كتابات | آراء

التداعيات والأثر للصمود اليمني

التداعيات والأثر للصمود اليمني

 نودع عاما من الصمود , ونستقبل عاما جديدا لا يشبه  الاعوام التي سلف زمانها ولكنه يتغاير كل التغاير , فنحن اليوم نمسك زمام اللحظة ونحدد مسار المعركة نضرب متى شئنا ؟

وأين نريد ؟
دخلنا معارك توازن الردع  بكل شموخ , وقد تركنا بكاء وعويلا وطللا تبكي على دمنه مقل الأعراب الذين قالوا أنهم قادرون على اجتياح اليمن في ظرف زمني وجيز , وتمر الاعوام وتمر السنون وما يزال الاجتياح عصيا عليهم , بل كاد أن يصبح الاجتياح للسعودية محققا , وهو يرتبط بقرار سياسي ليس أكثر .
الكثير من الكتابات التي تحلل الوضع العسكري في اليمن وتنشر في الغرب تقول بقدرة الجيش واللجان الشعبية على اجتياح أراضي السعودية في ظرف زمني وجيز , وكأن المعادلة تنقلب رأسا على عقب .
بعد سبعة أعوام من الصمود سطرت بنادق المجاهدين فيها ملاحم بطولية يعترف العالم كله ببأس أهل اليمن وقدراتهم القتالية المبتكرة , وقد حدثهم الله في محكم الذكر المبين , وحدثتهم كتب التفاسير والحديث والتاريخ وكتب الاخبار , ولكنهم قوم يجهلون ولا يقرأون .   
اليوم نحتفل بصمودنا في اليمن , والسعودية ومن ورائها من اليهود والامريكان ودول التحالف يتجرعون ويلات الهزائم والانكسارات , خاصة وهم يديرون حربا علينا بكل تقنيات الكون المعاصر , وبأحدث ما أبتكره العقل البشري من اسلحة دمار شامل , وقد عجزوا عن بلوغ الغايات والاهداف التي كانوا يريدون تحقيقها .
لم نكن نملك في اليمن سوى سلاح الايمان بالله وبالقضية  وقد خضنا معركتنا بالتوكل على الله واثقين بنصره وتدبيره لنا , واثقين بوعده لنا أن يجعل عاقبة الامور لنا , ونحن على مقربة من تحقيق وعد الله لنا .
لم تكن السعودية تدرك خطورة ما تقدم عليه , وقد قادتها حماقتها وغرور القوة الى هاوية السقوط الاخلاقي , والسقوط العسكري , وهي غير واعية نتائج الحماقات التي تحدثها في واقع الامة , ولذلك نراها تذهب الى التطبيع بكل ذلة وخنوع .
وقد صنعت الامارات مثل صنعها , وهي بعد أمد قصير سوف تكتشف أن حركة الاقتصاد العالمي قد تجاوزتها , وأن الصين قد سحبت بساط التجارة والسوق الحرة من تحت قدمها , وتلك النتيجة التي سوف تصل اليها الامارات في المستقبل المنظور لا تنفصل عن نتائج العدوان على اليمن , ذلك أن الاسر  الخليجية الحاكمة   كلهم بدون استثناء  ليسوا أكثر من حراس لمصادر الطاقة في الزمن المنصرم ,قد تحولوا  اليوم الى حراس لمصالح أمريكا واسرائيل , ويديرون حربا بالوكالة عن اسرائيل وأمريكا , وبالقياس العقلي ليس للإمارات مصلحة تذكر في شن عدوان همجي على اليمن  , وليس للسعودية أي مصلحة تذكر , بل من مصلحة الاقليم كله هو التناغم والسلام وتحقيق مبدأ العلاقات القائمة على المصالح المشتركة والمصلحة المرسلة .
العبث الذي مارسته دويلة الامارات في الجزر والموانئ اليمنية لن يجعل الصين تتوقف عن مشروعها الاستراتيجي في تجديد طريق الحرير التجاري وهذا المشروع بالضرورة والأثر سيجعل من دبي مدينة تجارية لعبت دورا مفصليا في حركة التجارة العالمية في الزمن القديم .
الموضوع الذي حدث ويحدث في المنطقة أكبر من قدرات السعودية والامارات الذهنية , ولذلك أصبحوا وقودا يحترق حتى تضاء مصالح امريكا واسرائيل , وليس لهم من أثر ذلك الحريق سوى دخانه الذي يزكم الأنوف حاضرا ومستقبلا .
لقد سطر أهل اليمن بطولات ذات أثر ومعنى وقيمة ولن تذهب تضحياتهم هدرا فقد وعدهم الله بالتمكين وهو كائن لا محالة ولله عاقبة الامور .

