حديث الإثنين: موقع اليمن الفريد يُغري القوى الطامعة
ليس من باب الصدفة ولا مما يدخل في قائمة الظواهر الغريبة أن يتعرض اليمن بعد اندلاع ثورته الوطنية الشعبية عام 2014 م لكل هذا الحشد الرجعي الاستعماري
الذي يحيط به للعام الثامن على التوالي وأن يخوض الشعب اليمني ممثلا في جيشه ولجانه الشعبية المكونة من الشباب الصاعد غمار معركة وطنية لاهبة ضد تحالف العدوان عليه استثارت وما تزال تستثير اهتمام العالم كله ، فموقع اليمن الإستراتيجي والجغرافي الفريد وخصوبة أرضه وطبيعتها ومركزه الحضاري الذي تبوأه بين حضارات العالم القديم كان من العوامل الرئيسية التي أغرت القوى الطامعة فيه وحركت وما تزال تحرك نوازعها اليه.
إن خارطة اليمن الجغرافية والطبيعة التي عرف بها والتي أجمع المؤرخون والجغرافيون العرب والأجانب منذ العهد الروماني إلى العهد العثماني تمتد من عمان وعدن في الشرق والجنوب الى الحدود الجنوبية لنجد والحجاز في الشمال ، وتشكل عسير وجيزان ونجران أطرافها الشمالية وضمن حدود اليمن يدخل ميناء الليث والقنفذة على البحر الأحمر من جهة الشمال وكما تمسك اليمنيون الى اليوم بحدود بلادهم الجغرافية ويرون فيها إطارا تاريخيا لشخصيتهم الوطنية عبر التاريخ فإنهم ينظرون باعتزاز وفخر إلى حضارتهم القديمة اللامعة والمجيدة ، فهنا على الأرض العربية السعيدة نشأت وتطورت في وقت تاريخي مبكر دول ومؤسسات حسنة التنظيم كمملكة معين وسبأ وقتبان وحمير ، كما نهضت حضارة عالية معتمدة على مؤسسات للري مستحدثة كسد مأرب الذي يعد أعجوبة من أعاجيب العهد القديم وغيره من السدود العديدة والعظيمة .
وحتى لا يستعيد اليمن مكانته التاريخية التي تبوأها بين الأمم وتكون له الريادة في المنطقة تكالب عليه الأعداء من كل حدب وصوب وخاصة جارة السوء السعودية التي أفقدت شعبها هويته الوطنية ونسبته إلى الأسرة التي تحكمه بل وربطت تاريخه بتاريخها الذي لم يصل بعد الى تسعين عاما منذ أسست بريطانيا هذا الكيان الشيطاني في 23 سبتمبر عام 1932م وأطلقت عليه مسمى المملكة العربية السعودية كخنجر مسموم تم غرزه في خاصرة الأمتين العربية والإسلامية لطعنها من الخلف ، وكم هو مؤسف ان تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دولة عظمى في العالم قيادة العدوان على اليمن تحت مبررات واهية لا يستسيغها عقل ولا منطق وهي التي ساهمت بشكل مباشر في اسقاط النظام الشيوعي في الإتحاد السوفيتي سابقا ودول أوروبا الشرقية بحجة الديكتاتورية وهاهي نفسها اليوم تحمي الأنظمة المتخلفة في المنطقة بما فيها السعودية التي ليست لها أي علاقة بالحرية والديمقراطية وهذه احدى المفارقات التي تبرهن على وجود ازدواج في المعايير الأخلاقية ، بل إن هذا التوجه الأمريكي يعني محاولة امريكية لتمرير الشعارات الكاذبة وتغليب المصالح على القناعات الفكرية حتى لو كانت على حساب الأخلاق وتناقض ذلك مع مبادئ وأخلاقيات الشعب الأمريكي نفسه ، وهنا يطرح السؤال الكبير : كيف يمكن لنا أن نفسر اختلاف المعايير التي تتعامل بها السياسة الأمريكية مع الأحداث العالمية والحريات وحقوق الإنسان في العالم كماهو حاصل حاليا في اليمن وبلدان أخرى ؟!.
إن كثيرا من الدراسات تؤكد ارتفاع نسبة الفساد الحكومي والانحراف بالسلوك في أوساط المجتمع الأمريكي وخاصة بين صفوف الشباب وسببه تناقض الأخلاقيات والدور السلبي لوسائل الإعلام وبالذات التلفزيون والسينما التي افتقدت للتربية الأخلاقية في المجتمع الأمريكي وهذا مادفع الحكومة الأمريكية ممثلة في وزارتي الخارجية والعدل إلى حجب مواقع الكترونية تعودت على قول الحقيقة وفضح اكاذيب السياسة الأمريكية ومن تلك المواقع موقع شبكة المسيرة مماعلى أن الحرية والديمقراطية في أمريكا شكلية وخير دليل على ذلك موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي رفض تهنئة منافسه بايدن بالفوز بالرئاسة رغم مرور ما يقارب عام ونصف على اعلان نتيجة الانتخابات بحجة أن الانتخابات كانت مزورة ولم يكتف بذلك فحسب وانما وصف امريكا بأنها أصبحت دولة من دول العالم الثالث وما تفعله اليوم امريكا مع روسيا بسبب حربها على اوكرانيا خير شاهد فقد فرضت عقوبات على كل شيء ولم تسلم حتى الرياضة من هذه العقوبات فأين الديمقراطية التي تتباهى بها شكليا الولايات المتحدة الأمريكية بينما مايجري على ارض الواقع لا سيما في تعاملها مع الدول الأخرى هو عبارة عن تصرفات ديكتاتورية وهيمنة على مقدرات الشعوب المستضعفة بامتياز ؟!.