تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة اكسفورد(5)
كانت "سلة الخبز" اليمنية هي المنطقة الجبلية حول تعز وإب وجبلة مع المنطقة الأقل خصوبة في الحجرية وهي اليمن السفلى،
يبلغ معدل هطول الأمطار بالقرب من إب حوالي 1000 ملم سنويًا، الجبال متدرجة والقدرة الإنتاجية هائلة والثروة الزراعية في المنطقة إن لم يكن هناك شيء آخر تجعل من هذه المنطقة هي اليمن الحقيقي، المنطقة الواقعة غرب صنعاء كانت تزدهر فيها زراعة البن وكان سكان المناطق الشمالية يسمون هذه المنطقة باليمن ويقصدون اليمن السفلى وربما اشتقت من اليمين او على يمين شبه الجزيرة العربية.. وإلى الجنوب يقع ميناء عدن عين اليمن كما كان يُطلق عليه أحيانًا والذي من المحتمل أن يربط جنوب غرب شبه الجزيرة العربية بالتجارة المحيطية، المجموعة التي سوف تسيطر على الميناء والمنطقة الزراعية سيكون لديها مقومات لقاعدة ضريبية صلبة على الرغم من أنه لم يستغل أي شخص منذ السلالة الرسولية في القرن الرابع عشر هذه الإمكانية بجعل اليمن السفلي مسيطرة على بقية مناطق اليمن الاخرى، في الشمال تقع اليمن العلوي وهي بيئيا اكثر فقرا من اليمن السفلى وتضم صنعاء وعلى مسافة منها حوالي سبعة ايام سيرا على الاقدام تقع صعدة كانت المركز الأصلي للأئمة الزيديين يتعلق جزء كبير من التاريخ اليمني بالمحور الشمالي الجنوبي على طول العمود الفقري الجبلي من هناك إلى المنطقة الزراعية بالقرب من تعز في مرات عديدة كان الشماليون يغزون اليمن السفلى وفي اغلب الاحيان كانو يرتحلون نحو الجنوب بسبب القحط وقلة الامطار في صعدة متوسط هطول الأمطار في صعدة هو ربع ذلك بالقرب من إب وتم اندماجهم ببساطة في اليمن السفلي ومع ذلك لم يتحرك الناس في الاتجاه المعاكس.. لم تكن العلاقة بين قطبي المرتفعات متناظرة ، وكان بين كبار ملاك الأراضي في اليمن السفلي في السنوات التاليه عائلات من أقصى الشمال إلى الشرق من السلسلة الجبلية يقع وادي الجوف ومأرب وهو موقع مدينة عظيمة قبل الإسلام ولكن بحلول عام 1900 لم تكن هناك قرى في منطقة البدو الرحل، الإمام يحيى فرض سيطرته على مأرب في عام 1909م على منطقة شرق مأرب التي تعرف بوادي حضرموت الهضبة التي يمر عبرها الوادي قاحلة لكن الوادي نفسه يسمح بالزراعة المكثفة وخاصة حضرموت.. يرتبط التاريخ ارتباطًا وثيقًا بالهند وجنوب شرق آسيا وزير خارجية إندونيسيا لسنوات عديدة علي العطاس جاء من عائلة حضرمية قديمة تعود هذه الروابط إلى القرن الخامس عشر ومع ذلك فقد ارتفع عدد الحضارمة في جزر الهند الشرقية الهولندية ثم أيضًا في سنغافورة، بشكل كبير في القرن التاسع عشر وجعلوا أجزاء من هذه المنطقة غنية في حين كانت المجموعات الأخرى موجودة في أماكن أخرى في جزر الهند او العالم العربي أو شرق إفريقيا أو الهند ربما كان ربع السكان (جميعهم تقريبًا من الذكور) في خارج اليمن بدون تحويلات المهاجرين لم تكن الدول في المنطقة قادرة على البقاء ، ولكن مع هذه التحويلات كانت بعض العائلات ثرية وفقًا للمعايير الأوروبية.. كانت المناطق الأقل إنتاجية في حضرموت موقعًا لنظام قبلي قوي اما المناطق المحيطة بصنعاء وشمالًا فقد سيطر عليها أئمة زيديه لقرون كان جوهر الزيدية أن الحكم الشرعي ينزل من سلالة النبي من نسل ابنته فاطمة وصهره علي بن أبي طالب وعادة ما يُطلق على أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم السادة او الشرفاء، بدأ مشروعهم في الأجزاء الشمالية من اليمن في عام 896 حول مدينة صعدة من قبل الإمام الأول الهادي وفي بعض الأحيان حكموا مناطق شاسعة ، وكان الأئمة رجال علم ورجال سيف بالإضافة إلى الاصلاح