حديث الإثنين: هل يكون شهر رمضان محطة لراحة الأنفس؟
ونحن نعيش النفحات الروحانية والإيمانية لشهر رمضان المبارك الذي أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار يجب علينا كيمنيين مسلمين
أن نستشعر عظمة هذا الشهر الكريم من خلال استشعارنا لعظمة الخالق سبحانه وتعالى والخوف منه وإنه لفضل ورحمة أن بلغنا شهر رمضان الفضيل الذي جاء حاملا معه الفرج وبشارات تحقيق السلام وإنهاء العدوان الظالم على اليمن بإذن الله تعالى وتقوية الروابط الأخوية والتقرب الى الله بالطاعات وفعل الخيرات سائلين الله أن يعيننا على صيامه وقيامه بالوجه الأكمل الذي يرضيه وأن يغفر لنا ويعفو عن زلاتنا وتقصيرنا ويرفع عنا البلاء والغلاء والوباء و يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه وأن نستشعر كذلك في هذا الشهر المبارك خطورة ما يقوم به البعض من أعمال لم تقتصر على خلق عداوات فيما بين أبناء الشعب الواحد وإيغال الصدور بالحقد والغل ضد من نختلف معه فكراً وسياسة ومذهباً وإنما وصلت درجة العداوة التي نكنها لبعضنا حد قتل الأنفس البريئة وإراقة الدم الحرام وسفكه في كل مكان يوميا وكأن من يقومون بهذا العمل الشنيع يتقربون به إلى الله ليمنحهم مقابله الحسنات ويدخلهم الجنة وقد ربما يعتقد من يقوم بمثل هذا الفعل المحرم شرعا والمُجرم قانوناً وعُرفاً أنه فعلاً يعبد الله بدماء الأبرياء نتيجة للتعبئة الخاطئة التي يتلقاها من أطراف محسوبين على الدين كعلماء هدفهم العمل على تفرقة الأمة وزعزعة أمنها واستقرارها بفتاواهم التي يكيّفون لها النصوص الدينية بحسب أهوائهم لتكون معبّرة عن توجهاتهم الخاطئة وهي أطراف تجرد فكرها من كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية ولم تكتف بذلك فحسب وإنما وقفت إلى جانب العدوان الظالم على اليمن وشعبه وشرعنته فقهيا مجيزة بذلك قتل الشيوخ والنساء والأطفال وتدمير البنية التحتية بما فيها المساجد والمدارس والمصانع والآثار والجسور والطرقات .
وعليه نقول : ليكن معلوماً لدى هؤلاء ولدى كل القوى السياسية المنضوية تحت راية العدوان سواءً كانت في الداخل أو الخارج بمختلف اتجاهاتها الفكرية والمذهبية أنه من الصعب على أي طرف إلغاء الطرف الآخر مهما كان مختلفاً معه ومهما كان هذا الطرف السياسي أو ذاك مستنداً على نفوذ سلطوي أو شعبي ، وأن الجميع يجب أن يتعايشوا مع بعضهم البعض ويعترف كل منهم بالآخر وتكون المنافسة بينهم فقط على كسب ثقة الشعب اليمني وخدمة قضاياه الوطنية وأن نجعل من شهر رمضان المبارك محطة لمراجعة أنفسنا وتغيير ما بداخلها من أحقاد وعداوات وبغضاء بل وتطهيرها مما علق فيها من أدران لتحل محلها روح المحبة والتسامح والصفح والوئام لأن مساحة اليمن أكبر بكثير من مساحة الخلافات التي تكاد تعصف بالأخضر واليابس والتي جعلنا منها وكأنها هي كل الوطن وكل الشعب.
وحتى لا يظل كل طرف متمترساً لمحاربة الطرف الآخر لاعتقاده أنه منافس له أو أنه سيؤثر على شعبيته ونفوذه فإننا نحذر من استمرار هذا النهج غير السوي وما سيترتب عليه من عواقب وخيمة لن تصيب فئة معينة من الناس وإنما ستعم الجميع ولن تزيد الطرف المستهدف أو المغضوب عليه إلا شعبية والتفاف الناس حوله انطلاقاً من نظرتهم إليه بأنه مظلوم والشواهد على ذلك كثيرة نعيشها اليوم واقعاً على الأرض ونعتقد جازمين أن الطرف السياسي الذي لا يعترف بالآخر ويعمل على محاربته وافتعال المشاكل له بهدف إزاحته عن طريقه وتوجيه الاتهامات الباطلة إليه هو الطرف الفاشل والعاجز وغير الواثق من نفسه وصولاً إلى كسب ثقة الشعب لإيصاله إلى الحكم حينما يحصحص الحق وتجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمجالس المحلية وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يمتلك رؤية ولا برنامجاً سياسياً يعرضه على الشعب وينافس من خلاله على ثقته ، وأيضاً فإن هذا الطرف الذي يلجأ إلى مثل هذا الأسلوب أو النهج لإلغاء الآخر لم يؤمن بعد بالديمقراطية ولا بحرية تقبل الآخر مهما كان متعارضاً مع توجهه.
صحيح قد يعود هذا التصرف إلى أن هذه الأطراف تعودت في الماضي على الهيمنة والسيطرة خدمة لمصالحها الخاصة على حساب مصالح الشعب والوطن ولذلك فإنها تنزعج ممن تراه اليوم في الوضع الجديد قد أصبح منافساً لها ويقف حائلاً دون فرض ما تريده بالقوة وعليه فليس أمام هذه القوى السياسية إلا استيعاب طبيعة واقع الحال الذي أفرزته المرحلة الحالية بهدف التغيير وقطع الطريق تماماً أمام عودة الاستبداد والهيمنة من قبل طرف واحد وأن تؤمن وتدرك جيداً أنه لا مجال أبداً لإلغاء الآخر وعدم القبول به وأن التعايش السلمي بين كل القوى السياسية المختلفة أصبح ضرورة حتمية وحقيقة مسلماً بها ومن يحاول فرض رأيه الفردي سيكون ملفوظاً من قبل الشعب اليمني الذي شب أبناؤه عن الطوق وأصبحوا يتمتعون بوعي وإدراك يميزون من خلالهما بين ما هو حق وما هو باطل وبين من يعمل على خدمة المصلحة الوطنية العليا ومن يسخرها ويجيرها لصالحه ، والحكم هو صندوق الاقتراع الذي من خلاله سيحصل الطرف السياسي الموثوق به شعبياً على ثقة أبناء الشعب اليمني لإيصاله إلى الحكم وحينها سيكون الشعب هو المرجعية والوطن هو الإطار الذي يتحرك داخله هذا الطرف الذي بلا شك سيخضع للمحاسبة خلال فترة الحكم المحددة له والمنصوص عليها في الدستور وعلى أساس ما يقدمه من خدمات للشعب والوطن سيتم التقييم لتجديد الثقة به أو سحبها منه شعبياً ، ويبقى التأكيد هنا بأنه مطلوب من الجميع أن يدافعوا عن سيادة الوطن اليمني واستقلاله وتحرير قراره السياسي من الوصاية الخارجية وأن يعملوا بإخلاص بعيداً عن المناكفات والمشاحنات والمصالح الضيقة الأفق .