كتابات | آراء

العدل والأمن توأمان الحكم الرشيد..!!

العدل والأمن توأمان الحكم الرشيد..!!

القضاء العادل النزيه عنوان الدولة الرشيدة، والدولة التي لا تقوم على أسس من القيم ومبادئ العدل والأخلاق والتراحم، والوقوف مع الحق والضعفاء،

وإعطاء كل ذي حقٍ حقه، دون مواربة أو مجاملة، فيه ضياع لحقوق الآخرين.. مصداقاً لقوله عزوجل: (ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب) فالعدل أساس الحكم.. بل حصنٌ ودرعٌ واقٍ للأمة والمجتمعات.. عندما خاطب الله عزوجل سيدنا داود عليه السلام في قوله تبارك وتعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله..).. وقال الإمام علي بن أبي طالب- رضوان الله عليه- "العدل: الإنصاف.. والإحسان: التفضل".. فالحاكم العادل حصن الأمة وأمانها.. وبه يسود الأمن والاستقرار والسكينة.. بل هو ركن يعتصم به الضعفاء والفقراء.. والعاجزون وذوو الحاجة.. فالإمام العادل يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "إن الحاكم العادل يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"..
وفي غياب العدل تسود الفوضى والغوغائية.. ويستأسد الجهلاء، وينزوي العلماء.. ويكثر الهرج والمرج.. وتشاع الرذيلة على مرأى ومسمع من عليّة القوم.. والله يختص برحمته من يشاء من عباده.. وقد مدح رسولنا الأعظم عليه وآله الصلاة والسلام الحاكم العادل كما جاء في الحديث: "إن المقسطين عندالله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن"..
فالعدل عندما يسود بين الناس تنعم الأمة بالأمن والأمان والاستقرار.. لا فرق بين سيد ومسود.. أو أمير وحقير عند إقامة الحدود والأحكام الشرعية فرسولنا الأعظم عليه وآله الصلاة والسلام أمر بإقامة الحد على المرأة المخزومية الهاشمية التي سرقت في عهده، ولم يشفع لها حسبها ولا نسبها.. ولا عشيرتها ولا قبيلتها.. وعندما جاءه أسامة حب رسول الله وهو أقرب الناس من رسول الله ليشفع لها فغضب عليه الصلاة والسلام وقال قولته المشهورة: "أتشفع في حدٍ من حدود الله؟!.." ثم قام فأختطب فقال: "أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، ثم أقسم: وأيم الله لو أن فاطمةً بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها"..
هكذا عدالة الإسلام لا تفرق بين شريف ووضيع عند إقامة حدود الله.. وكلنا على علمٍ ما جرى بين اليهودي والإمام علي- عليه السلام- حتى قال اليهودي: "إن هذا هو دين الله الحق الحنيف، ولو لا قسوة اليهود وغلظتهم، ما كان لنا دين سواه.."..
أيها القضاة أنتم خلفاء الله في الأرض، فإذا حكمتم بين الناس، فاحكموا بالعدل.. ولا تغتروا بزخارف وزينة الحياة الدنيا الفانية.. فهي دار فناء.. لا بقاء.. وصدق المولى القدير القائل: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).. فالحياة بدون عدل لا تستقيم.. ولا حياة بدون عدل وأمن.. وإياكم ودعوة المظلوم.. فإنها ليس بينها وبين الله حجاب..!!.
كلمات مضيئة:
لقد كان في قصص عدالة الأولين آيات للسائلين.. وعظات وعبر للسابقين.. فلا تنسوا أن معظم الكوارث الطبيعية، وانتشار الأمراض والأوبئة مرتبط بما كسبت أيدي الناس من جورٍ وظلمٍ وفسادٍ، وذنوبٍ ومعاصٍ وآثام..
وعلينا أن ندرك حقيقة القول المأثور: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".. وفي آخر الزمان تكثر الفتن والحروب، وتنتشر الأمراض المستعصية.. وما نزل بلاء من السماء إلا بذنب.. وما رفع إلا بتوبة.. فالله قادر أن يأمر هذه الأرض أن تتحرك بضع ثوانٍ فيجعلها هباءً منبثاً.. أثراً بعد عين..
وصدق العلي القدير: (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)..
فالعدل.. العدل.. أساس الحكم.. ولا أمن بدون عدل.. ولا عدل بدون أمن.. "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"..!!.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا