صنعاء: نورُ السّلمِ ونارُ الحربِ
منذ أن أسقطت الرّياض شرعيّتها عن الرّئيس غير الشّرعي عبد ربه منصور هادي في السّابع من أبريل نيسان وتسليمها زمام الأمور إلى ما يسمّى (المجلس الرّئاسي)
برعاية مجلس التّعاون الخليجي والوقائع تظهر عدم جديّة مجلس الرّياض الجديد في العمل على وقف العدوان من خلال تبنيه لسياسات الرّياض وأبو ظبي والتزامه بتنفيذ أجنداتها وتحقيق ما عجز عن تحقيقه منصور هادي الذي تحوّل إلى شمّاعةٍ علقت عليه دول العدوان وفي مقدّمتها الرّياض أسباب فشلها في اليمن على مدى سنوات العدوان السّبع. مؤشّراتٌ ووقائعُ كثيرةٌ تظهر عدم جديّة مجلس الرياض الرئاسي وعدم أهليّته لوقف العدوان ومنها ما يلي:
1 – تعيين (المجلس الرّئاسي) من قبل الرّياض وأبو ظبي وعدم اكتسابه الشّرعيّة من الشّعب اليمني بكافة مكوّناته.
2 – تبني ( المجلس الرّئاسي) بالمطلق للسّياسات السّعوديّة والإماراتيّة والتزامه بها ومحاولته فرض شروطها.
3 – عدم إدانة (المجلس الرّئاسي) منع وصول الطّائرات إلى مطار صنعاء وعرقلة وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة والسّكوت أمام الخروقات اليوميّة في الجبهات والتّحشيدات الأمريكيّة في البحر الأحمر.
في النّقطة الأولى يدرك الجميع أنّ أيّة عمليّةٍ سياسيّةٍ أو حوار في اليمن لا بدّ وأن تشمل جميع المكوّنات السّياسيّة كمدخلٍ للحلّ وعلى رأس تلك القوى حركة أنصار الله التي لا زالت دول العدوان تعمل على استبعادها من أيّة عمليّةٍ سياسيّةٍ. وبالرّغم من موافقة صنعاء على الهدنة إلّا أنّ موافقتها لا تعني القبول بمجلس الرّياض أو منحه الثّقة بل إنّ موافقتها نابعةٌ من موقفها الوطنيّ الحريص على اليمن وشعبه، وهي عكس منطلقات من عيّنهم محمد بن سلمان وبن زايد ولاة وحكاماً بفرمانٍ ملكيٍّ ممهورٍ بدماء اليمنيين الأحرار الذين يرفضون ذلك المجلس الذي لا يمثّلهم ولا يعبّر عن تطلعاتهم ولا يحمل آمالهم وأحلامهم، ولم يكتسب شرعيّته منهم، ولا من بعض نوّابه الذين أدّى اليمين أمامهم في عدن في أولى جلساته وكونهم قلّة ذات لونٍ واحدٍ لا يمثّلون كافّة القوى السّياسية اليمنيّة بل اقتصرت عمليّة التّشاور في عدن مع طرفين فقط وهما السّلفيون والمجلس الانتقالي، في حين تمّ إقصاء معظم المكوّنات الجنوبيّة، وبالتّالي فإنّ عمليّة التّصويت غير دستوريّة وغير قانونيّةٍ، وبغض النّظر عن ذلك رغم ترحيب أعضاء مجلس الأمن الدّولي الأسبوع الماضي، بالدّعوة التي أطلقها غروندبرغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، في الأول من أبريل/ نيسان الجاري معلناً هدنةً لمدة شهرين داعياً كافّة الأطراف للتّجاوب معها باشر (المجلس الرّئاسي) في أولى جلساته في عدن دون إعلانه عن برنامجه في إطار تعزيز الهدنة ووقف إطلاق النّار لأنّه في الأساس لا يمتلك أي برنامجٍ لذلك إنّما يمتلك توجيهاتٍ وأمر عمليّات من الرّياض وأبو ظبي ومهمته تنحصر بذلك فقط وما صمته عن خروقات العدوان إلّا دليلٌ على التزامه بأجندة العدوان وتفعيلها وتطويرها وما يؤكّد ذلك أولى تصاريح ما يسمّى بنائب رئيس (مجلس القيادة الرئاسي) عبدالله العليمي لفرانس برس أنّ قادة اليمن الجدد "مستعدّون للحرب" إذا فشلت جهود السّلام مع المتمرّدين، مشدداً على أنّ الأولويّة تبقى إنهاء النّزاع، موقف لا ينبئ سوى بسيناريوهاتٍ تصعيديّةٍ بالتّزامن مع تكثيف وتنشيط حركة المجموعات الإرهابيّة لداعش والقاعدة في المحافظات الشّرقيّة والجنوبيّة في اليمن لا سيّما في مديريّات حضرموت وأبين وشبوة ومنطقة الرويك شمالي محافظة مأربا إضافةً إلى تعزيز الوجود الأمريكيّ من خلال إنشاء قاعدةٍ عسكريّةٍ في حضرموت بحجّة محاربة الإرهاب في ظلّ تلك المؤشّرات والوقائع يبقى التّرقب سيّد الموقف بانتظار ما سينجلي بوضوح أكبر في الأسابيع القادمة. ومهما تكن النتائج تبقَ الثّوابت اليمنيّة التي أعلنتها صنعاء هي المدخل للحلّ الجديّ والجذريّ للعدوان ولن يغيّر من تلك الثّوابت أيّ سيناريو عدوانيّ جديد مهما بلغت قوّته وقدرته ومهما تعدّدت أقطابه ومهما تبدّلت وجوهه فصنعاء التي أذلّت على أعتابها طغاة الأرض وجبابرته قالت كلمتها في السّلم وأسرجت خيلها لصدّ العدوان.
*كاتب وإعلامي لبناني