صمد اليمن أعواما سبعة أمام أعتى قوة عالمية تمتلك ترسانة عسكرية حديثة , وتمتلك تقنيات استخبارية عالية , وقدرات ومهارات فنية وعسكرية , وأجهزة وآليات حديثة , وشكل الصمود اليمني فتحا كبيرا لكل التداعيات التي حدثت  في بنية النظام الدولي الذي تقوده أمريكا والمنظومة الرأسمالية العالمية والتي تعارف الخطاب الاعلامي على تسميتها بالدول الصناعية الست .
لم يدر في بال أمريكا وهي تأمر ربيبتها السعودية على اعلان العدوان على اليمن من واشنطن صبيحة 26مارس من عام 2015م أن كيد الضعيف سوف يغير من بناء المعادلة التفاعلية للنظام العالمي , أو سوف يحدث شرخا في جداره حتى يتداعى فينهار المعبد على الكهنة .
كانت الاشارات واضحة وقد بدأت من فلسطين في معركة سيف القدس فظهر أثر الصمود اليماني على مسار التفاعل , ثم جاءت من أفغانستان وها هي تستقر في روسيا وغدا ستكون في تايوان وفي الكوريتين حتى ينفرط عقد النظام الدولي وتنهار حركة توازنه الدولية الذي عمل طوال عقود على تمتين عراها .
وقديما كان يقول الحكماء لا تستهينوا بكيد الضعيف فربما أدمى البعوض مقلة الأسد , ولكن كهنة النظام الدولي غرهم بالله الغرور فوقعوا في شراك شر أعمالهم , وها هم اليوم يجنون ثمرة ما زرعوه في اليمن من ظلم ومن حصار ومن قصف وتدمير لكل مقومات الحياة .
ظنت أمريكا وفق قراءة استخبارية ومعلومات ميدانية تحركت فيها سفارتها في العقد الأول والثاني من الالفية أن العملية العسكرية في اليمن لن تستغرق زمنا طويلا وسوف يتم حسم المعركة في غضون أيام قلائل , وها هو الزمن يجتاز عتبة العام السابع ليلج الى عامه الثامن , في حين تشهد اليمن تبدلا , وتتغير المعادلة من الضعف الى القوة , ومن الشتات الى الوحدة , ومن التضليل الى الوعي , من الدفاع الى الهجوم , وهو أمر ما كان له أن يحدث لولا الايمان بعدالة القضية والثقة بنصر الله للمؤمنين في كتابه العزيز .
كانت اليمن تبحث عن السلام وفق شروط العدو , اليوم العدو يبحث عن السلام وفق شروط أهل اليمن , وتلك من آيات الله لقوم يؤمنون , وكل التفاعلات الدولية والاحداث تصب في مسار ومصلحة اليمن , إذ   اتسع الخرق على الراقع فضاعت عليه مفردات اللعبة وأصبح عاجزا كل العجز عن التحكم بها , أو السيطرة على مساراتها , وكل الخيارات التي حاول من خلالها استعادة السيطرة تركت أثرا مدمرا عليه وعلى بناه العامة .
الملف النووي الايراني الذي كانت امريكا تتخذ منه شماعة في حركة توازنها فتقره ثم تخرج من اتفاقه , ها هي اليوم تقبل به وفق شروط الواقع الجديد وشروط ايران نفسها , كما أنها عجزت عن الانتصار لاكورانيا مما ترك أثرا نفسيا على ربائبها في الخليج فخرجت الامارات عن الطوع , ومالت السعودية الى روسيا خوف التداعيات وخذلان أمريكا ,ولم تجد أمريكا سوى قطر وهي غير ذات أهمية فقطر لن تسطيع سد حاجة السوق العالمية من الغاز والنفط فضلا عن هوانها في المسار العام وفي الأثر وربما أجبر قطر على المسار مونديال 2022م الذي عملت من أجله طوال عقد من الزمان وانفقت عليه الاموال والطاقات , وهي اليوم تبحث عن عشرين الف متطوع كي يتفاعلوا مع مجريات الحدث الكروي الذي تعد له العدة منذ أمد طويل وتخاف أن يفشل .
كل التداعيات الدولية اليوم حشرت امريكا في زاوية اخلاقية حرجة ,فقد حاولت أن تسير في وهم السيطرة على النظام الدولي , فوقفت لها روسيا والصين بالمرصاد فعجزت , فبرز سؤال تحديث أسس ومبادئ النظام الدولي وهو سؤال ظلت أمريكا تهرب من استحقاقه منذ زمن , أسس الاستغلال الذي مارسته أمريكا على شعوب وانظمة العالم كشفت روسيا اسراره اليوم عن طريق الأدلة الدامغة التي حصلت عليها من المعامل البيولوجية في أوكرانيا , كل فرص الاستغلال أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والتداعي والسقوط وبها ومن خلالها سوف يتداعى النظام الدولي القديم الذي تقوده امريكا حتى يصبح أثرا بعد عين .
من الصعب أن تبني نظاما عاما وطبيعيا في العالم ولكن من السهل ان تهدمه , وكما عملت أمريكا على هدمه في دول الربيع العربي حتى يسهل عليها فرض السيطرة على الحكومات والهيمنة على الشعوب ها هي تتجرع وباله سما ناقعا من روسيا اليوم , وغدا تتجرعه في الصين وكوريا وفي كثير من بقاع العالم التي كانت ترى أنها تحكم السيطرة على مقاليدها وبالتالي تحدث من خلالها لعبة التوازنات والضغوط حتى تمارس غواية الاستغلال .
قد لا يرى الكثير الأثر المباشر ليوم الصمود اليمني في وجه جبروت أمريكا لكن قيادة امريكا للعدوان على اليمن واستخدامها لكل تقنيات الاسلحة في اليمن جعل منها كتابا مفتوحا ومقروءا , فالذي كان يتصورها حالة غير قابلة للقهر وجد فرصته ليغير من هذا التصور , والموضوع يمتد لشمل محور المقاومة كله , فالقراءة التحليلية قادرة على سبر الغور للوصول الى قرار كالذي حدث مع روسيا التي دخلت الى الخيار العسكري في أوكرانيا وهي على أدراك كامل لقدرات العدو من خلال التدخل المباشر في سوريا .
نخلص الى القول أن محور المقاومة الاسلامية صنع واقعا جديدا وخدش وجع امريكا القبيح , والسؤال هل سيكون لمحور المقاومة حضور فاعل في صناعة نظام دولي جديد يحترم حقوق الشعوب في العيش الكريم ؟ .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا