كتابات | آراء

قمم الهزائم وخيارات المقاومة

قمم الهزائم وخيارات المقاومة

 في الثّامن من فبراير 2005 عقدت قمّة شرم الشيخ بحضور الرّئيس المصريّ الأسبق حسني مبارك، ومحمود عباس رئيس السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة،

ورئيس وزراء كيان العدوّ الاسرائيليّ أرئيل شارون، والملك عبد الله الثّاني عاهل الأردن. وذلك بغرض العمل على إنهاء التّوتر القائم على مدى أربع سنوات المتمثّل بانتفاضة الأقصى التي اندلعت بعيد اغتيال ياسر عرفات بالسّم وبعد اندحار قطعان جيش الاحتلال الصّهيوني مهزوماً من جنوب لبنان بفضل ضربات المقاومة. لم يفت المجتمعون في القمّة أن يطرحوا الشّعارات الفضفاضة تحت عنوان دعم (مسيرة السّلام) الذي ينشدونه مسخّرين له كلّ قوى العالم وقدراته لخدمة الكيان المغتصب لأرض فلسطين ولوضع حدٍّ لتنامي قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين والقضاء على الانتفاضة في فلسطين والحدّ من تصاعد حركات المقاومة، لتترجم مقرّرات قمّة شرم الشّيخ كما يلي:
1 – اغتيال  رئيس الوزراء اللّبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 بقرارٍ سعوديٍّ اسرائيليٍّ وتوجيه أصابع الاتهام لسوريا أوّلاً ولحزب الله ثانياً بالاغتيال
2 – إنشاء محكمةٍ دوليّةٍ برئاسة ديتليف ميليس بإشرافٍ أمريكيٍّ وتوجيهٍ صهيونيٍّ لمحاكمة بعض قيادات المقاومة وإلصاق الاغتيال بهم.
3 – محاولة تأليب الشّارع اللّبناني على سوريا والمقاومة والعمل على إشعال الفتن الطّائفيّة والمذهبيّة
4 – شنّ عدوانٍ عسكريٍّ صهيونيٍّ على لبنان في 12 تموز 2006 والهدف القضاء على حزب الله والمقاومة في لبنان بتأييد ودعم من بعض الدّول الخليجيّة وبعض الجهات السّياسيّة اللّبنانيّة من مرتزقة السّعوديّة
5 – شنّ عدوانٍ عسكريٍّ بريٍّ وجويٍّ في 27 ديسمبر على قطاع غزّة استمرّ لمدّة شهرٍ للقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينيّة وفي مقدّمتهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
لم تحقّق المقرّرات الشّيطانيّة والإجراميّة للقمّة أهدافها بل على العكس تماماً فقد انعكست على مقرّريها والمخطّطين لها في دوائر البيت الأبيض ومراكز القرار في القيادتين السّياسيّة والعسكريّة للكيان الصّهيوني المؤقت وحلفائه وقطعت أيادي الفتنة التي أرادت أن تعبث بلبنان وشعبه بالرّغم من استمرار ما يسمّى بالمحكمة الدوليّة في القضية وتزويرها لمسار القضيّة ولتكلّل إيران وسوريا والمقاومة إنجازهم في تموز  بانتصارٍ ساحقٍ على العدوّ الصّهيوني انتصار ما لبث أن تعاظم بانتصار المقاومين في غزّة بعد شهرٍ من المواجهات مع العدوّ الذي عجز أن يطأ أرضها.
تراكم انتصارات وتعاظم قوّة المقاومة قابله هزائم متتاليّة للعدوّ الصّهيونيّ ومعسكر التّطبيع وصفقة القرن الذي أنتج ما يسمّى (بالرّبيع العربي) الذي كانت غايته الأولى إشغال دول الممانعة في الدّاخل وحرّف وجهتها عن فلسطين قضية الأمّة المقدّسة وتجريدها من عناصر قوّتها واستهداف قلعة المقاومة سوريا وحزب الله اللّذيْنِ حطّما حلم واشنطن وتل أبيب الإرهابي بدواعشه وقاعدته ونصرته لتخرج قوى الممانعة أصلب عوداً وأشدّ وقوداً من أيّة مرحلةٍ مضت وباعتراف الأمريكي والصّهيوني. اليوم يعود محور الشّرّ الأمريكيّ الصّهيونيّ السّعوديّ مجدّداً حاملاً مشروع شرم الشّيخ في العام 2005 بنسخته المتطوّرة وأدواته المتجدّدة والهدف واحد القضاء على محور المقاومة والتّسليم للكيان الصّهيوني من خلال التّطبيع بل الأسرلة وقد بدا ذلك جليّاً من خلال التّمهيد لقمّة الرّياض ومحاولة توحيد الصّفوف من خلال الزّيارات والجولات المكوكيّة التي قام بها القاتل محمد بن سلمان لتركيا لينال براءته من دم جمال خاشقجي على يد (أمير المؤمنين) والمطبّعين أردوغان ولتنسيق المواقف مع الأردن ومصر لكسر عزلته بإذنٍ أمريكيٍّ كلّ ذلك يؤشّر للتّحضير لقمّة الرّياض  وللمواجهة القادمة التي ستشتعل شرارتها من لبنان الذي سيشعل المنطقة في معركة استرداد الثّروة النّفطيّة التي ستشعل الأرض ليس تحت أقدام الصّهاينة وحسب بل تحت أقدام الأمريكيين وأي طرف يدعم عمليّة السّطو على النّفط فالعالم في حالة ترقّب لما ستؤول إليه الأمور بانتظار الرّدّ الأمريكي الذي لن يكون إلّا لصالح العدوّ الصّهيوني  الذي لن يكون بمقدوره خوض مواجهة حالياً بعد فشل مناوراته الأخيرة في اليونان رغم التّهديدات التي أطلقتها قياداتٌ صهيونيّةٌ وفي مقدّمتها وزير حرب كيان الاحتلال بني غانتس وقائد سلاح الجوّ الجديد تومار بار وغيره من القيادات السياسيّة والعسكريّة في محاولةٍ للضّغط على لبنان رسميّاً لتقديم المزيد من التّنازلات عن ثروته النّفطيّة، تهديدات قابلتها المقاومة بالمزيد من الجهوزيّة والتّأهّب بالتّزامن مع وصول سفينةٍ يونانيّةٍ ثانيةٍ متخصّصةٍ في التنقيب عن النّفط إلى حقل كاريش في إشارة إلى الإصرار الأمريكيّ الصّهيوني السّعودي على التّصعيد في لبنان داخليّاً وخارجيّاً من خلال عرقلة تشكيل حكومة الرّئيس المكلّف نجيب ميقاتي نتيجة التدخّل السّعودي السّافر من خلال سفيرها في بيروت وبالتّالي ضعضعة وإضعاف الموقف الرّسمي وفرض المزيد من العقوبات الأمريكيّة في ظلّ ارتفاع سعر الدولار وغلاء السّلع والمواد الغذائيّة الفاحش. في ظلّ تلك الضّغوط يدرك اللبنانيّون بكلّ مكوّناتهم حقيقةً ثابتةً تقول أنّ المقاومة لن تتهاون أو تفرّط بحقوق لبنان النّفطية كلام أكّده الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله في إطلالاته الأخيرة في العديد من المناسبات ممّا يؤشّر إلى ما يلي:
1 – إنّ تأهّب المقاومة وجهوزيتها مبني على إصرار لبنان وتمسّكه بثروته النّفطيّة وعلى قدرته باستعادتها بمقاومته وشعبه.
2 – عدم وقوف المقاومة موقف المتفرّج على العدوّ الصّهيوني وهو يسرق نفط لبنان.
3 – تحديد ساعة الصّفر للمعركة بمجرّد مباشرة العدو باستخراج النّفط قبل حلّ النّزاع
4 – لقاء رئيس حركة حماس والسّيد حسن نصر الله في بيروت وتوسّط حزب الله بين حماس وسوريا تحمل دلالاتٍ حول أهميّة المرحلة والمواجهة التي قد تكون محوريّةً أو تستدعي حرباً إقليميّةً
5 – إذا فرضت الحرب على لبنان فستكون حرباً شاملةً تلاقي الحرب الرّوسية في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكيّة وكسر شوكتها
 وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور تبقى يد المقاومين على الزّناد في وجه عدوّ لن يلغي الانتصار عليه في معركة لبنان النّفطيّة حقيقة ووجوب إزالته من الوجود.
* كاتب واعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا