رؤية نحو إصلاح التعليم..!!
بادئ ذي بدء علينا أن ندرك أن الثالوث المحوري للعملية التعليمية لم ولن يكتمل مساره إلا بالمحاور الرئيسية الآتية: المعلم المتميز المنهج الحديث، الطالب المتفوق..
هذا الثالوث المتناسق المتداخل إذا انفرط أحد عقديه اختلت العملية التعليمية برمتها.. وجاءت مخرجاتها هزيلةً وهشةً.. وهذا يتوقف على مدى جدية القائمين على شؤون التعليم والسياسة التعليمية ومنظومة رؤاها الفلسفية.. لذا لابد من إجراء عملية مسح كامل وشامل لاحتياجات ومتطلبات المدارس والجامعات بكافة مستوياتها وعلى ضوء ذلك يتم فرز نتائج المسح وتوصياته وتقدم الرؤى والحلول لمعالجة أي قصور أو سلبيات أياً كان نوعها.
فتطوير التعليم وتحديث مناهجه ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى ميزانية ضخمة وإمكانات كبيرة وكفاءات قادرة على العطاء والإبداع..
ولن يتم ذلك إلا بتكاتف كل الجهود الرسمية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المختلفة.
لذا فالاهتمام بالمعلم إعداداً جيداً من كافة النواحي، وهذه مسئوولية كليات التربية بالجامعات الحكومية والأهلية ومعاهد المعلمين والمعلمات.. فالارتقاء بالمعلم علمياً ومهنياً وتربوياً هو المطلوب إذا أردنا مخرجات تعليمية متميزة ومبدعة تساير وتواكب روح العصر الحديث ومتطلبات السوق المحلي والإقليمي والدولي..
فأزمة التعليم في الوطن العربي تظل قائمة طالما هناك فجوات وشروخ في العملية التعليمية بسبب الروتين الإداري الممل الذي أرهق وعطل مخرجات التعليم المتميز.
المؤسف مازالت مناهجنا تسير على نمط المناهج التقليدية المقتبسة من مناهج عربية وهذا ما أدى إلى إخراج مخرجات هزيلة وغير فاعلة..
فلابد أن تكون مناهجنا مواكبة لطبيعة البيئة والثقافة الجغرافية والتاريخية والموروث الحضاري والتركيب النثروبولوجي والفوتوغرافي..
هناك تحديات تواجه سير العملية التعليمية، وتكمن في الرؤى المتباينة للنخب المثقفة ذات الانتماءات الأيدلوجية والفكرية والمذهبية التي تحاول جرف العملية التعليمية لمصالحها الآنية والماورائية..
لذا لابد من ربط مخرجات التعليم بالخطط التنموية والاقتصادية دون ذلك نظل كالرحى تدور دون طحين..
فالأهداف المستقبلية تبدأ دائما بالسؤال المطروح أي فرد وأي مجتمع نريد..؟!!
وأي رؤية فلسفية تعليمية نريد لبناء دولة مدنية حديثة قائمة على العدل والمساواة وكفالة الحريات.. ينبغي ربط ما يتعلمه الدارسون في المدارس والكليات والجامعات باحتياجات ومتطلبات السوق والخطة التنموية الشاملة للبلاد، وليس مخرجات تعليمية غير مواكبة ومطلوبة.
لذا لابد من إصلاح وتحديث مناهجنا ومنظومة التعليم وعلى رأسها معاهد المعلمين وكليات التربية بالجامعات الحكومية والأهلية وإدخال وسائل وأدوات وأجهزة حديثة لمواكبة روح العصر الحديث، دون ذلك يظل التعليم محلك سر.. فكلنا ندرك أن أزمة التعليم في الوطن العربي تكمن في الروتين الممل في طرائق التدريس ومناهجه غير المواكبة لروح العصر الحديث.. إضافةً الى ضعف وهشاشة إعداد المعلمين والمعلمات فتأتي المخرجات التعليمية هزيلة وغير مواكب ة لمتطلبات السوق.. هناك مؤشرات خطيرة على صعيد التعليم زيادة أو تراجع في نسبة الأمية فأنصاف المتعلمين هي المشكلة القائمة الآن وتعاني منها كثير من الدول العربية ولعدم وجود إحصاء دقيق أو قياس حقيقي يواكبه غياب التغيير النوعي في التعليم ومخرجاته..
علينا ان ندرك أن محاولات الإصلاح لابد أن تساهم بها المدارس والجامعات والكوادر التربوية على كافة مستوياتها حتى الآباء والطلاب طالما العملية مشتركة ومتبادلة بين كافة الأطراف.. فالمسئوولية جماعية وتكاملية.
صفوة القول:
إن بذور التغير والإصلاح في النظام التعليمي تنطلق من ا لمدرسة وتحديداً من القاعدة.. فالمعلم هو المسؤول عن تشخيص المشاكل والقضايا التي تعترضه أثناء مهنته وكيفية وضع الحلول المناسبة لها.. فنوعية التعليم تتوقف على مهارات وقدرات وإبداع المعلم كمؤشرات يمكن لها أن تحدد لنا نتائج ومخرجات تعليمية فاعلة ومؤثرة في التنمية الإنسانية والاجتماعية.
وهذا لم ولن يتم إلا بربط علاقة وثيقة وثقافة مبنية على الشفافية المطلقة بين المدرسة والبيت ومجالس الآباء..
ومن القضايا التي مازالت عالقةً قضية النهوض والرقي باللغة العربية.. الشيء المؤسف حقاً أن معظم خريجي الجامعات من الكليات الأخرى لا يجيدون اللغة العربية لا نحواً ولا صرفاً ولا إملاءً، وهذه من أهم القضايا التي تؤثر في مخرجات التعليم إذا كان المعلم لم يتقن اللغة العربية ويكتب على السبورة أمام طلابه وتلاميذه ملخصاً مليئاً بالأخطاء الإملائية ناهيك عن النحوية والصرفية.. لذا لابد أن تكون اللغة العربية هي المادة الرئيسية والأساسية في محور العملية التعليمية حتى نرتقي بالتعليم نصاً وروحاً لأنها هي اللغة الأم, لغة التدريس والمراسلات الرسمية ولغة التخاطب ناهيك أنها لغة القرآن.. وفاقد الشيء لا يعطيه..!