كتابات | آراء

بوح اليراع:الوجيز في قضية الزميل العزيز (محمد عبدالعزيز)

بوح اليراع:الوجيز في قضية الزميل العزيز (محمد عبدالعزيز)

من المضحك المبكي أن النظام الذي حكم اليمن لأكثر من 3 عقود متتالية والذي بلغت برموزه السياسية أحلامها الهواوية الوصول باليمن إلى مصاف البلدان النووية

لم يؤثر عنه في عرض اليمن وطوله -باعتباره الجهةً الوحيد المسئولة- حتى بناء مدينة سكنية واحدة يؤمن -من خلالها- استقرار حتى عدد محدود من ذوي الدخل المحدود وفي مقدمتهم موظفي مؤسسات الدولة والعمال المكدسين -بسبب تفشي البطالة وشحة فرص الأعمال- في كل حراج وجولة وسائر الشرائح المجتمعية المعتمدة في تأمين سكنها على الاستئجار المثقلة كواهلها على الدوام بتصاعد أسعار الإيجار.
وبحسب ما نشر لم تفتأ سلطات ذلك النظام -حيال تضجر المستأجر بشكل مستمر من تعسفات المؤجر- أن تصدر -عام 2006م- قانونًا تم تفصيله على مقاسات المؤجر ومصلحته أولاً وأخيرًا، لأن غالبية أعضاء مجلس النواب كانوا -وما زالوا إلى هذا الحين- من النواب كبار الملاك والمؤجرين، وفي ضوء نصوص ذلك القانون التي اضطلعت بحماية مصالح المشرعين بقي معظم المستأجرين اليمنيين -لأكثر من عشر سنين- مرتعًا خصبًا لعتاة المؤجرين.
أما بعد تعرض يمن الحكمة والإيمان أواخر مارس 2015 لحرب وحصار أضرا بالشعب اليمني من عدة جوانب منها انعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب والنزوح السكاني المتواصل وغير المحتمل الذي يقدر -بحسب إحصائيات الأمم المتحدة إلى ما قبل عامين- بحوالي 5 ملايين والذي شجع المؤجرين على مضاعفة الإيجارات واللجوء إلى كل الذرائع والأساليب التي تمكنهم من إخراج المستأجرين في سبيل إحراز الكثير من المكاسب، فقد أصدر وزير العدل في العام 2017 تعميمًا بمراعاة ظروف المستأجرين لم يُعمل بمقتضاه، بل تم التحايل عليه وتفريغه من محتواه، لأن مصالح الذين يُفترض بهم من منطلق مسئولياتهم تفعيله اقتضت وما تزال تقتضي العمل على تعطيله، وعلى الرغم من تتالي التوصيات والتوجيهات والتحذيرات الصادرة عن الجهات المختصة بما فيها المجلس السياسي التي تجرم إجراءات رفع الإيجار وتعسفات وإخراج المستأجرين في ظل وقوع البلاد تحت وطأتي الحرب والحصار، فقد بلغت حالات المغالاة في إيجار المساكن وعمليات التعسفات الهادفة إلى طرد المستأجرين المعسرين أرقامًا قياسية.
وما تزال وسائل الإضرار والإيذاء التي تطال المستأجرين صباح مساء في تنام له مبتدأ وليس له منتهى، وها هم يطردون -في هذه الأثناء بالاستناد إلى أحكام صادرة عن محاكم القضاء.
ولعل أشهر وآخر حالة يستشهد بها على التعامل مع المستأجر بأسلوب جائر الصحفي القدير الذي ندين له في الارتقاء بمستوى أدائنا بالكثير أخونا العزيز الأستاذ محمد عبدالعزيز الذي اضطلع -على مدى ثلاثة عقود أو أكثر- برسالة صحفية ومتميزة في الغرَّاء "26سبتمبر" مسهمًا إسهامًا نوعيًّا وفاعلاً -من خلال تبوئه العديد من المناصب القيادية التي كان آخرها منصب نائب رئيس التحرير- في ما تحقق لها من تحديث وتطوير.
وبعد هذا التأريخ المهني الصحفي الحافل بالجهد والبذل والعطاء والتفاني في الأداء الذي استحوذ على اهتمامه إلى درجة لم يعد معها لديه متسعٌ للتفكير في كيفية الحصول على مسكن يؤويه ويؤمن الاستقرار المستقبلي لأهله وذويه.
وحين انقطع راتبه -شأنه شأن كل موظفي الدولة- بعد دخول الحرب على اليمن عامها الثالث لم يتوانَ أستاذنا في أداء واجبه ولم يقصر في عمله وفي تنفيذ المهام المسندة إليه، وبسبب انهماكه الدائم في تطوير مضامين الرسالة الصحفية بما يتناسب واستثنائية المرحلة واستشراف المرحلة المقبلة لم يفكر -في ظل تصاعد إيجار المساكن وإيجارات العقارات بصفة عامة- أن المؤجر يتربص به الدوائر، وأنه سيستصدر ضده حكمًا من المحكمة بالإخلاء ولو إلى العراء وبتسديد الإيجارات المتراكمة بفعل تضاعف الإيجار الشهري للعين المؤجرة له بصورة دائمة.
والآن ونحن بصدد صدور الحكم الجائر يجدر بنا وبكافة المنتمين إلى مهنة المتاعب "المهنة الصحفية" أن نتوجه إلى القاضي -عبر مختلف المنصات والمنابر- بالتساؤلات التالية:
- هل أخذتَ - فضيلةَ القاضي- في الحسبان وأنت تصدر حكمك ضد هذا الموظف مدة خدمته ومدى انضباطه في وظيفته وشدة تفانيه في خدمة وطنه وأمته؟
- هل راعيتَ - فضيلةَ القاضي- وأنت تصدر حكمك ضد موظف إعلام حديدي الالتزام جانب مواظبة المحكوم على الدوام عدة أعوام بلا راتب؟
- هل فكرتَ -فضيلةَ القاضي- أثناء إصدار حكمك ضد المستأجر المعسر بالإخلاء -قبل عثوره على مسكن بديل يلم شمل أسرته المغلوبة والمقهورة- بمآل عدد من الأطفال والنساء؟
- هل استحضرتَ -فضيلةَ القاضي- وأنت بصدد تسطير نصوص حكمك الجائرة مجمل التعميمات الصادرة عن المجلس السياسي الأعلى وعن وزير العدل الذي يعتبر الرجل الأول في سلك القضاء وعن السلطات التنفيذية وسلطات الدولة الأخرى على أكثر من مستوى المؤكدة جميعها على ضرورة مراعاة ظروف المستأجرين على سبيل التفاعل الإيجابي والبنَّاء مع ما تتعرض له البلاد من اعتداء؟

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا