اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. (125)
في الوقت الذي تكثر فيه الأحاديث والتصريحات المطاطية الصادرة من هُنا وهناك عن الشروع في ضرورة فرض تسوية سلمية شاملة تُنهي الحرب الدامية والصراع الطويل في اليمن..
تُؤكد الدول الضالعة والمُشتركة في العدوان على هذا البلد العربي المُضطرب مُضيها قُدماً في استمرار ذلك العدوان الذي دخل عامه الثامن وتأجيج الأوضاع والصراع في اليمن بما يخدم مصالحها ويتماشى معها.. وهذا ما تُؤكده التحركات الأمريكية الأخيرة في البحر الأحمر وتواجد واشنطن العسكري القوي في هذه المنطقة بأساطيلها وسفنها بتمويل ومُباركة سعودية.
قبل أيام نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريراً جديداً تطرقت فيه لتفاصيل جديدة تتعلق بالانتشار الأمريكي البحري الواسع في مياه البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب قبالة اليمن.
وأكدت المجلة في تقريرها أن السعودية هي من تمول هذا الانتشار بواقع أكثر من ربع مليار دولار وهو الانتشار الذي يأتي في ظل تحذيرات صنعاء من هذا التواجد العسكري الأجنبي على الساحل اليمني ومآلاته ونتائجه الخطيرة..وقالت مجلة “بولسي” في تقريرها “إن السعودية دفعت 300 مليون دولار لقاء تسيير الدوريات الأمريكية التي تقودهما بارجتين تزامنا مع إعلان البحرية الأمريكية بدء تسير دوريات أمنية في المياه الإقليمية اليمنية، ابتداء من البحر الأحمر وصـولاً إلى بحر العرب، ومروراً بخليج عدن وباب المندب”.
وعن هدف هذا الانتشار العسكري في المياه الإقليمية اليمنية، وفي هذا التوقيت بالذات أوضحت المجلة الأمريكية قائلة: "إن هذا الانتشار العسكري الأمريكي يأتي بقصد استفزاز روسيا بدفع الأمريكيين لتأمين مرور ناقلاتها للنفط عبر باب المندب وخليج عدن وهو ما قد يدفع الروس الذين يشكون في دور مزدوج للسعودية في الحرب مع الغرب للقطيعة، وهو ما سيؤثر على العلاقات بين أكبر مصدري الطاقة للعالم، وقد يدفع نحو تغيرات عسكرية في المنطقة”.
وكانت صنعاء قد علّقت على هذا الانتشار العسكري الأمريكي مؤكدةً أنه يأتي في سياق تواصل “العدوان” على اليمن.. وقال محمد عبد السلام رئيس الوفد الوطني المفاوض وناطق أنصار الله: “إن هذا التحرك الأمريكي يهدف لتكريس حالة العدوان والحصار على اليمن ويناقض المزاعم الأمريكية عن دعم الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة".
من جهته أكد السياسي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله في تصريح مماثل: "إننا نرقب عن كثب التحركات العسكرية الأمريكية المعادية في البحر الأحمر قبالة السواحل اليمنية والتي تؤكـد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك نوايا عدوانية مبيتة يحضر لها الأمريكان وإن هذه التحركات تنفي مزاعم أمريكا تجاه السلام في اليمن وأنها مستمرة في عدوانها وحصارها على الشعب اليمني”.
وأضاف القحوم: "هناك ترتيبات وتحركات من قبل السعودية والأمارات، وكذلك من قبل الأمريكيين في البحر الأحمر بشكل واضح ومُعلن، وهذه التحركات نحن نرصدها ونتابعها ونفهم منها أن لديهم نوايا مُبيتة للتصعيد".
يأتي ذلك في حين تواصل دول تحالف العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها السعودية الحديث المُفتقد لأي مصداقية عن ضرورة تقيد أطراف الصراع في اليمن بالهدنة التي تم التوصل إليها قبل شهر رمضان المنصرم، والتحضير والترتيب لتسوية سلمية شاملة تنهي الصراع، بيد أن ما يجري على أرض الواقع، وما تشهده ساحة الصراع المفتوحة هنا ينافي حقيقة وصدق تلك التصريحات والأحاديث المبشرة بالسلام وعودة الأمن والاستقرار لليمن، في ظل مواصلة دول تحالف العدوان التصعيد وتفجير الأوضاع والإصرار على مواصلة قتل هذا الشعب وإطالة أمد حصاره، واستقدام الأساطيل والسفن الحربية الأمريكية والغربية إلى المياه الإقليمية اليمنية، مما يعني التحضير لعدوان جديد على اليمن أو الاستمرار في عدوان الثمان السنوات على هذا البلد ومده بمزيد من الدعم والإسناد، لتتبخر بذلك كل الأحلام المنسوجة والتصريحات المُطلقة عن السلام والتوجه لإنهاء الحرب، وهو ما يستدعي من اليمنيين الصامدين الواقفين في وجه العدوان إلى مزيد من اليقظة والحذر وعدم التغافل عن ما يُحاك لليمن واليمنيين من دسائس ومؤامرات وتوحيد الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان، وهذا هو التحدي الحقيقي الذي لا مناص من القبول به وعدم الهروب منه كمُعطى من مُعطيات الواقع المعاش وحقائقه الجلية الواضحة التي لا مراء فيها ولا خلاف ولا جدل بشأنها بأي حال من الأحوال.
وعلينا أن نثبت دائماً وأبدا أننا أهلاً للمسؤولية لما ينبغي أن نقوم به في الدفاع عن كرامة واستقلال وسيادة وطننا الغالي، وأننا أيضاً أهلاً لذلك التحدي، وإما أن نكون أو لا نكون والخيار لنا!.
...... يتبع.......