أمانة المسؤولية
تأتي المسؤولية التي يتحملها اي انسان في اطار المهام الموكلة اليه كأمانة تحملها الإنسان التي رفضتها السماوات والأرض والجبال لمعرفتهن اولا بتبعات الإخلال بها
(واشفقن منها) والأمانة هي خاصة بالآخرين (ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى اهلها) والمسؤول انسان تحملها ليوصلها اليهم بكامل جوانبها دون ان يخل فيها ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) فالظلم والجهل هنا يترافقان مع صنف من المسؤولين وهم الذين يسارعون ويتسابقون للمناصب دون ان يدركوا تبعاتها ومسؤولياتها الا ما يجدونه من مكانة مجتمعية رفيعة ومنزلة لحصد الثروات الشخصية ومن هذا المنطلق يجب الا يسقط في اطار الابتعاد عن الحق فيكون منافقا لأنه أخل في مسؤوليته ( لِيُعَذِّبَ اللهُ الْـمُنَافِقِينَ وَالْـمُنَافِقَاتِ وَالْـمُشْرِكِينَ وَالْـمُشْرِكَاتِ) وهم الذين لا يقومون على شؤون الناس على اكمل وجه او يحرص على خدمتهم بكل جهده ووقته وهذا الصنف المجتهد والفاهم لحمل الامانة الثقيلة والذي يسعى دون قصور او تقصير قدر الاستطاعة فإن الله يعينه ويوفقه وحتى اذا حصلت هفوات وتقصير في مسؤوليته وأمانته فالجرم ذلك الكبير (حتى في حالة عدم التعمد) فالله يتوب عليه ويغفر له تقصيره كما وضحه الله بقوله في سياق الحديث عن الامانة بقوله ( وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ وَالْـمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ولم يقل الله هنا ويجازي او ينعم هؤلاء والتي تأتي عكس كلمة (ليعذب) التي سردها كعذاب لمن يخل بمسؤوليته لمعرفة الله صعوبة هذه الامانة التي وان حرص الانسان على القيام بها على اكمل وجه فإنه سيقصر لذا وجدنا نبي الله نوح عليه السلام كيف كان تحركه في مسؤوليته خلال ٩٥٠ سنة انه كان يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا وافرادا وجماعة خشية منه أن يكون مفرطا او متكاسلا(قال رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا) ومن هنا رأينا كيف أشفقت السماوات والأرض والجبال منها ، وهذا التشديد ليس تزهيدا للناس عن عدم القبول بالمسؤولية بل عليهم ان يهتموا بالقيام بها في خدمة الناس على أرقى مستوى وفقا لقدراته وامكانياته باذلا جهده ليكون مجاهدا في مكانه لخدمة الآخرين فكيف بأولئك الذين يفرطون ويهملون ويتكاسلون ويفسدون في مسؤولياتهم الذين يسقطون في خانة الخائنين لأماناتهم !!!