تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد(27)
ازداد النفوذ البريطاني في الجزء الجنوبي والشرقي من اليمن منذ أن استولى البريطانيون على ميناء عدن في عام 1839م وحُكمت كجزء من الهند البريطانية
حتى عام 1937م عندما أصبحت عدن مستعمرة للتاج وصُنفت الأراضي المتبقية محمية مُدارة باعتبارها المحمية الشرقية والمحمية الغربية وبحلول عام 1965م انضمت معظم المجاميع القبلية داخل المحمية ومستعمرة عدن نفسها لتشكيل اتحاد جنوب شبه الجزيرة العربية الذي ترعاه بريطانيا ، على مدى العامين التاليين تقاتل فصيلان متنافسان جبهة التحرير الوطني الماركسية وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل على السلطة وبحلول أغسطس 1967م سيطرت الجبهة الوطنية للتحرير على معظم المناطق وفي نهاية الصيف انهار الاتحاد رسميًا .
قدم إنشاء جمهورية في شمال اليمن حافزًا هائلاً للعناصر في الجنوب التي سعت إلى القضاء على الوجود البريطاني هناك. علاوة على ذلك وافق المصريون على تقديم الدعم لبعض المنظمات التي تناضل من أجل استقلال الجنوب مثل جبهة تحرير جنوب اليمن ومع ذلك لم تكن جميع العناصر في كلا البلدين متعاطفة مع السياسات المصرية ناهيك عن الدور المهيمن الذي بدأت مصر تلعبه في جنوب الجزيرة العربية استمدت حركة جديدة وراديكالية بديلة جبهة التحرير الوطني دعمها بشكل أساسي من العناصر الأصلية في الجنوب
مع اقتراب موعد الاستقلال تصاعد الصراع بين المجموعات المختلفة وخاصة بين جبهة التحرير إلى حرب مفتوحة من أجل الحق في الحكم بعد الانسحاب البريطاني وبحلول أواخر عام 1967 كان من الواضح أن الجبهة الوطنية للتحرير كانت لها اليد العليا في جنوب اليمن وافق البريطانيون أخيرًا على الأمر المحتوم ورتبوا نقل السيادة إلى الجبهة الوطنية للتحرير في نوفمبر من نفس العام وقد تم طرد آخر القوات البريطانية في 29 نوفمبر وبعدها في 30 نوفمبر 1967 تم إعلان جمهورية اليمن الشعبية التي تضم عدن وجنوب الجزيرة العربية
أعادت الحكومة الجديدة في عدن تسمية الدولة باسم جمهورية اليمن الجنوبي الشعبية و بسبب نقص الموارد وعدم قدرتها على الحصول على أي مبالغ كبيرة من المساعدات سواء من الدول الغربية أو من تلك الموجودة في العالم العربي بدأت في الانجراف نحو الاتحاد السوفيتي الذي قدم مساعدات اقتصادية وتقنية على أمل جلب دولة عربية إليه وبتوجهها السياسي بحلول أوائل السبعينيات من القرن الماضي أصبح اليمن الجنوبي دولة ماركسية صريحة وأطلق عملية إعادة هيكلة جذرية للاقتصاد والمجتمع على طول الخطوط الشيوعية وأعاد تسمية نفسه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
في شمال اليمن تصاعد الصراع بين القوات الموالية للإمام والجمهوريين إلى حرب أهلية شاملة ومع ذلك لم تقتصر المشاركة على اليمنيين فقد دعمت المملكة العربية السعودية وإيران والأردن الملكيين بينما دعمت مصر والاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية الجمهوريين. أصبحت بريطانيا والولايات المتحدة وكذلك الأمم المتحدة لاعبين رئيسيين في هذا الصراع استمرت المعارك بين الملكيين والجمهوريين بشكل متقطع ومأساوي حتى عام 1970 بدعم اطراف خارجية وفي نهاية المطاف حتى لو كان ذلك على المستوى الدبلوماسي فقط لكن بحلول أواخر الستينيات من القرن الماضي قرر اليمنيون أن النتيجة المنطقية الوحيدة للصراع هي التسوية والتي سيكون لها أهم أثر وهو رحيل القوات الأجنبية المختلفة لذلك تمت الإطاحة بنظام السلال الموالي لمصر عام 1967م وتم استبداله بنظام جديد برئاسة الارياني وبعدها بعامين وبمباركة من المشاركين الأجانب الرئيسيين مصر والمملكة العربية السعودية اتفق قادة شمال اليمن على تسوية عام 1970 والتي أسست حكومة جمهورية تم فيها تخصيص بعض المناصب الرئيسية لأعضاء الفصيل الملكي وتم الاتفاق على عدم عودة الإمام وعائلته إلى اليمن وعدم لعب أي دور على الإطلاق في الدولة الجديدة. وعليه رحل الإمام إلى منفاه في بريطانيا