حرب اليمن وفرصة السلام.. صنعاء والرياض أمام خيارات صعبة!
تجري في مسقط محادثات بين السعودية وحكومة صنعاء، بحسب وكالة "رويتر"، لمناقشة إنهاء الحرب وتحقيق السلام،
وضمان أمن الحدود السعودية والعلاقات المستقبلية بين السعودية وصنعاء، ومواضيع أخرى تتعلق بالبنك المركزي ورواتب الموظفين وتوريد عائدات النفط والغاز من المناطق الجنوبية ومأرب إلى صنعاء.. كل تلك الترتيبات واللقاءات تجري بعيداً عن ما يسمى "مجلس الرئاسة"، الذي أعطوه برنامجاً ترفيهياً لزيارة بعض الدول حتى تنتهي المحادثات بين الطرفين الرئيسيين في هذه الحرب، السعودية وصنعاء.
مثل هذه المحادثات تبشر بالخير، وعلى النخب المثقفة تقع مسؤولية البحث عن الزوايا المضيئة في تاريخ العلاقات المتميزة بين السعودية اليمن وتجنب الهفوات التاريخية التي تسببت في بعض الخلافات، وتركت بعض الجراح مفتوحة في ذاكرة الأجيال، فهناك قوى أخرى لا تريد لليمن والسعودية أن تجتمعا لأنهما يمتلكان كل المقومات البشرية والمادية والتاريخية، ومخزون بشري يزيد عن 70 مليون إنساناً، ومن هذه المنطقة المهمة في التاريخ البشري يوجد أكبر منتج للنفط وهي السعودية وأكبر مخزون نفطي في العالم وهي اليمن.
الحقيقة: استمرار حرب اليمن قد أثر كثيراً على طبيعة الحياة، خاصةً بين الجارين السعودية واليمن، وكانت نتائج الحرب مؤلمة وقاسية، وتسببت في إحداث جراح عميقة في العلاقات الأخوية والقبلية والاجتماعية والتاريخية، والروابط الأسرية بين المجتمعين السعودي واليمني اللذين يجمعهما التاريخ الواحد، فمعظم الشعب السعودي، ومنطقة الخليج تعود أصولهم إلى اليمن، وحتى يعم الأمن والسلام وتستقر المنطقة، وتعود تلك العلاقات إلى وضعها الطبيعي، يجب وقف الحرب بكل أشكالها، وهذا هو الطريق السريع للخروج من براثن المخططات الأمريكية والغربية مهما كانت الأضرار والتبعات. ولا شك بأن مثل هذ القرار التاريخي سوف يُحدث زلزالاً كبيراً على مستوى العلاقات السعودية الأمريكية، ولكنه في المقابل سوف يكسر التعنت والتصلب والاستغلال الأمريكي الذي عانت منه السعودية لعقود من الزمن.
الرجوع عن القرارات الخاطئة في هذه الحرب ليس عيباً وإنما شجاعة ونضج سياسي متقدم، ورؤية استراتيجية متطورة هدفها تحقيق الرخاء والتقدم، والأمن والسلام للشعب السعودي، صاحب الحق في التمتع بثروات وطنه، بعيداً عن استغلال أمريكا والغرب. الوضع العالمي اليوم تغير كثيراً وهذا هو الوقت المناسب لتقول السعودية كلمتها وتُسمع الشرق والغرب بأنها دولة ذات ثقل كبير على مستوى العالم، وباب التحالفات أمامها مفتوحاً.
الخلاصة: أفضل قرار تقوم به السعودية مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن هو إعلان وقف الحرب على اليمن وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار وفتح المطارات والمنافذ والموانئ والالتزام بالتعويضات وإعادة الإعمار ودعم الاقتصاد اليمني وفتح صفحة جديدة مع اليمن يسودها التعاون والمصالح المشتركة، وترك اليمنيين يحددون الشكل القادم لدولتهم بعيداً عن الهيمنة والتسلط.
اليمن الكبير ليس من السهل ابتلاعه وتهميشه حركة التاريخ تتغير واليمن هي الدولة الأولى المحركة لتاريخ البشرية، والسعودية لديها مشاريع اقتصادية عملاقة نجاحها مرهون بوقف حرب اليمن واستقرار المنطقة.