حديث الإثنين: صنعاء هي من تقرر يا تحالف العدوان
من أصدق ما قاله الحزب الاشتراكي اليمني في خطابه الإعلامي أثناء فترة حكمه للشطر الجنوبي من الوطن سابقا أن السعودية هي العدو التاريخي لليمن،
وإذا كانت بعض قياداته اليوم قد ارتمت بقدرة قادر في أحضان هذا العدو التاريخي وانقلبت على خطاب الحزب فذلك لا يعني أنها تحاول أن تكفر عن نفسها وتبرئة السعودية لتجعلها جارة شقيقة أو صديقة فهذا الخطاب قد علق في أذهان الجيل الجديد كحقيقة واقعة على الأرض وما تقوم به السعودية ومن تحالف معها من عدوان ظالم على اليمن وشعبه العظيم للعام الثامن على التوالي إلا ترجمة عملية لما يكنه النظام السعودي ممثلا في أسرته الحاكمة من عداوة قديمة وحقد دفين ضد الشعب اليمني وليس من المعقول ان يتحول النظام السعودي من عدو لليمن وشعبه الى جار شقيق أو صديق لمجرد أنه استطاع جمع المئات من العملاء والمرتزقة في الرياض وتقديمهم للعالم على أنهم يمثلون الشعب اليمني بل ويفاجئهم بتشكيل مجلس قيادة رئاسي دون علمهم مما جعلهم كالأطرش في الزفة لأنه يعرف حقيقتهم فليس بيدهم ما يستطيعون من خلاله أن يقولوا للسعودية : لا أو أن يعترضوا بحكم تعودهم على الإذعان والسمع والطاعة وما يملى عليهم يجب أن ينفذوه دون أي نقاش وهو ما يعد انقلابا مكتمل الأركان على شرعية عبد ربه منصور هادي المزعومة ويؤكد في نفس الوقت إن الرياض هي التي انقلبت على عبد ربه هادي وليست صنعاء ، ولذلك فقد تبرأ منهم الشعب اليمني ولفظهم إلى مزبلة التاريخ ، غير مدرك هذا النظام السعودي الأرعن إن صنعاء هي من تقرر مصير الشعب اليمني وليست الرياض وما يقوم به النظام السعودي من تلاعب بهدف إخراج نفسه كطرف أساسي في العدوان على اليمن وتحوله إلى وسيط لن ينطلي على الشعب اليمني ولا على العالم فكل شيء موثق بالصوت والصورة منذ أول يوم تم فيه الإعلان من واشنطن عن شن العدوان على اليمن وانطلاقه من العاصمة السعودية الرياض .
إن النظام السعودي منذ أسست بريطانيا مملكته الشيطانية في 23 سبتمبر عام 1932م لم يكن يهمه من الشعب اليمني سوى أن يكون تابعا والعمل على ضمان تبعية الأراضي اليمنية التي اقتطعها في حربه الاولى على اليمن عام 1934م وضمها إلى أراضي مملكته بموجب معاهدة الطائف التي تم التوقيع عليها عقب انتهاء الحرب وقد اشترطت هذه المعاهدة في مادتها الأخيرة ان يتم تجديدها كل عشرين عاماً حتى يتم البت نهائياً في تبعية هذه المناطق التي كانت تعرف بالمخلاف السليماني تحت ادارة الأدارسة ومنها جيزان وعسير ونجران إلى أي من البلدين المختلفين حولها ولأن المعاهدة لم تكن نهائية فقد تم التجديد الأول عام 1953م أثناء زيارة الملك سعود لصنعاء ولقائه بالإمام احمد حميد الدين ملك اليمن آنذاك والتجديد الثاني تم في الرياض عام 1973م في عهد القاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري الأسبق والملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية وقد وقع التجديد الثاني عن اليمن القاضي عبد الله الحجري عضو المجلس الجمهوري ورئيس الوزراء حينها وأجبر بعد عودته الى صنعاء على الاستقالة من رئاسة الحكومة لأنه لم يكن يحمل تفويضاً بالتوقيع من قبل المجلس الجمهوري وقد شكلت هذه الواقعة بداية النهاية لحكم القاضي عبد الرحمن الارياني لأن السعودية اعتبرت موقفه المعارض لتجديد المعاهدة خروجاً على بيت الطاعة.
وفي عهد الشهيد ابراهيم الحمدي حاول النظام السعودي بشتى الطرق ان يحصل على اعتراف مجلس القيادة برئاسة الحمدي على تبعية الاراضي اليمنية للسعودية ولكنه لم يفلح فكان عقاب الرئيس الحمدي ان تم اغتياله والقضاء على مشروعه الوطني الهادف الى بناء دولة مدنية حديثة تستقل بقرارها وتتحرر من الوصاية الخارجية ، وحين استشعر النظام السعودي خطر هذا التوجه الوطني لدى اليمنيين سارع للعمل على محاصرته من خلال تنصيب تحالف ثلاثي لحكم ما كان يعرف بشطر اليمن الشمالي وقد وضع على رأس هذا التحالف الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح والشيخ عبد الله بن حسين الاحمر والجنرال الهارب علي محسن صالح الذين تقاسموا فيما بينهم كل شيء في اليمن براً وجواً وبحراً وحتى الانسان لم يسلم من هذه التقسيمات ، حيث اصبح الولاء لكل جهة كالطاعة العمياء ولولا ان الله سبحانه وتعالى قد جعل الخلاف يدب في اوساط هذا التحالف الثلاثي الذي هو اشبه بعصابة وإلا لظل يحكم اليمن مئات السنين بواسطة الأولاد والأحفاد ، ولأن النظام السعودي كان صاحب الفضل في ايصال هذا التحالف الثلاثي الى الحكم في اليمن فقد حقق كل اهدافه عبره ومن أهمها اعترافه بتبعية الاراضي اليمنية للسعودية رسميا من خلال اتفاقية جدة التي تم التوقيع عليها في 12 يونيو عام 2000م والتنازل عن الملاحق السرية لمعاهدة الطائف بما في ذلك الملحق السري الذي يسمح للعمالة اليمنية أن تعامل بصفة استثنائية بحيث يحق لأفرادها التنقل في المناطق السعودية والعمل بدون كفالة وإعفاء الحجاج اليمنيين من الرسوم بالإضافة إلى دعم الموازنة في اليمن .
وبعد احداث عام 2011 م التي خلطت الأوراق على السعودية وأضعفت عملاءها في السلطة لم تجد افضل من نائب الرئيس الإمعة عبد ربه هادي لتفرضه رئيساً على الشعب اليمني بموجب المبادرة الخليجية التي جعلت النظام السعودي يتحكم في مقاليد الأمور في اليمن بشكل مباشر وتسييرها بالطريقة التي يريدها ، لكن لأن الله اراد غير ذلك فقد تغير المشهد السياسي على الساحة اليمنية فجأة بقيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية وانقلب كل شيء رأساً على عقب بسبب الغباء السياسي لعبد ربه هادي الذي جعل منه النظام السعودي عرابه الأول لينتهى به المطاف محجوزا في فندق بالرياض لاستخدامه وقت الحاجة كما حدث مؤخرا عندما شكل بن سلمان مجلس قيادة رئاسي وجعله مع نائبه علي محسن كبش فداء وإن كانت السعودية لن تجني من خلال مكرها وحيلها إلا الخسران ومسيرها تسلم بالأمر الواقع شاءت أم أبت وتحني رأسها أمام إرادة اليمنيين الحرة وسيحاسب نظامها على كلما أقترفه من جرائم في اليمن بعون الله تعالى .