كان القاسمي في القرن السابع عشر قد سيطر لفترة وجيزة على معظم اليمن (حتى حضرموت لعدة سنوات)، وبعض الأئمة السابقين كانو أقل حماسا لتاسيس دولة كانوا رجال علم فقط كان السادة مهمين في الجنوب أيضًا ،لا سيما في حضرموت. هناك تم تأسيس وجود الزيدية عام 952 من قبل مهاجر من العراق يدعى احمد عيسى لكن المشروع الذي بدأه كان مختلفًا تمامًا عن ذلك في أقصى الشمال على عكس المذهب الزيدي كان المذهب الشافعي لم يكن يملك اي قوة ولم يكن له اي طموح للوصول الى السلطة. اليمن السفلي (تعز وإب والحجرية) كان أيضًا شافعي حتى القبائل التي انتقلت من شمال اليمن اصبحت شافعية بمرور الوقت وقبل الهجرات من شمال اليمن كان عدد الشافعية محدود جدا مع ذلك كانت تأثير الزيدية موجود في هذه المناطق وكان يتمحور حول الوساطات القبيلة والاماكن المقدسة والقضاء على طول ساحل البحر الأحمر، يوجد سهل يسمى تهامة وهو هامشي للسياسة اليمنية وليس له دور يذكر في مراحل تاريخ اليمن السياسية ولكن كل من زار تهامة من المستشرقين اعجبو جدا باخلاق سكان هذه المنطقة وما يميزهم هو الصدق والكرم سكان تهامة شافعيين وكانت إحدى مدنهم زبيد ولا تزال حتى أوائل القرن العشرين مركزًا للتعليم الديني كانت مشهورة أيضًا بنسيجها واصباغها باللون النيلي كانت تهامة مزدهرة تمامًا وفقًا لمعايير ذلك الوقت مع عدد سكان ربما 8000 نسمة على الرغم من أن تجارتها كانت تتجه نحو ميناء الحديدة وبلاشك كانوا أقوياء ولم يسيطر عليهم الأتراك أبدًا ومع ذلك لم يكونوا لفترة طويلة يشكلون تهديدًا لسكان المرتفعات كما فعل سكان المرتفعات بهم تطل الجبال الغربية وهي التي تسكنها قبائل الزيدية في الشمال والشافعية في الجنوب على تهامة وعلى طول الجبل المتدرج على التلال توجد قرى صغيرة مبنية من الحجر وعادة ما تكون هذه المنازل المحصنة المكونة من ثلاثة أو أربعة طوابق متشابهة والتي تميز المرتفعات من حوث حتى تعز يتم الاحتفاظ بالحبوب والماشية في الطابق الأرضي بينما اكتظت الأسرة بغرف صغيرة في الطوابق العليا.
من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي من صعدة ونجران إلى حضرموت نلاحظ بنية متعددة الطوابق من الطين يوجد على طول ساحل البحر الأحمر مجمع معماري ثالث حيث المنازل منخفضة من الطين والشعاب المرجانية أو المجمعات المبنية من الأحجار والأشواك تشبه المساكن على ساحل شرق إفريقيا المسلمة.. ومع ذلك، لم يكن هناك الكثير من الخيام في أي مكان، تتداخل بعض القبائل في الشرق مثل دهم بكيل مع العالم البدوي العربي الشمالي وتزعم قبائل معينة في شمال الجزيرة العربية أصولها يمنية لكن اليمن كانت في الأساس بلدًا زراعيًا وكان معظم الرعاة تابعين أو مهمشين للقبائل الزراعية الذين هم هم أنفسهم غالبًا ما يمتلكون كميات كبيرة من الماشية.. تنمو أشجار النخيل بكثافة في وادي حضرموت وفي مواقع قليلة أخرى كان الوادي يتغذى بالفيضان وكذلك الوديان التي كانت تجري جنوبًا إلى لحج وشرقًا إلى مأرب، وغربًا من الجبال إلى ساحل البحر الأحمر، حيث كان المحصول الرئيسي غالبًا الدخن أو الذرة مقاومة للجفاف يجد المرء أنه في كل مكان تقريبًا في اليمن، بما في ذلك المرتفعات، حيث لا يمكن الاعتماد على الأمطار في كل مكان تقريبًا وكان الجفاف بمثابة خوف دائم في المرتفعات يجد المرء أيضًا القمح والشعير إلى جانب الكميات الصغيرة من الخضار والسمسم للزيت والنيلي للصباغة وبعض التبغ في الأراضي المنخفضة كمحصول نقدي اعتمد اليمن إلى حد كبير على الحبوب وكان الخبز أو العصيدة هو ما يعيش عليه معظم الناس حول الساحل يصطاد الناس في الجبال كان يفضلون أكل لحم الضأن.