأرض والإنسان( الحلقة رقم 14
ان التوسع العمراني في قرى مديرية دمت ومركزها شيء إيجابي يحسب لأبناء المديرية لكن ينبغي ألا يكون التوسع على حساب الأراضي الزراعية..
فنهاك بديل في القرى كالاستفادة من التباب المنخفضة وسفوح الجبال في مدينة دمت بدلاً أن يكون التوسع على الأراضي الزراعية في أطراف المدينة يجب استغلال المساحات الواسعة في شرق المدينة.
ملاحظة: حالات التوسع العمراني في مديرية دمت على حساب الأرض الزراعية ليست الحالات الوحيدة وكما أسلفت سابقاً أن معظم مدن وقرى اليمن حصل فيها توسع على حساب الأراضي الزراعية.
والشيء بالشيء يذكر أذكر أنه قبل أكثر من عشرين عاماً ذهبنا نحن مجموعة من الأصدقاء إلى مدينة اب لقضاء إجازة قصيرة وفي اليوم الثاني فضلنا السير على الأقدام من الفندق إلى أطراف المدينة ورافقنا ثلاثة من الأصدقاء من مدينة اب بينهم الأستاذ محمد الدعيس- الله يذكره بالخير- بعد وصولنا إلى أطراف المدينة لفت انتباهي أن معظم المنازل والعمارات بنيت فوق أراضي زراعية.. قلت للأستاذ محمد: والله من الخطأ أن يبنوا على أراضي زراعية قال: نعم خطأ ولكن الازدياد السكاني فرض نفسه وأضاف: انظروا إلى ذلك المنزل الوقيص أنا أعرف صاحبه لديه خمسة أولاد الكبير منهم تزوج وبناء منزل خاص به في هذه الجربة- البقعة الزراعية- والولد الثاني تزوج ويبني حالياً في هذه الجربة واعتقد أن الولد الثالث والرابع سيبنون في الثنتين الجرب المتبقيات.. علق ثالث: وأكيد الابن الخامس سيشتري جربه من الجيران من أجل بناء بيت خاص به.
في وقت لاحق عرفت من أحد الشيبات في مدينة اب إن 70% من الأراضي الزراعية في مدينة إب قد أكلتها المباني كان تقدير ذلك الحاج الطيب قبل 20عاماً أما في الوقت الحاضر أعتقد والله أعلم أن الأراضي الزراعية في مدينة إب قد نفذت.
نعم "قازلجت".. وقاهي إلا هي
عودة إلى الموضوع: لو يوجد وعي مجتمعي لدى أبناء مديرية دمت وغيرها من مناطق اليمن عن أهمية الأرض الزراعية لوجدت نية تسبق العمل لكان توسعت الرقعة الزراعية لتواكب الزيادة السكانية "لكن دور لك على اللي ما هلوش" فالحاصل شيء آخر، الحاصل أن مديرية دمت وغيرها من مناطق اليمن تشهد سنوياً تناقص مخيف في الأراضي الزراعية ولحل هذه المعضلة نأمل من الدولة إصدار قانون يمنع البناء على الأراضي الزراعية في المدن والأرياف في مختلف أرجاء اليمن وما ذلك على الدولة بعسير.
الزراعة والإنتاج الزراعي في مديرية دمت
إلى جانب المحاصيل النقدية كالبن وأنواع الحبوب تزرع من تلقاء نفسها الأشجار المتعددة المرتفعة العلو بعضها مثمرة وبعضها غير مثمرة- أي حطبية- والإنتاج الزراعي في كل قرى المديرية وأطراف مركزها يشمل مختلف أنواع الحبوب ومختلف أنواع الخضار وبعض أنواع الفواكه وهذا الإنتاج يلبي احتياجات المديرية وبعض القرى القريبة من المديريات المجاورة وما فاض يتم تسويقه إلى المحافظات الجنوبية لكن شجرة القات التي تصاعد غرسها خلال 20عاماً مضى أخذ في الوقت الحاضر نصيب الأسد من الأراضي الزراعية والمياه.. كان منتج هذه النبتة الشيطانية يلبي احتياجات المديرية وما جاورها وما فاض يتم تسويقه بسهولة إلى المحافظات الجنوبية، اما في ظروف الحرب الحالية فإن تسويقه بصعوبة إلى المحافظات الجنوبية غبر خط دمت –جبن- الحد يافع-عدن ومردودة المالي المرتفع اعتقد أنه عوض المقاوته عن متاعب المرور من طريق "رأس الرجاء الصالح" وإجمالاً اختصر القول: إن الإنتاج الزراعي للمحاصيل المفيدة في مديرية دمت جيدة وعدوها الأول هو مزارع القات.. فالقات أضحى شر لا بد منه في مديرية دمت وغيرها من مناطق اليمن فإلى متى يظل الحال هكذا؟ ومتى نتخلص من شر القات؟ الإجابة بسيطة وهي: إذا وجد وعي مجتمعي يستوعب جيداً اضرار القات وإذا وجدت النية الصادقة التي تسبق العمل فإننا سنتخلص من شجرة القات..
