حديث الإثنين: المراهنة على الخارج في إنهاء العدوان كارثة
في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مقال أكدنا وسنظل نكرر التأكيد ونستخدم نفس المصطلحات بأن إنهاء العدوان والانتصار عليه هي مهمة سيحققها على ارض الواقع رجال الرجال من أبناء الجيش واللجان الشعبية
وليس من خلال الهدن الكاذبة أو المفاوضات واللقاءات التي تتم هنا وهناك سواء كانت تحت إشراف الأمم المتحدة عبر مبعوثها الرابع الى اليمن ودخول المبعوث الأمريكي على الخط أو حتى أن تكون مباشرة مع تحالف العدوان لأنها تنتهي في محصلتها الى لا شيء، وهنا لابد لنا من العودة الى الماضي لنذكر بالاتفاقات التي كانت تتم تحت إشراف الخارج ولم تكن تترجم على أرض الواقع أو تحل مشكلة وإنما تزيد المشاكل تعقيداً.
لقد وقع الـيَـمَـنيون ممثّلين فيمن كانت تختارهم قياداتهم المتعاقبة اتفاقات كثيرة خلال العقود الماضية وتحديدا منذ قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م فِي كُلّ من الكويت فِي السودان وفي القاهرة وطرابلس الغرب بليبيا وبيروت وجدة والعاصمة الأردنية عمان والكويت وسويسرا والسويد وغيرها من العواصم الأُخْــــرَى عربية وأجنبية، ولكن ما الذي تنفذ منها على أرض الواقع حتى نستطيع القول إن نقل الحوار من اليمن إلَى الخارج سيأتي بنتائج مفيدة، بل إن أعظم اتفاق أجمعت عليه القوى السياسية اليمنية بمختلف توجهاتها الفكرية تمثل فِي وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها فِي عمان بالأردن برعاية عربية وتعهدات بالتنفيذ لم يمض عليها سوى ساعات حتى فوجئ الـيَـمَـنيون أن بعضَ الأطراف الرئيسية الموقعة على هذه الوثيقة قد غادرت عمان إلَى عواصم عربية قبل عودتها إلَى الـيَـمَـن لتتلقى منها التوجيهات لحبك المؤامرة على الوحدة الـيَـمَـنية وفي الطليعة الطرف المهم علي سالم البيض الذي ذهب من الأردن إلَى السعودية لتملي عليه أجندتها والتي انتهت به الى الخسران والخروج من أوسع أبواب التاريخ وهو الذي كان ينظر إليه بأنه محقق الوحدة الاندماجية وبطلها الحقيقي فأنقلب على نفسه ليخسر كل شيء وينتهي به المطاف ليعيش في أحضان الإماراتيين الذين احتلوا المحافظات الجنوبية وأصبحوا هم من يتحكم في مصير أبنائها .
ولذلك لم تكد تمضي فترة قصيرة بعد التوقيع حتى تفجرت الحرب بين الـيَـمَـنيين وحبر التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق لم يجف بعد، ومع كل ما حدث لم نعتبر وإنما نريد أن نكرر اليوم نفس التجربة ونفس السيناريو حينما طالبت بعض الأطراف بنقل الحوار إلَى الخارج تحت ذرائع وحجج واهية مع انها تعرف أنه سيتم إذكاء الخلافات بين الـيَـمَـنيين ثم يعودون إلَى الـيَـمَـن بعد التوقيع على أي اتفاق ليفجروا الخلافات بينهم من جديد كما حدث عام 1994م وإن كان الخارج هذه المرة هو من فجّر الحرب وشن عدوانه على اليمن نيابةً عمن أرادوا للحرب ان تندلع وجعل منهم حُجَّة لتدخله وعليه لا يجب أبداً أن نراهن على الخارج مهما افترضنا سلامة نية هذا الخارج فلا أحد يحب لنا الخير كما نحبه لأنفسنا وإن كُلّ طرف خارجي يريد تمرير مصالحه فِي الـيَـمَـن حتى لو أدَّى ذلك إلَى تطاحن الـيَـمَـنيين فيما بينهم بل وإلى تدمير وطنهم نهائياً.
لكن من يُقنع لنا تلك الأطراف التي لا تزال متمسكة بالخارج وتجعل منه كُلّ شيء وتعتقد أن الـيَـمَـنيين بدون هذا الخارج الذي نصب نفسه وصيا عليهم وكأنهم بعد لم يشبوا عن الطوق سيموتون من الجوع بدونه بل وينظرون إلَى أَبْنَاء الشعب الـيَـمَـني وكأنهم لم يبلغوا رشدهم بعدُ، ولم يصبحوا رجالاً يعتمدون على أنفسهم ليحلوا مشاكلهم داخل بلدهم بأنفسهم بعيداً عن وصايتهم مع ان أهل مكة أدرى بشعابها، والدليل ان التوقيع على المبادئ لما عرف باتفاقية مسقط التي تبنتها الإدارة الأمريكية قبل السابقة ممثلة في وزير خارجيتها آنذاك جون كيري لم يكد الإعلام يعلن عنها حتى تفجرت الحرب في مختلف الجبهات بوتيرة أشد وهذا كافي ليجعلنا أكثر حذرا من ذي قبل ومطبقين في نفس الوقت الحديث الشريف: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) وعليه كم نحن بحاجة للاستفادة القصوى من الدروس والعبر التي سبقت وما أكثرها لتجعلنا نتحمل مسؤوليتنا كاملة بأنفسنا ولا نراهن على أي طرف خارجي يأتي ليحل لنا مشاكلنا، كما إن المماطلة في تنفيذ بنود الهدنة القائمة والتي تم تجديدها لشهرين قادمين تنتهي في 2 أغسطس القادم يزيدنا يقينا بأن إنهاء العدوان ومرمغة أنوف العملاء والمرتزقة وأسيادهم الداعمين لهم على أيدي رجال الرجال في الجبهات وفيما وراء الحدود هو الطريق الصحيح الذي يجب أن نسلكه ونواصل السير فيه .