كلك نظر:منعطفات وأحداث الثورة والدولة في جنوب اليمن 1967م-1990م وأسرار تنشر لأول مرة (113)
النقطة الأولى من موضوع لقاء العليين في تعز أواخر عام 1980م والمذكورة في العدد الماضي لم يقبلها الرئيس على ناصر كونها وصفت قيادات الجبهة الوطنية بإزرداء مفردات اللغة مثل:
المطلوبين أمنيا, المخربين قطاع الطرق, بينما هم عناصر معارضة سياسية أما النقطة الثانية المتعلقة بالحوار المباشر بين السلطة في صنعاء والجبهة الوطنية المعارضة لها ومعظمها متواجد في المناطق الوسطى فقد تم التوافق عليها بعد أن حسن علي ناصر أسلوب صياغتها وضوابط تقديمها منطلقاً من خبرته الدبلوماسية والسياسية أما علي عبدالله صالح فقد كان حينذاك قليل الخبرة وبعض عباراته فظة.
ملاحظة: قال أحد مشايخ خولان بعد اجتماع الجلسة الأولى" كلام على ناصر كان باهر" بأسلوبه وكلامه – باهر يقصد جيد- اما علي عبدالله بعض كلامه "شوم" يقصد غير جيد – ويقال والله اعلم ان مصيره "وجبة مزرنخه" حتى أن المقدم عبدالعزيز البرطي رئيس الاركان شخصياً قال لمجموعة من التقاة من أصحابه بصراحة في الجلسة الأولى التي حضرناها في تعز من لقاء الرئيسان كان كل كلام على ناصر "حالي" يقصد جيد أما كلام "صاحبنا" يقصد الرئيس علي صالح فبصراحة بعضه "مشوعيس" وما هي إلا ستة أيام حتى وصلت عبارات البرطي إلى علي صالح ويقال والله أعلم أن علي صالح برط المنصب من البرطي وعين بديلاً عنه المقدم عبدالله حسين البشيري.
ملاحظة: إذا كان الثقاة ينقلوا كلام اصحابهم فكيف الحال بالنسبة للعامة" "لهفي عليهم لهفتان" حسب تعبير أصحابنا في المناطق الوسطى..
عودة إلى الموضوع: النصف الأخير من الجلسة الأخيرة من اللقاء الثنائي بين العليين الذي عقد في تعز اواخر عام 1980م كان النقاش موضوعي اتسم بالهدوء والود عكس الجلستين السابقتين.
وقد أثمر عن نتائج إيجابية عبر الرئيس علي عبدالله صالح عن سعادته لتحقيقها.. ثم ودع صاحبه علي ناصر إلى مطار تعز وقبل التوديع قال: ثقتي فيك كبيرة بعمل ما تستطيع لتنفيذ ما اتفقنا عليه.. رد عليه حاضر ولا يهمك اوعدك انني سأتصل بك خلال مدة اقصاها اسبوع واحد.
وبالفعل الرئيس علي ناصر طرح موضوع الحوار المباشر بين سلطة شمال الوطن والجبهة الوطنية الديمقراطية في اجتماعات المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب وقيادات وقواعد "حوشي". وقواعد وقيادات الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى وقد وافق على ذلك الأغلبية.. وبعد ستة أيام فقط اتصل علي ناصر بنظيره قائلاً له: إطمئن يا علي حسب وعدي اقنعت الجبهة الوطنية ووافقوا بالاغلبية على بدء الحوار المباشر معكم ، شكر علي صالح نظيره على ناصر على جهوده ثم طرح عدة تساؤلات مثل : والغير موافقين كيف عيقع بهم رد عليه ناصر عندنا نظام ديمقراطي الأقلية تخضع للأغلبية.. ثم سأل عن مطالب الجبهة رد عليه: هي مطالب مشروعة بعضها طرحها الحدي عام 1978م وبعضها طرحها الحصيني العام الماضي 1979م وهي مطالب مشروعة بينها إطلاق المعتقلين السياسيين وعودة أعضاء الجبهة إلى مناطقهم دون مضايقة.. تفاصيل ذلك سيصلكم غداً الاخ وزير الدفاع ويسلم لكم ملف بالتفاصيل وصور من المحاضر السابقة بين الجبهة وأصحابكم..
وفي اليوم الثاني وصل علي عنتر إلى صنعاء وسلم الرئيس صالح ملف متكامل يتضمن صور من المحاضر السابقة بين الجبهة وسلطة صنعاء وكذلك نفس مطالب الجبهة الوطنية المطروحة من سابق وتتضمن ثلاثة بنود وهي كالتالي:
الافراج عن المعتقلين السياسيين بعضهم ثم اعتقاله اواخر الستينات وبعضهم خلال السبعينات بموجب المحضر السابق أو محاكمتهم علنياً أمام محكمة عادلة.
اعادة الموظفين عسكريين ومدنيين إلى أعمالهم.
عودة أعضاء الجبهة الوطنية إلى مناطقهم دون مضايقة ثم تلتزم الجبهة الوطنية بالانسحاب من كل المواقع العسكرية وتسلمها للسلطة.
الهوامش:
وجبة مزرنخة: وتعني وجبة مسمومة والزرنيخ هواسم القاطع.
مشوعيس بلهجة م/صنعاء غير جيد.
"لهفي عليهم لهفتاه" بلهجة المناطق الوسطى تعني: يا حسرتاه عليهم.
"حوشي" هو الإسم المختصر لحزب الوحدة الشعبية اليمني الذي كان يمارس نشاطه في شمال الوطن من السبعينات إلى مايو 1990م وهو حزب معارض لسلطة الشطر الشمالي من الوطن.