وهم النّاكثونَ بالعهود
كما في الميدان والسّياسة كذلك في صفقات تبادل الأسرى فشلٌ تلو فشل وتراكم هزائمَ لدول العدوان وفي مقدّمتها نظام آل سلمان فبالرغم ممّا نصّت اتفاقية جنيف حول أسرى الحرب
في حال قيام نزاعٍ مسلّحٍ بين طرفين سواء كانوا دولاً وجيوشاً تشمل أفراد القوّات المسلّحة النّظاميّة وأفراد الطّواقم الملاحيّة، بمن فيهم القادة والملّاحون ومساعدوهم في السّفن التّجاريّة وأطقم الطّائرات المدنيّة والعسكريّة التّابعة لأطراف النّزاع والأشخاص الذين يرافقون القوّات المسلّحة دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منها، كالأشخاص المدنيّين الذين يعملون ضمن أطقم الطّائرات الحربيّة، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمّال أو الخدمات المختصّة بالترفيه عن العسكريّين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوّات المسلّحة التي يرافقونها. أو منظّمات مسلحة أو حركات مقاومة أو أيّة جهةٍ تحمل السّلاح جهراً للقتال ومنها أيضاً الوحدات المتطوّعة التي تشكّل جزءاً من هذه القوّات المسلّحة. وكلّ من شارك في عمليّات القتال ووقع في قبضة العدوّ وتمّ أسره في أرض المعركة سواء كانت أرضاً محتلّةً أو خارج الأراضي المحتلّة أو داخل أراضي أحد أطراف النّزاع يقعون في قبضة العدوّ وبالتالي فإنّ كلّ من تنطبق عليه تلك المواصفات التي حدّدتها الاتفاقيّة يعتبر أسير حرب بموافقة وتوقيع كلّ أطراف النّزاع على الاتفاقيّة التي يلتزم بها جميعهم.
وعلى مدى التّاريخ في عمليّات تبادل الأسرى يلحظ عدم التزام الكيانين الصّهيوني والسّعودي باتفاقيّة جنيف رغم توقيعهم عليها سواء فيما يتعلّق بمعاملة أسرى الحرب أو اعتبار قضيّتهم قضيّةً إنسانيّةً وإعطائها أولويّةً في الحلّ بالرّغم من التزام القوّات المسلّحة اليمنيّة واللّجان الشّعبيّة وفصائل المقاومة في فلسطين ولبنان بمعاملة أسرى الحرب الصّهاينة والسّعوديين معاملةً إنسانيّةً نابعةً من تعاليم الدّين الإسلاميّ الحنيف الذي نصّ على حقوق الأسرى ومعاملتهم قبل اتفاقيّة جنيف وغيرها بآلاف السّنوات، وما يؤكّد مصداقية صنعاء في التّعاطي الإنسانيّ مع قضية الأسرى هو مجموع المبادرات التي أطلقها قائد الثّورة السّيد عبد الملك الحوثي من جانبٍ واحدٍ والتزم بتنفيذها خلال فتراتٍ تاريخيّةٍ متفاوتةٍ كما يلي:
1 - مبادرة تمّ فيها إطلاق 350 أسيراً من السّعوديين والمرتزقة المتعددي الجنسيّات بتاريخ 2019/9
2 - مبادرة إطلاق صغار السّن وشملت 68 أسيراً بتاريخ في تموز 2020
3 - مبادرة تمّ فيها إطلاق 72 أسيراً من المرضى وكبار السّن بتاريخ 2020/10
4 - مبادرة تمّ فيها إطلاق 52 أسيراً من أسرى العبديّة في الخامس من تشرين الثاني 2021
5 - مبادرة تمّ فيها إطلاق 38 أسيراً من أسرى مديريّات مأرب وشبوة في شباط 2022
6 – مبادرة في شهر رمضان المبارك تمّ فيها إطلاق 42 أسيراً بتاريخ الرّابع من نيسان 2022
إضافةً إلى عدّة مبادرات تمّ فيها إطلاق العشرات من المرضى والحالات الإنسانيّة ودون أن ننسى مبادرة السّيد عبد الملك الحوثي التي أعلن فيها استعداده لعمليّة تبادلٍ مع السّعودية للإفراج عن معتقلي حماس لدى النّظام السّعودي والتي لم تلقَ أي تجاوبٍ من الرّياض.
أمّا الطّرف الآخر الذي لم يبدِ أيّ تعاونٍ جديٍّ في كلّ صفقات التّبادل فقد كان يسعى من خلال العمليّة الأخيرة لتسجيل مواقفَ سياسيّةٍ عديدةٍ منها:
1 – تلميع صورة النّظام السّعودي الإجرامي أمام العالم بأنّه يبادر لحلّ قضية الأسرى
2 – وفقاً لرئيس لجنة شؤون الأسرى عبد القادر المرتضى: أبلغنا اللّجنة الدّولية للصّليب الأحمر أنّ كشف أسماء المحتجزين الذي أصدرته السّعودية فيه 9 فقط معروفة لدينا من بين القائمة التي أعلنها النّظام السّعودي والتي تتضمّن اسماء 163 أسيراً.
3 - الصّليب الأحمر أوضح أنّ من الأسماء التي زارها في السّعودية 9 أشخاص من جنسيّاتٍ أفريقيّةٍ وهي أثيوبيّة وصوماليّة ومن جيبوتي
4 – أغلب أسماء القائمة غير معروفة لدى هيئة الأسرى ولم تتضمّن الكشوفات أسرى الجبهات أو المعتقلين من أبناء الجيش واللّجان وقبائل اليمن المسجّلة والمبلّغ عنها رسميّاً في صنعاء.
يظهر من خلال تلك المعطيات أنّ من بين 163 اعتبرتهم السّعودية أسرى حرب هم بأغلبهم من الذين اعتقلوا على الأراضي السّعودية من المغتربين اليمنيين والعمّال الأجانب الذين ليس لهم أيّة صلةٍ بالعمل العسكريّ ولا بالمواجهة ورغم ذلك لم يلتزم النّظام السّعودي بالإفراج عن العدد المعلن بل أفرج عن 126 شخصاً بينهم خمسة أسرى فقط وأربعة صيّادين يمنيين وتسعة من جنسيّاتٍ أفريقيّةٍ مختلفةٍ لإظهار أنّ صنعاء تستعين بمرتزقةٍ من أفريقيا وهو غير صحيح بل يندرج في إطار التّغطية على عدم التزام الرّياض بأيّة اتفاقيّاتٍ سواء على مستوى الهدنة والمفاوضات أو إطلاق الأسرى في عمليّةٍ تكشف عن مدى تطبيق سياسات الكيان الصّهيوني في التّعاطي مع الأسرى وعرقلة أيّة صفقةٍ بالتّنسيق الكلي بين ما يسمّى (بالمجلس الرّئاسي) المرتزق الذي أعلن عنه في الرّياض في وقتٍ سابقٍ في عمليّة استنساخٍ للتّنسيق بين السّلطة الفلسطينيّة والكيان الصّهيوني الذي لعب دوراً رئيسيّاً في اعتقال العديد من المقاومين بالتّنسيق مع أجهزة المخابرات والأمن الاسرائيليّة الشاباك والشين بيت كذلك الأمر بالنّسبة إلى التّنسيق بين مجلس مرتزقة الرّياض وأبو ظبي وأسيادهم على كافّة المستويات الأمنيّة والاستخباراتيّة والعسكريّة وبالرّغم من كلّ ذلك لم يحصدوا من ميادين عارهم إلّا الهزيمة والفشل...
*كاتب واعلامي لبناني