وجهان لهدنةٍ قاتلةٍ
ليست المرّة الأولى التي يقدم فيها الكيان الصّهيوني المؤقت على تنفيذ عمليّات اغتيالٍ غادرةٍ تطال قياديين في المقاومة الفلسطينيّة.
تلك العمليّات التي لا تعني سوى إعلان الحرب على المقاومة بكلّ فصائلها ولا تستهدف حركة الجهاد الإسلامي وحسب بل إنّها تستهدف القضاء على كلّ أحرار وشرفاء العالم. في نفس الوقت الذي لم يتعلّم الكيان الصّهيوني من تجاربه المريرة والحافلة بالهزائم ولم يأخذ العبرة منها وهو الذي يكرّر نفس السيناريو في عمليّاته العدوانيّة ليس في فلسطين فقط بل في لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن وإن لم يكن العدوان بالمباشر فقد يكون من خلال أدواته ومرتزقته المتعدّدة الألوان من داعش والنّصرة وجند الشّام والقاعدة وغيرها من شياطين الإرهاب الممسوخة. وقد أدمن الكيان الصّهيوني منذ نشوئه على العنصريّة والتعصّب الديني والإجرام والقتل والتّهجير واغتصاب الحقوق رغم امتلاك العدوّ الاسرائيلي لقرار العدوان وإعلانه أو تنفيذه دون إنذارٍ مسبقٍ لكنه فشل في امتلاك قرار وقفه وحسم نتائجه حيث كان يعتمد في استراتيجيّته العدوانيّة على عدّة أسس منها ما يلي:
1 – المباشرة بالتّصعيد من خلال إطلاق عمليّاتٍ عسكريّةٍ تستهدف الشّعب الفلسطيني ومقاومته
2 – إظهار العدوّ الاسرائيلي نفسه ضحيّة أمام العالم بينما هو القاتل والجاني ومحاولة العدوّ الايحاء إعلاميّاً بأنّ سبب الأزمات الاقتصادية والعقوبات والحصار هي بسبب وجود المقاومة وتمسكهم بها.
3 – تحقيق أهداف العدوان من اغتيال قادة مقاومين وتدمير مدن بأكملها وارتكاب المزيد من المجازر للضّغط على الفلسطينيين كي ينبذوا المقاومة كسيناريو موحدٍ في مواجهة دول محور المقاومة
4 – لجوء العدوّ إلى أطرافٍ عربيّةٍ كمصر (وإسلاميّة) كتركيا للتدخّل في الوصول إلى هدنةٍ ووقفٍ لإطلاق النار
تلك هي الاستراتيجيّة التي يتبعها العدوّ الاسرائيلي الذي باغت الفلسطينيين باغتيال أحد أكبر قادة حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس تيسير الجعبري مع 15 من رفاقه وفقاً لبيان جيش العدوّ الصهيوني ليضيف جريمة أخرى إلى سجلات الصّهيونيّة باغتيال القائد خالد منصور، اغتيال ردّت عليه سرايا القدس باستهداف أغلب المستوطنات في غلاف غزّة بعشرات الصّواريخ و في ظلّ تصاعد المواجهات أعلنت قيادة العدوّ العسكريّة أنّ العمليّة حقّقت هدفها ولا داعي لاستمرارها وأنّ كيان العدوّ يسعى لوقف إطلاق النّار، بمساعٍ مصريةٍ في حين وضع الكيان الصّهيوني المؤقت جملة أهداف ورسائل أراد إيصالها في ظلّ تفاقم النّزاع بين لبنان والكيان حول الحدود البحريّة والثّروات النفطيّة والغازيّة للبنان، الذي زاره الوسيط الأمريكي غير النّزيه عاموس هوكشتاين آمراً وليس مفاوضاً لينقلب المشهد بإعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بأنّ المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام سرقة ونهب الكيان الصّهيوني لثروات لبنان، تهديد تبعه رسائل ابلغ وأكثر رعباً أدّت إلى تراجع العدوّ نسبيّاً عن شروطه مقدّماً تنازلاتٍ لم تمنع المقاومة من التّحذير من بدء العدّ العكسي لنفاد الوقت الذي ليس لمصلحة العدوّ الذي تبلغ بمنع استخراج نفطه في حال منع لبنان من ذلك. رسائل المقاومة النّارية مع تنفيذها لطلعات الطّائرات المسيّرة فوق حقل كاريش فرضت على العدوّ تأجيل إنتاج الغاز والهروب إلى غزّة وشنّ عدوانه على حركة الجهاد وتصعيد العدوان باستهداف المستوطنين للمسجد الأقصى في مشهدٍ يؤشّر إلى وحدة العدوانيّة التي يمارسها العدوّ الاسرائيلي وحلفه السّعودي متبعاً نفس الاستراتيجيّة في فلسطين واليمن حيث ثمّة حقائق أثبتها الواقع تقول بأنّ ما عجز العدوان عن تحقيقه ميدانيّاً في السّاحتين اليمنيّة والفلسطينيّة يحاول تحقيقه من خلال الهدنة ووقف إطلاق النّار وسيفشل في ذلك وهذا الأمر فرض توحيد السّاحات في محور المقاومة وفرض معادلاتٍ تقول أنّه باستطاعة العدوّ أن يعلن الحرب لكنّه لا يملك قرار إيقافها وحسم نتائجها مهما طالت وما جهاد الفلسطينيين على مدى أكثر من سبعين عاماً إلّا شاهدٌ حيٌّ على ذلك يصادق عليه مقاومة اليمنيين للعدوان الكوني على مدى ثماني سنوات وخروجهم منتصرين. تلك هي المعادلات الإلهيّة التي ستنتصر وستهزم أمريكا وإسرائيل وتسقط آل سعود فكونوا على حذر من الحليم إذا غضب.
*كاتب واعلامي لبناني