انطباعات عن الزراعة في مديرية دمت
كنت خلال الفترة من أول ديسمبر من العام الماضي 2021م إلى أواخر شهر فبراير من العام الجاري متواجد في مديرية دمت وزرت بعض القرى لغرض معرفة أشياء كثيرة عن حال الزراعة المفيدة المحاصيل الزراعية والزراعة الضارة القات، كما أنني زرت نفس القرى العام قبل الماضي وبالتحديد وقت التليم والصراب.. وفي شهري يناير وفبراير من العام الجاري 2022م كنت متنقل بشكل شبه يومي بين قريتي المسماة بيت طويل وبين مديرية حمام لغرض إنجاز أعمال خاصة بي وقد وجدتها فرصة سانحة للاستطلاع عن بقية المجالات بشكل متأني وسأكتبها في حلقات قادمة بشكل انطباعات من واقع المشاهدة في ما تبقى من الحيز المخصص لهذه المادة اكتفي بكتابة رؤوس أقلام انطباعات عن الزراعة في مديرية دمت أوجزها على النحو التالي:
• في معظم قرى المديرية غابت الحراثة على الثيران- يسمونها أثوار- وهي حراثة ممتازة وحضرت حراثة الجمال وهي ضعيفة.. مما أدى إلى ضعف الإنتاج الزراعي.
• مردود زراعة الحبوب مثل الذرة والذرة الشامية والعدس مردود ضعيف لذلك أهمله معظم الفلاحين استبدلوه بزراعة القات أو في أحسن الحالات زراعة الخضار مثل الطماطم والبطاطس وغيرها لكن الغالب هو زراعة القات.
• نظراً لعدم تكرار حليات الحراثة وعدم تشميس الأطيان فان الآفات الزراعية والديدان غالباً تفترس مزروعات الحبوب أو الخضار مثل الطماطم والبطاطس وفي بعض الاحيان يخسر المزارع الغلة.
• نظراً للمردود المالي للقات فقد برع كثير من مزارعيه من الرجال والشباب في العناية اللازمة به مثل قلع الوبل من جوانبه أو تسميده أو تسميمه أو تشذيبه ويهتمون بتدفئته أكثر مما يهتمون بتدفئة أولادهم.
• تسميم القات في مديرية دمت بشكل كبير لا يوجد مثيلاً له في المناطق الأخرى شاهدت ذلك في أكثر من مزرعة قات.
• في فصل الشتاء ترتفع أسعار القات في مدينة دمت ارتفاع زائد عن اللزوم بسبب أنها مرشوشة بسموم زائدة عن اللزوم بينما توجد خضار مفيدة مثل الكراث والبقل والبصل تنمو في كل مواسم السنة وقيمتها منخفضة بشكل زائد عن اللزوم بسبب توفرها بكميات زائدة عن اللزوم.
إنها والله حالات غريبة
• شاهدت في سوق القات في مدينة دمت بعض الموالعة يناولون المقوتي باحترام عدة آلاف من الريالات قيمة القات دون مبايعة ثم يخرجون ويتجهون نحو كشك الخضار والفواكه ويبايعون صاحبه على كيلو موز حتى يقلعوا نفسه أنها فعلاً حالات عجيبة وغريبة من غير حلفان.
يتبع العدد بعد القادم