تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (35)
في هذه الأثناء كان عبد العالم وهو في الأصل من عائلة حضرمية استقرت لفترة طويلة في اليمن السفلي وكان يقود كتيبه المظليين الشافعيين
وكان له صلات وثيقة مع الناصريين ولكن من المعارضين على تقسيم اليمن السفلى مثل اليمن العلوي لعدة سنوات وفي عام 1973 م كان قد أمر بإعدام عشرة ضباط شافعيين متعاطفين مع خط الحداثة الجديد في اليمن وقد تشكلت الجبهة الوطنية الديمقراطية NDF التي تبنت على نطاق واسع قضية المقاومين هناك وفي فبراير عام 1976بعد ثلاثة أشهر من مؤتمر خمر الثاني المختلف تمامًا عن المؤتمر الأول وكانت لا تثق بنفس القدر في الحكومة المركزية في صنعاء، كان ينتاب بعض اليمنيين الشماليين القلق بسبب عدم وجود إلا عدد قليل من الإدارات الحكومية خارج البلدات الرئيسية حتى محاولة الحمدي استغلال الجمعيات التعاونية كقاعدة سياسية باءت بالفشل، البعض استاء من فرض المشايخ على تنظيمات القرية والبعض الآخر وغالباً الشيوخ أنفسهم استاءوا من تأميم أملاكهم أو دمجهم في التعاونيات التابعة للحكومة المركزية، كانت هنالك وجهات نظر مختلفة على نطاق واسع تعرض موضوع التعاونيات فالأغلب يفضلون الحكم الذاتي على مشاركة الدولة في الحكم وفي الانتخابات التعاونية لعام 1975 أول انتخابات وطنية أجريت في الشمال أساء أنصار الحمدي استغلال الأموال العامة في هذه الانتخابات وفشلوا فشلاً ذريعاً في هذه الانتخابات.
التعاونيات كانت مهمة جدًا للحمدي لدرجة أن الحالة تستحق الوصف و كانت الحجرية أول موقع للجمعيات القروية في عام 1940 لكن في مايو1970كان شيوخ ووجهاء الشماطين والموسط والمقاطرة قد ردت على جواب الاستدعاء من قبل عبد الرحمن نعمان وكانت مساحة الحجرية 100000 كيلومتر مربع ويسكنها 300000، نسمة وتم الاتفاق معهم على ضريبة قدرها 5 بقشات ( 1/8 من الريال) لكل ريال يدفع للحكومة كزكاة وتم الاتصال بالمانحين الأجانب للحصول على المساعدة وكذلك الوزارات وقد تم بناء طرق ومدارس إضافة إلى مشروع مياه شرب، مواطنو الحجرية الذين يعيشون في التربة والناس الذين يذهبون إليها سواء أبناء الحجرية أو في أي مكان آخر هؤلاء الناس قبل مشروع المياه لم يكن يعرفوا قط مياه نظيفة وصحية الآن وبفضل جهود هذه الجمعية لديهم مياه نقية وصحية في منازلهم والمستفيدون ليسوا من الصين أو أمريكا أو إفريقيا أو الهند ، لكنهم أبناء اليمن الحبيب هكذا قال عبد الرحمن نعمان عُقد اجتماع عام كبير في مايو1973 من قبل أولئك الذين يقولون أن منطقة التربة فقط والمناطق التي حولها هي الوحيدة المستفيدة من أموال التعاونيات وأن المتنفذين في هذه المناطق استفادوا أكثر من الأموال الممنوحة لهذه الجمعيات من قبل المانحين وفي السنوات التالية طالب النشطاء الشباب بحسابات الدخل و مصاريف هذه الجمعيات لمعرفة حجم الفساد حيث زكاة الحجرية حسب اعتقادهم تصل إلى 2 مليون ريال في السنة ولا احد يعلم تماما أين يذهب هذا المال و هو غير واضح ويبدو أن بعضه يذهب لدعم شيوخًا آخرين ضد النعمان الذي تحول انتباهه حينها إلى صنعاء، سيطر الشيخ أحمد الكباب وعبده عطا على بعض الموارد المالية وفي المقابل لم يتم القيام بأي عمل جدير بالذكر باستثناء حفر بئر في قرية عطا ولكن تم جمع مبالغ من 3000 إلى 5000 ريال أعطيت لشيوخ محليين من أجل التنمية وقال البعض أن الكباب دفع هذه المبالغ لأصدقائه لأنه كان شيخهم وممثلهم في مجلس الشورى ووزير بالدولة.
كانت مثل هذه الافتراضات حول دور الشيوخ والدولة شائعة في ذلك الوقت ولكن قدم الخطاب الحكومي رؤية مختلفة كان إبراهيم الحمدي أول سياسي يمني يتقن فن السياسة بعد أن ترك بدلته العسكرية جانبا وارتدى الزي المدني بأكمام قصيرة تحدث بعبارات مقنعة عن التقدم والاستثمار ورحب بالمغتربين من القرن الأفريقي وكانت له مواقف من بعض القضايا الدولية مثل مسألة فيتنام كمثال وعرض مساعدة اليمن دوليا في الوساطة على سبيل المثال ، بين إثيوبيا وإريتريا وبذلك يقدم بلده على أنه بلد يجب أن يؤخذ على محمل الجد من الآن وصاعدا، أوفى بوعده بالإصلاح الإداري الشامل وسعى للتخفيف من الضيق العام ،ولكن من الناحية العملية لم يتغير شيء تقريبًا لكن الحمدي كان يحظى بشعبية كبيرة كان هناك أموال في جيوب الناس وكانت السنوات اللاحقة سنوات خير حيث هطلت الأمطار بغزارة وأحس المواطنين ببوادر انتعاش اقتصادي وجزء من رسالة الحمدي التي كان يعمل على انجازها هي وحدة اليمن.